تعددت أساليب وأنواع الاجرام التي نفذت في بلاد الأمن والأمان، البلاد التي اتصلت أرضها بسمائها بتنزل الوحي على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. بلاد الحرمين الشريفين مكةالمكرمة، والمدينة المنورة.. البلاد الحبيبة إلى كل قلب محب للأمن والوئام والسلام.. المملكة العربية السعودية، ونفذها متربصون يجددون أساليبهم ويبدلون أقنعتهم بين الحين والآخر واستدرجوا فئة من الشباب المراهقين إلى أقبية مظلمة، وبدأوا في تنفيذ أعمالهم الإرهابية الإجرامية من تفجير وقتل للأنفس البريئة المعصومة من مختلف الأعمار، وتدمير الممتلكات وكأنهم لم يسمعوا بحرمة النفس البشرية، سواء كانت مؤمنة بالله مسلمة، أو نفس معاهد أو ذمي.. قال تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً}. وقال صلى الله عليه وسلم (لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) رواه البخاري. وفي الحديث الآخر: «من قتل معاهداً أو ذمياً لم يرح رائحة الجنة». إن الجرم المتعدد الذي قامت به هذه الفئة الضالة يعتبر تبديداً للضروريات الخمس التي جاء الإسلام من أجلها وللحفاظ عليها وهي: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال. نعم.. إنه جرم مركب أو متعدد قتل للأنفس البريئة التي حرم الله، واهلاك للحرث والنسل، وتبديد للأموال، والحاق الأذى بأسرة المجرم، حيث تسبب هذه الانفجارات لهذه الأسرة الكثير من الغم والهم والأذى المستمر فكأن هذا الابن العاق وصمة عار لوالديه وأسرته ولمن يحيط به من جماعته وهم منه براء، والتفجيرات وسفك الدماء المعصومة لا تصدر إلاّ من شخص أو أشخاص فقدوا آدميتهم فضلاً إنسانيتهم وأمانتهم وديانتهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى خلق الحياة بالحق وكذلك كل ما في الوجود من أرض وسماء سواء الأرض التي نعيش فيها وكذلك بقية الأحياء الأخرى من حيوان ونبات وكائنات وغيرها من ملايين الكواكب التي لا يحيط بها إلاّ الله سبحانه وتعالى، وكذلك السموات، وما فيها من مخلوقات، كلها خلقت بالحق وعلى الإنسان - أنا وأنت وهو وهي - ان يتعرف على الحق، وبداية يجب ان أعرف ان الحياة التي وهبها الله لي وللخلق ليس لي الحق في التصرف بها كيف أشاء، ليس من الحق ان أزهقها نتيجة فكرة عنت لي أو نقلها لي آخرون، ليس من الحق ان أحجب عقلي على هذه الفكرة أو هذا الاتجاه واختاره ليحدد حاضري ومستقبلي وآخرتي وبالتالي أضحي في سبيله بحياتي.. حيث ان اقتناعي اليوم بهذا الاتجاه يتغير غداً ومعلوم ان مشاعر الغضب والحقد مشاعر لا تدوم حيث يأسف الإنسان على التصرفات الناتجة عنها بعد فترة وقد لا يفيد الأسف، وإن الاقدام على ازهاق الأنفس - بما فيها نفس المنتحر - ناتجة عن مشاعر الحقد والغضب والقلق.. وهي تبدد الأمن والسلام والاستقرار من العقل، وهي كذلك نتاج فساد حياة هذا الفرد أو الافراد، والانحراف وراء رغبات النفس مع ان جهاد النفس ومعرفة الحق قوة تنطبع في سلوك الشخص تجعله على ثقة من قوله وعمله وتجعله رجل مبدأ متميز يعيش حياته على بصيرة إن رأى الناس على بصيرة فهذا هو المطلوب والا نأى بنفسه عنهم ولا تؤثر فيه فئة بحيث تحدد مصيره. لذا يجب ان يسأل الشخص أو الفئة المتفردة برأيها واتجاهها: 1- ما الأهداف التي أسعى لتحقيقها؟ وما أثرها على حياتي؟ وحياة أسرتي بعدي؟ 2- ما العواقب التي تنتظرني عاجلاً في الحياة الدنيا؟ وما العواقب في الحياة الآخرة؟ لذا فإنه علي ان أتغلب على نفسي وأجاهدها لأن الأفكار التي تؤدي إلى ازهاق الأنفس وتحت أي مسمى ناتجة اتباعاً لهوى النفس وعدم تحكيم العقل، لأن الاستهانة بالأرواح ومنها روح الشخص الذي اقترف جريمة بالشكل الذي نراه في الأحداث الأليمة في الرياض أو في الخبر أو في ينبع التي استهدفت أرواح الأبرياء والممتلكات وهي عمل لا يمت إلى الدين الإسلامي الحنيف بأي صفة أو الأعراف أو القوانين الدولية أو أصحاب العقول والأفكار النيرة؛ لأن الترويع واهدار الأنفس بهذا الشكل الشنيع ناتج عن أفكار قاتمة، وخواطر سوء وتفضي هذه الأفكار إلى ضرب من الفرقة والبلبلة، والتدابر حتى بين أصحابها، ذلك لأنها ناتجة عن إعجاب كل ذي رأي برأيه، ورأي من يتعامل معه واتباع رأي الغير دون تثبت خطأ كبير. قال صلى الله عليه وسلم: (لا يكن أحدكم إمعة، يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا اسأت.. ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس ان تحسنوا، وإن أساءوا ان تجنبوا إساءتهم). رواه الترمذي في السنن. إن الإنسان الذي تفيض عاطفته بالزراية وتمتلئ بالقسوة، مثال واضح على الانحراف والإساءة واهدار القيم، وهذه الفئة الحاقدة قلّ أفرادها أو كثروا تنكبوا الطريق الصحيح مهما كانت الأهداف التي يسعون لتحقيقها، حيث ان العنف والقتل والتدمير وانتهاك الحرمات وترويع المواطنين في مساكنهم وفي طرقاتهم وفي عملهم، تصدر من فئة يائسة من الحياة، وغير واعية لخطورة عملها هذا النابع من أفكار شريرة يدفعها الحقد ومعاداة الدين الإسلامي الحنيف، دين السلام والمحبة والوئام في البلد الحرام الذي ينعم بالأمن والاستقرار والأمان، حيث ان الأمن والحفاظ على الأرواح والممتلكات مسؤولية الجميع حكاماً ومحكومين، يسعى كل فرد لتحقيق الأمن الشامل، وهو مسؤولية عظمى يتحملها كل شخص في المملكة العربية السعودية، وأهمها: الابلاغ عن أي تجمع مشبوه أو أي فرد تسول له نفسه وظهرت علامات عليه تدل على عدم سلامة تصرفاته، كما ان كل ولي أمر أو أي عضو من الأسرة غاب عنها أو ظهر ارتياب في تصرفاته.. وجب اشراك المسؤولين عن الأمن باشعارهم بذلك حيث ان ذلك يعتبر من مسؤوليات الرعاية كما ورد في الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته». وليس هناك عاقل له أدنى قدر من التفكير السليم، ان ينحاز إلى مجموعة مغلقة في الخفاء ويتخلى عن عامة المسلمين وجماعتهم، ولا تنفع مع هذا الفرد عمليات التنديد والشجب والاستنكار، بل ان كشف هذه الفئة مسؤولية الجميع وعند ما يتحول المواطنون جميعاً ومن هم في ضيافة المملكة العربية السعودية عند ما يتحول الجميع إلى البحث عن هؤلاء المجرمين سيتم كشفهم وبالتالي سيتم حقن دماء الآمنين، وردم جحور الفئة الضالة المنحرفة، وكشف المسارات المظلمة التي تخفيهم، ومعرفة المخططين لهذا العمل وإنتماءاتهم، بل ومعرفة من يتستر عليهم أو يشك في عدم اجرامهم وتخريبهم وافسادهم. وأخيراً فإن جميع التفجيرات والحوادث الأليمة التي تعرضت لها بلادنا الحبيبة وإن كانت مؤلمة ومؤثرة إلاّ أنها زادت من تماسك الجميع حيث وقف سكان المملكة العربية السعودية صفاً واحداً، يحيط بالقيادة اعتزازاً بها وخلف ولاة الأمر، وكل فرد من السكان حارس أمين على منجزات الخير، ويعترف لأهل الفضل بفضلهم وجهودهم الجبارة في التأسيس والبناء، والتحديث في كل المجالات المعاصرة في التربية والتعليم والتخيطيط والاقتصاد والبناء مع تطبيق شرع الله، إضافة إلى الخدمات التي قدمت بلا حدود للحرمين الشريفين بمكةالمكرمة والمدينة المنورة، وصلى الله على سيدنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. الرحمة المهداة.