محاريب المسجد النبوي لمسات معمارية إسلامية ميزتها النقوش والزخارف البديعة    ارتفاع أسعار النفط    السفير المناور يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه سفيرًا لدى المكسيك    الكشافة يقدمون خدماتهم لزوار المسجد النبوي    منتدى منافع الثالث يعزز الاستدامة والاستثمار في خدمة ضيوف الرحمن    جمعية حفظ النعمة تحفظ فائض وجبات الإفطار في المسجد النبوي الشريف    المملكة ترحب باتفاق ترسيم الحدود بين جمهوريتي طاجيكستان وقرغيزستان    الفتح يتغلب على الرائد بثلاثية    ولي العهد‬⁩ والرئيس الروسي يستعرضان هاتفيا جهود حل الأزمة الأوكرانية    موسم الرياض يرعى نزال كامبوسوس جونيور ضد يوردان.. ونيكولسون تدافع عن لقبها العالمي في أستراليا    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    أمير منطقة المدينة المنورة يطلق حملة "جسر الأمل"    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    تحقيق أممي: الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين    اكثر من 100 معاملة يتم إنجازها يومياً بالمنطقة عبر مبادرة الفرع الافتراضي    أمانة القصيم تُعلن جاهزيتها لانطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية"    جمعية العناية بالمساجد " إعمار " تنفذ برنامج " سقيا المصلين "    قطاع ومستشفى بلّحمر يُنفّذ حملة "صُم بصحة"    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل حملة "صُم بصحة"    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بيوم العلم السعودي بسباق "راية العز"    جامعة أمِّ القُرى تحتفي بيوم العَلَم    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين وأمام سمو ولي العهد.. السفراء المعينون حديثًا لدى عدد من الدول الشقيقة والصديقة يؤدون القسم    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    محافظ الطائف يناقش تقرير لجنة الأسواق الشعبية    "بسطة خير السعودية" تنطلق لدعم 80 بائعًا متجولًا بالشرقية    مجندات الوطن    قوة دعم الحرم للدفاع المدني تواصل جهودها في الحرمين الشريفين    تصدع الأرض ..صمام الأمان    إنشاء وزارة كفاءة الحكومة.. الأمر التنفيذي الأهم لإدارة ترمب    رمضان والحنين..!    العلا.. تضاريس ساحرة ونخل باسق    الإذاعة السعودية.. ماضٍ عريق وإرثٌ خالد    في معنى التأمل    كرة القدم والغوغاء    النفوذ الصيني في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأميركي    عَلَم التوحيد    مكة في عهد يزيد بن عبدالملك بن مروان.. استقرار إداري رغم التحديات السياسية    طيبة الطيبة.. مأرز الإيمان    لا منتصر بحرب الرسوم    مبيعات كمبيوترات «الذكاء الاصطناعي» تقفز 51 مليار دولار    المشي في رمضان.. رياضة وصحة    نصائح لمرضى الكلى في رمضان.. يجب الالتزام بأساليب التغذية السليمة    بريد القراء    تزامنًا مع يوم العلم السعودي.. "بِر جازان" تطلق مبادرة "حراس الأمن في عيوننا"    حمدالله يقود الشباب لاكتساح العروبة    أكاديمية مسلية تتوج بالبطولة الرمضانية بفئاتها الثلاث    الصين تتفوق عسكريا على أمريكا    تسلا تحذر من أنها قد تصبح هدفا لرسوم جمركية مضادة    خناقة بمسجد!    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    ارتفاع الفائض التجاري للمملكة خليجياً    أمير القصيم يزور شرطة المنطقة ويشارك رجال الأمن مأدبة الإفطار    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    دلالات عظيمة ليوم العلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« دبي » الأزمة المالية من جديد .. عجز في السداد .. وعدم وضوح الرؤية .. والحلول والمنقذ من سيكون ؟!
