قدم زياد الرحباني في حفلاته الناشطة بين دمشق وأبو ظبي وبيروت برنامجاً غنائياً موسيقياً كما عادته في ترتيب أعماله وتقديمها عبر توزيعات جديدة، وطرق أداء تنشد الإتقان والدقة. وفي أسطوانة " دمشق 2008" الصادرة جديداً تسجيلاً حياً لحفلته الدمشقية مع فرقة موسيقية مطعمة بعازفين من لبنان وسوريا وفريق من الكورال النسائي والرجالي. احتوت 13 عملاً توزع بين الأغنية والمقطوعة الموسيقية، وبين أغنية معادة لسواه، أخذت من أسطواناته ومسرحياته خلال فترة ثلاثة عقود هي فترة عمله في الفضاء الثقافي اللبناني. وتلك الأعمال على النحو التالي: مقدمة 83، بلا ولا شي، بما إنو، راجعة بإذن الله، بالنسبة لبكرا شو- 2، إن شاء الله ما بو شي، أهو دا اللي صار (لسيد درويش)، الشرق الأوسط ( وقمح)، مش قصة هاي، شو هالأيام ؟، أبو علي، عايشة وحدا بلاك، عودك رنان. وقد أدى سابقاً تلك الأغنيات الموضوعة في برنامج الحفلة أصواته الكبيرة: فيروز وجوزيف صقر وسامي حواط، في أسطوانات ومسرحيات وضعها زياد كلاماً وتلحيناً، مثل: "بالنسبة لبكرا..شو؟ 1978، فيلم أمريكي طويل 1980، هدوء نسبي 1985، أنا مش كافر 1985، معرفتي فيك 1987، كيفك إنت 1991، ولا كيف 2001 "، وفي برنامجه هذا أعاد توضيبها للكورال النسائي والرجالي. لقد خلص زياد رحباني، باعتبار قدري أن الموسيقى هي وسيلته في التفكير والتعبير ، والموهبة شرط أكملته فرص التعليم والتدريب على آلتي البزق والبيانو، وانضاف إلى هذا خبرة طويلة بين العزف سواء في الاستوديو أو الحفلات، والتأليف الموسيقي سواء للمسرح أو للأسطوانات، وكتابة الأغاني والبرامج الإذاعية، وكتابة المقال الأسبوعي، وتأليف المسرحيات إضافة إلى التمثيل -وهو ممثل كوميدي كبير- والإخراج. وتنكب زياد مهمة وضع حلول عبر النظرة النقدية في مشكلات تركها عالقة الموسيقيون العرب، ومنهم والده وعمه الأخوين رحباني، وهي ثنائية الريف المدينة والشرق والغرب، إلا أنه استثمر المعطيات التي تجوهلت جهلاً وقصداً التي وضعها كل من محمد القصبجي وزكي ناصيف وأحمد الزنجباري نظراً لصعوبتها في استنباط العلم الموسيقي من داخل الموسيقى العربية لا من خارجها. وهذه الأسطوانة بموسيقاها ذات المرارة مثل "وقمح" أو سخرية أغنياتها "شو هالأيام، مش فارقة معاي، راجعة بإذن الله" تشهد على ذلك عوضاً عن التجاوب الفظيع لأعماله حتى أن الحضور يعرف المقطوعات الموسيقية من أولى ضربات أو نقرات الآلات، والأغرب من نقرة إيقاع لا ضربة آلة وترية!. ولم يترك زياد لتوقع الحضور أن يهنأ بمعرفته المطلقة، وحفظه المذهل لأعماله ومشاركة الكورال كل أغنية حين جعل نهاية أغنية "عودك رنان" بزغرودة بدلاً من تكرار عبارة "عيدا كمان" حتى التسليم! وبين ذا وذاك ينكشف أن زياد، وجيله، ونحن من لحقناهم، في خندق الإحباط والمرارة من وضعنا العربي نردد مجدداً منذ نهاية الربع الأخير من القرن الماضي وبداية القرن الجديد: "راجعة بإذن الله .. إذا ما إجا شي من الله جربنا نتكل عليكن .. عدنا.. اتكلنا ع الله.. راجعة بإذن الله ..على أنحس بإذن الله لا تفكرها عم تقدّم...راجعة بإذن الله... يا بلدٌ يحسدنا أجانب..عا مناخو و عا هواه يا شعبٌ منقلبٌ حرٌ.. كل واحد عايش عا هواه سامحهم يا أبتاه... يا أبتاه.."