الأمر التاريخي الحازم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله يوم الاثنين الماضي بشأن الأحداث المأساوية التي نتجت عن هطول الأمطار على محافظة جدة، كان هذا الأمر - بنصه وروحه - بلسماً على قلوب المواطنين والمقيمين، فما يخرج من القلب يدخل القلب، وما يخرج من اللسان لا يتعدى الآذان، كان أمره - حفظه الله - شفاء للمواطنين والمقيمين، وصدمة كبرى على الفاسدين.. والجميع يعلم من أصدر الأمر.. إنه عبدالله بن عبدالعزيز الذي إذا قال فعل، والذي لا يخشى في الله لومة لائم، والذي بنى المؤسسات والجامعات، وجعل المملكة العربية السعودية عملاقاً اقتصادياً دولياً محط أنظار العالم واحترامه.. إنه عبدالله بن عبدالعزيز الذي وقف ويقف مع كل المواطنين والمقيمين في السراء والضراء، فهو يحبهم وهم يحبونه ويدينون له بخالص الولاء، ويعلمون انه يقودهم بفضل الله جل وعلا.. إلى غد أفضل، ومستقبل أجمل، بمؤازرة سمو ولي العهد وسمو النائب الثاني وأبناء عبدالعزيز الميامين الذين هم في وطننا كالجبال تمسك الأرض ان تميد بحول الله وعظمته ثم بالتفاف جميع المواطنين مع هذه القيادة الحكيمة الحازمة التي جنبتنا - على مر تاريخنا - كل المآسي التي مر بها عالمنا المعاصر، وبنت لنا أعظم إنجاز تنموي في قارة كانت مجرد صحراء قاحلة، فأصبحت من مفاخر الدول الحديثة.. والذي يقرأ نص الأمر الملكي الكريم حول فاجعة جدة، يحس بالأمر يتغلغل في خلاياه وحناياه كالأكسجين الذي يهب الحياة بإذن الواحد الأحد..: ".. بعد أن تابعنا ببالغ الحزن والألم الأحداث المأسوية التي نتجت عن هطول الأمطار على محافظة جدة وما أدت إليه من وفيات تجاوزت مئة شهيد وإصابة الكثيرين إضافة إلى العديد من التلفيات والأضرار البالغة على المنشآت العامة والممتلكات الخاصة، وبعد أن قمنا بواجبنا في حينه بتوجيه الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك وبشكل عاجل جداً. وكنا على اتصال مع المسؤولين بمتابعة هذا الأمر أولاً بأول واتخاذ ما يلزم في حينه، وإنه ليحز في النفس ويؤلمها أن هذه الفاجعة لم تأت تبعاً لكارثة غير معتادة على نحو ما نتابعه ونشاهده كالأعاصير والفيضانات الخارجة وتداعياتها عن نطاق الإرادة والسيطرة، في حين أن هذه الفاجعة نتجت عن أمطار لا يمكن وصفها بالكارثية، وإن من المؤسف له أن مثل هذه الأمطار بمعدلاتها هذه تسقط بشكل شبه يومي على العديد من الدول المتقدمة وغيرها ومنها ما هو أقل من المملكة في الإمكانات والقدرات ولا ينتج عنها خسائر وأضرار مفجعة على نحو ما شهدناه في محافظة جدة وهو ما آلمنا أشد الألم. واضطلاعاً بما يلزمنا واجب الأمانة والمسؤولية التي عاهدنا الله تعالى على القيام بها والحرص عليها تجاه الدين ثم الوطن والمواطن وكل مقيم على أرضنا فإنه من المتعين علينا شرعاً التصدي لهذا الأمر وتحديد المسؤولية فيه والمسؤولين عنه - جهاتاً وأشخاصاً - ومحاسبة كل مقصر أو متهاون بكل حزم دون أن تأخذنا في ذلك لومة لائم تجاه من يثبت إخلاله بالأمانة والمسؤولية الملقاة عليه والثقة المناطة به، آخذاً في الاعتبار مسؤولية الجهات المعنية كل فيما يخصه أمام الله تعالى، ثم أمامنا، عن حسن أدائها لمهماتها ومسؤولياتها، والوفاء بواجباتها، مدركين أنه لا يمكن إغفال ان هناك أخطاءً وتقصيراً من بعض الجهات، ولدينا الشجاعة الكافية للإفصاح عن ذلك والتصدي له بكل حزم، فهؤلاء المواطنون والمقيمون أمانة في أعناقنا وفي ذمتنا، نقول ذلك صدقاً مع الله قبل كل شيء، ثم تقريراً للواجب الشرعي والنظامي، ونحمل تبعاته، مستصحبين في ذلك تبرؤ النبي صلى الله عليه وسلم من صنع بعض أصحابه فيما ندبهم إليه، لذا، وامتثالاً لقوله تعالى: "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا". ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته". وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة أمرنا بما هو أت: أولاً: تكون لجنة برئاسة صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكةالمكرمة وعضوية كل من 1- معالي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، 2- مندوبين من وزارة الداخلية وهم (مدير عام المباحث الإدارية ومدير مباحث منطقة مكةالمكرمة) 3- مندوب على مستوى عال من الاستخبارات العامة، 4- وكيل وزارة العدل، 5- نائب رئيس ديوان المراقبة العامة المساعد. ثانياً: تقوم اللجنة حالاً بمباشرة المهمات والمسؤوليات الآتية بتفرغ كامل: 1- التحقيق وتقصي الحقائق في أسباب هذه الفاجعة، وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص ذي علاقة بها، 2- حصر شهداء الغرق والمصابين والخسائر في الممتلكات، 3- على وزارة المالية تعويض المتضررين في ممتلكاتهم وفقاً لما تنتهي إليه اللجنة، 4- للجنة تكوين لجان منبثقة وفرق عمل لتسهيل مهماتها، ولها في ذلك اتخاذ جميع ما يلزم من إجراءات لتسهيل أداء عملها، وعلى جميع الجهات الحكومية الالتزام التام بالتعاون مع اللجنة وتسهيل مهماتها بما في ذلك تقديم جميع ما تحتاج إليه من معلومات وبيانات ووثائق، 5- على اللجنة ايضاً الرفع إلينا فوراً عن أي جهة حكومية لا تلتزم بذلك، وللجنة كذلك استدعاء أي شخص أو مسؤول كائناً من كان بطلب إفادته أو مساءلته عند الاقتضاء، كما للجنة الاستعانة بمن تراه من ذوي الاختصاص والخبرة، 6- على اللجنة الرفع لنا بما تتوصل إليه من تحقيقات وتوصيات بشكل عاجل جداً، وعليها الجد والمثابرة في عملها بما تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل، وهي من ذمتنا لذمتهم، مستشعرة عظم المسؤولية وجسامة الخطب. ثالثاً: على وزارة المالية - حالاً - صرف مبلغ مليون ريال لذوي كل شهيد غرق، أكرمه الله بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والغريق شهيد". على ضوء ما يرد للوزارة من الأسماء المحصورة من قبلها. رابعاً: يبلغ أمرنا هذا للجهات المختصة لاعتماده وتنفيذه حالاً". نعم.. إنه عبدالله بن عبدالعزيز.