صفارات الإنذار تطلق من جديد
نشر في الرياض يوم 29 - 11 - 2009

الأزمة المالية العالمية بدأت في شهر سبتمبر 2008 ، وكانت الشرارة الأولى بدأت بإعلان إفلاس بنك " ليمان برذرز " ثم تبعها العديد من البنوك والشركات العملاقة وغيرها ، ولعل أشهرها شركة جنرال موتورز وشركة aig للتأمين ، واستمرت تداعيات الأزمة المالية العالمية خلال فترة الرئاسة للرئيس الأمريكي جورج بوش والذي اعتمد خطة إنقاذ تقارب 780 بليون دولار ، وتركزت الأزمة المالية في صلب القطاع المصرفي من خلال الرهن العقاري والائتمان تحديدا ، وهذا ما أدى حتى اليوم إلى إفلاس ما يقارب 120 بنكاً أمريكياً وهو رقم صغير جدا في ظل وجود أكثر من 7000 بنك أمريكي . وضرب أيضا صلب قطاع التأمين ، وشركات التمويل العقاري ، وهذا يضع التركيز على قطاعين التمويل من بنوك وشركات وقطاع التأمين ، وهذا ما سبب أزمة حقيقية للقطاعين والاقتصاد الوطني الأمريكي والعالمي ككل ، وبدأت حملة إنقاذ من خلال ضخ حكومي " أسرف " بالدعم بلا حدود رغم التكلفة المستقبلية لهذه المديونيات التي ستكون واجبة السداد خلال الفترات الزمنية القصيرة ، ولكن لم تحل كل عمليات الدعم الحكومي إلا أزمة أسواق المال لا الشركات ولا البطالة أو الطلب المحلي الضعيف ، فالبطالة ارتفعت وضعف قوة الطلب المحلي ، وتداعيات الأزمة المالية مستمرة فلازال القطاع المصرفي حتى الآن يعاني من عدم القدرة على الحصول على أمواله التي أقرضها . معالجة المشكلة ركزت على التمويل بقروض وفوائد، وهذا يعني أنها واجبة السداد ومعظمها قصيرة الأجل وهذا يعني الافتراض أن الأصول التي انخفضت أسعارها بأكثر من 50% سوف تتحسن ، ولكن الواقع يقول إنها تحسنت ولكن لم تصل للمستويات السابقة والفوائد لا تتوقف ،وهذا ما يصعب الموقف كثيرا ، الأزمة المالية لم تنته بمكان انطلاقها بالولايات المتحدة بل طافت هذا العالم بكاملة بحكم الترابط العالمي المالي من بنوك وتمويل وبورصات ومستثمرين ، ولكن كان الأثر الأقل للدول الناشئة والبترولية أو التي لم يكن لديها مشتقات مالية ونحو ذلك .
وكانت " دبي " إحداها وهي الإمارة التي حققت نجاحات كبيرة ولاتزال ، ودبي ركزت على قطاعين لا غير " العقار ، والسياحية " فقامت هذه الإمارة على مصدرين غير مألوفين لدول المنطقة وهي الغنية بالنفط ، وهي التي تستقل بإماراتها عن البقية ، والنظامي الاقتصادي والمالي بإمارة " دبي" ميزها عن بقية المنطقة ككل وحتى الإمارات نفسها ، فحققت نجاحات هائلة ، ولكن كان لكل ذلك ثمن ، فهي اعتمدت على الإقراض والتوسع بها في مشاريعها العقارية الضخمة المعروفة من دبي للاستثمار العالمية سواء بداخل دبي نفسها من الجزر الاصطناعية أو الأبراج المتعددة التي أصبحت من المعالم العالمية الآن أو العقارات خارج الإمارة وخاصة في بريطانيا ونيويورك .
