وابتلعت الأرض ماءها .. بعد أن جفت الدموع .. وتنادى في وجداننا صوتُ الحياة.. نهضنا من تحت ركام الفاجعة حاسري الرؤوس : الله جاب .. الله أخذ .. الله عليه العوض .! *** إلى أهلنا في ( فاجعة جدة ) : يا أحبتي .. لا تجعلوا هذه الذكرى الأليمة تعبث برؤوسكم .. دائما هناك ضوء في آخر النفق . علينا أن نخطو نحوه الآن .. في هذه اللحظة .. وليس بعد قليل .. إن هذا ال ( بعد قليل ) ، يمكن أن يتمطى .. ويتمدد .. إلى أن يذهب معه العمر كله !! تذكروا حتى في أقسى حالات الفقد أن من خلق ( الموت ) هو الذي وهب لنا هذه الحياة ، بأجمل من فيها وما فيها .!! *** إن كلمة حياااااا ة .. تمتد بحروف التنفّس .. تملأ الرئتين بهواء يمتزج بشلالات الدم، فينعش قلوبنا التي لا تكف عن الركض .. ولا تغمض لها جفون في لحظة من سواد الليل أو بياض النهار.! *** من ذا الذي يرغب في أن يبكي العمر كله ؟! مؤكد هو ذلك الذي قرر بإرادته أن يعيش ( أمس ) .. ويلغي (اليوم وغداً) .! على مقربة منكم أفاض الناس .. طوفاناً من أفئدة طافت بالبيت ، في أنجح موسم حج .. يأتي في وقت كان أهلنا في الجنوب يذودون عن هذا التراب ويروونه بدمائهم .. ولقد كان كل ذلك شهادة جدارة واستحقاق لمواطن هذا البلد الذي ارتفع فوق جراحه وآلامه .! *** وشكرا لك يا أبانا الطيّب .. فلقد عرفناك ، حتى قبل أن تتداعى إلينا الملمات .. وخبرناك عاليَ الجبهة .. أبيض الوجه .. نديّ الكف .. ونشهد الله أنك قد أبرأت ذمتك ، ولم يبق إلا أن يفر إلى الله أهل الذمم : *** ما ضرنا، إن ظل هذا الماء في أفواهنا زمناً ولم نُحر الجواب ؟! فلقد أتى فصل الخطاب .. لله درك ، يا سيد الوطن المنيع .! لقد نطقتَ بهمّنا .. ووضعت فوق الجرح كفّك .!