أين المشكلة :
أساس المشكلة التي تعاني منها إمارة دبي هو " الاقتراض " ،والاقتراض هو أساس أي نمو اقتصادي متى كانت لدية الملاءة المالية والقدرة على السداد ا ليس من الحصافة أو التحفظ أن يكون هناك اقتراض مفتوح بدون ملاءة مالية تواجه بها أي عثرات ا وهذا كان خطأ " الإمارة " و " البنوك " المقرضة ، والتي توسعت " دبي " بالاقتراض بلا حدود أو توقف، والبنوك كانت متفائلة ومنها توسعت بالإقراض من خلال السندات والصكوك ، حتى وصلت الآن ديون " دبي" إلى ما يقارب 80 -90 بليون دولار ، والناتج المحلي لدبي الآن يفوق مستويات 301 مليار درهم بالأسعار الجارية وعدد سكان الإمارة يقارب 1,6 مليون ، وهذا يعني أن القروض اللازمة على إمارة دبي تقارب بالدرهم الإماراتي 337 مليار درهم " 90 مليار دولار " أي ما يفوق الناتج المحلي وهذا يعني مشكلة كبرى تعاني منها امارة دبي من حيث ضعف الملاءة المالية لها وأيضا قدرتها على الاقتراض مستقبلا . إن قوة التفاؤل كانت هي المسيطرة على الاقتصاد بالمنطقة وإمارة دبي ، مما وسع الاقتراض والتوسع العقاري حتى وصلت الأسعار لأرقام فلكية بالإمارة وأصبحت بملايين الدراهم لمساحات لا تتجاوز 50 مترا ، وهذا ما عزز رغبة المضاربين بشراء العقارات والتملك بتوسع مع دفع نسبة فقط 5% من كل عقار ، وأيضا توسع الحكومة من خلال أذرعتها العقارية بإنشاء أبراج وأعلى برج بالعالم وأيضا الجزر البحرية وكلها بقروض ضخمة سواء من بنوك محلية أو خارجية تبعا للطلب العالي الذي شجع على التوسع والاستثمار بقوة كبيرة ، ووضع مستويات التضخم مرتفعة جدا ، وأصبحت مدينة المال والأعمال على غرار هونغ كونغ وسنغافورة وفرانكفورت ، وهذا كان تحدي مخططي دبي أن توضع بهذا الإطار ، ونجحت دبي بأن تكون قبلة الاستثمار العقاري لا صناعي ، وأيضا استقطاب الشركات العالمية من مختلف أنشطتها مما وضعها بحالة حراك اقتصادي هائلة ولعل المؤشر هنا هو دبي للطيران وتوسعها وربحيتها التي أصبحت تتجاوز 7 مليارات دولار وحركة جوية لا تهدأ ، وتوسع مطار دبي الذي كلف 50 مليار درهم , هناك بناء وإمارة بنيت لا شك ، وهذا يجب أن يسجل ، ولكن كانت هناك مغامرة هائلة ومارس " أهل دبي" تجارة مجازفة لأن الأساس الذي بنيت عليه هو أن الطلب لن يضعف وأن العالم جميل ولن يتوقف ، وهنا كان مكمن الخطأ ، الذي ظهر مع تداعيات الأزمة المالية العالمية ، والتي ضربت بالنظام المصرفي العالمي ، وشركات العقار والتأمين ، ومنها انكشفت حسابات دول وشركات وضعف الطلب وتحول إلى ركود وكساد وضعف الطلب انعكس على إمارة دبي ، فهي تبني لكي تبيع وتحقق أرباحاً وتعيد الاقتراض لمشروع أكبر ، ولكن توقف كل ذلك بنسب كبيرة جدا ، أدت في النهاية إلى انكشاف بنوك إماراتية بمديونيات صعبة كما حدث مع الصانع والقصيبي وهما من خارج الدولة فماذا عمن بداخلها ، وضعف الإقراض معها وضعف التمويل للشراء للعقارات ، فتوقفت المشاريع العقارية بالإمارة وضعف الطلب عليها ، ولكن هناك قروض واجبة السداد ، والأسعار انخفضت بما لا يقل عن 40 و 50% وهذا لايفي بالغرض من عملية الاقتراض أو الربحية المتوقعة ، واستمر ضعف الطلب والركود الآن نقارب السنة والأزمة لم تنته رغم كل التطمينات، ووقعت دبي الآن بوسط مستنقع القروض والاستحقاقات للسداد ، مع فوائد هذه القروض، فكثير من المستحقات واجبة السداد ولعل أقربها خلال الربع الأول بمقدار 3,5 مليارات دولار ، وخلال عام 2010 عليها سداد 12 مليار دولار ، و2011 سداد 9 مليارات دولار ، و2012 سداد 18 مليار دولار ، اي ما يقارب 40 ملياراً خلال 3 سنوات ، وديون دبي العالمية 59 مليار دولار . لم يكن بذهن المخطط " الإماراتي " أي شيء عن الأزمة المالية العالمية وفقاعتها ، ولم يكن هناك أي تحفظ في الاقتراض لأن الطلب عال جدا والأسعار ترتفع والبنوك تقرض ، وكل من له علاقة بذلك ستطاله المشكلة ، من حكومة دبي ، بنوكها ، بنوك خارجية مقرضة ، كل شركة لها مديونيات على شركات الإماراتية المتعثرة ، المستثمرين ، المقرضين ، هناك " تسونامي " لا يعرف أين سيقف وأين حدوده ، فالقدرة على السداد غير موجودة ، والحلول بقروض جديدة بفوائد وفوائد القروض ستكبر .
أثر المشكلة :
الديون الإماراتية الآن تقارب 184 مليار دولار ، وهذا تقدير ميريل لنش ، وهذا سيشكل ضربة قاسية على النمو بمنطقة الخليج ، حتى من الدول المتحفظة كالمملكة مثلا ، باعتبار أن النظم المصرفية هي مرتبطة ، وهناك وحدة نقدية ستأتي رغم أن الإمارات تحفظت على الدخول بالوحدة النقدية ، ولكن هذه المديونيات ستكون عثرة كبيرة وهائلة على إمارة دبي خصوصا والإمارات عموما ،ورغم وجود صندوق استثماري وهو أبوظبي والذي مرشح أن يكون المنقذ الأهم للأزمة الإماراتية والتي تقدر أصولة بما يقارب 960 مليار دولار ، وتأثر بالأزمة المالية ليصل ما يقارب 750 بليون دولار ، وأيضا أبوظبي الغنية نفطيا ، لن تسمح بإفلاس دبي الذي أصبح الآن رقميا ممكن الحدوث ، ولكن تدخل أبوظبي كما حدث ببداية السنة الحالية حين اشترى البنك المركزي الإماراتي سندات بقيمة 10 مليارات دولار ، وايضا صكوك عرض بقيمة 5 مليارات دولار اشتراها بنكا ابوظبي الوطني والهلال الإسلامي ، وهي ضمن خطة لجمع 20 مليار دولار لحل أزمة دبي المالية وهي أزمة سيولة ونقد للسداد للمستحقات ، ورغم تطمينات الشيخ أحمد سعيد آل مكتوم ( رئيس لجنة العليا للسياسة المالية ) وقد ذكر أن تدخل الحكومة في مجموعة دبي العالمية يأتي في إطار خطط مدروسة بعناية . وهذه تطمينات تفتقر للأرقام والخطط الواضحة ماذا سيكون عليه المستقبل القادم بلغة الأرقام ، فلا تكفي التطمينات المعنوية بدون أرقام وهذا ما سيتم كشفه خلال الأيام القادمة .
لقد أهتزت الأسواق العالمية من داو جونز وستاندر أند بورز بانخفاضات قاربت 1,47 % و 1,72 على التوالي يوم الجمعة الماضية ا وأيضا بورصة لندن انخفضت بنسبة 3,2% وكذلك مؤشر داكس الألماني والكاك الفرنسي بنفس النسب ، انخفض سعر سهمي بنكي باركليز بنسبة 8% وبنك أوف أمريكا 7.8% . الذعر يعم البورصات العالمية الآن فأموال هذه البنوك بمختلف البورصات العالمية بمخاطر كبيرة وأكثر البنوك المتعرضة لها هي أتش اس بي سي وستاندر تشارتر و دي بي اس ، وبمبالغ تفوق 20 مليار دولار . وهذه التعرض للبنوك الخارجية يعني أن عدم قدرة دبي على السداد مؤشر خطر أي أن تصبح غدا ديونا هالكة وخسائر وقد تطيح ببعض البنوك وتتأثر ، ونبدأ بأزمة مالية جديدة .
ولن تنتهي المشكلة بإعلان دبي التي اختارت وقتا مهما وهو إجازة عيد الأضحى المبارك لكي يمكن استيعاب المشكلة والسلبيات ويمكن وضع حلول وامتصاص المشكلة ، وكل ذلك مؤقت حقيقة ، فالحلول لا تأتي بالامتصاص للصدمات مالم تكن واقعية وبالأرقام . وهذا قد يزيد من إعلانات سلبية جديدة وتعثر أكبر لشركات لم تبدأ تنشر مشاكلها المالية سواء داخل دبي أو خارج المنطقة كلها ، وهذا يؤكد أن الأزمة المالية لم تنته ولم تحل ، وأن الحلول لم تصل لعمق المشكلة بل معالجة " بالمسكنات " ولم تكن إلا اعتمادا على الدعم الحكومي ، والمشكلة في الوطن العربي غالبا أننا نتأخر كثيرا في نشر مشكلاتنا المالية وقد تصل للمكابرة وهي أرقام مالية ستكبر ككرة ثلج وهذا ما حدث.الأمريكان أعلنوا عن مشكلتهم منذ سبتمبر 2008 ونحن بمنطقتنا الآن نعلن عن مشكلة قد تؤدي للإفلاس كما يحدث بدبي الآن ونحن بنهاية نوفمبر 2009 أي بعد مرور أكثر من سنة ، والقادم سيكون أكثر سلبية فلم نجد من يطرح حلولا بعمق المشكلة ، فالكل يتجنبها ويصر على التطمين ولكن الأرقام ستكون هي الفيصل المهم ولكن نرجو أن تكون بأسرع وقت ممكن لحلها .
إن معظم محافظي البنوك بالعالم عبروا عن قلقهم الكبير فقد قال محافظ البنك المركزي الهندي دوفير "يجب الا يكون لنا رد فعل على أنباء فورية كهذه أحد دروس الازمة هي أننا يجب أن ندرس التطورات وأعتقد أن علينا قياس حجم المشكلة هناك وكيف تؤثر على الهند " وهذا تعبير كبير جدا عن القلق الهندي أحد أهم الاقتصاديات الجديدة النامية ، وصرح متحدث بالبنك المركزي الصيني أن حجم تعرضهم لا يزال قيد الدراسة والبحث وتقدير حجمه ، والبنوك الفرنسية عبرت عن أن حجم تعرضها لايشكل مشكلة كبيرة لها ، جون براون رئيس الوزراء البريطاني ذكر أن " تعثر دبي عن السداد مشكلة ولكن الاقتصاد العالمي قوي حاليا بما يكفي للتغلب عليها " . وهنام تصاريح لا تنتهي أو تتوقف من مختلف البنوك المركزية العالمية والبنوك التجارية وغيرها ، ونحن الآن ببداية الأزمة ، وهي ليست أزمة جديدة حتى يمكن أن نبحث من أين بدأت أو كيف تنتهي ، بل هي تبعات الأزمة المالية العالمية لم تنته، ولكن هذه التداعيات تضع أي الأطراف الأكثر تضررا ومن هو الناجي من هذه الأزمة أو من يخرج منها بأقل الخسائر أو الخروج النهائي .
متى تنتهي الأزمة :
الأزمة هي عالمية بالأساس ، ولكن حجم الضرور هو نسبي بين الدول والبنوك والشركات ، وأكبر الخاسرين المقترضون بلا ملاءة وأصول مالية توازي قروضهم ، ونحن نتحدث الآن عن الأزمة " بدبي " ولم نتوسع عالميا ، ولكن ننظر للصورة مصغرة من خلال المشكلة إمارة دبي ، والمشكلة لن تتوقف إلا بتدخل مباشر من إمارة أبوظبي الغنية ، ولكن السؤال المطروح ما هو الثمن الذي ستحصل عليه أبوظبي ؟ ولن أدخل بسرد تاريخي وحجم التنافس والمنافسة بين الإمارتين الشقيقتين وهي شقيقة لنا جميعا ، ولكن أبوظبي لن تقدم دعما بلا حدود أو ثمن ، ولننظر حجم التنافس أن كل إمارة لها خط طيران خاص بها ، فماذا ستقدم دبي لإمارة أبوظبي ، وهي التي دعمتها بالمرة الأولى هذا العام من خلال البنك المركزي بشراء سندات بقيمة 10 مليارات دولار ، وإمارة دبي لازالت مستمرة بخطط طرح سندات وصكوك ولكن التصنيف الائتماني الآن لها خفض وهذا سيضعف قدرتها على تسويق سنداتها أو صكوكها وايضا ستكون مكلفة وليست بالأسعار التي تتداول بالسوق ، وهذا أيضا مرتبط بأن إمارة دبي تتوقع مستقبلا تحسن الاقتصاد لديها وتحقيق نمو وهذا ليس مطروحا على الأقل لمدة ثلاث سنوات قادمة أو خمس . أيضا من ضمن الحلول قناعة الدائنين بجدولة قروضهم وهذا قد يكون حلا ليس رئيسيا ولكن أيضا سيكون مكلفا لها من حيث الفائدة أو القدرة على حصولها على قروض مستقبلية ، وسيكون من الصعب جدا على حكومة دبي الحصول على قروض بنكية أخرى في ظل ضعها المالي الحالي في ظل ضعفها وتغيير تصنيفها ، وتعلن الآن عن عدم قدرة على السداد وهذه ضربة موجعة لكل جهد مستقبلي في الاقتراض إلا من بنوك مركزية وقد لا يكون لها ملجأ هنا إلا بنكها المركزي أو صندوق أبو ظبي . أما أن تتجه لبيع أصولها العقارية في الخارج خاصة ببريطانيا كجراند بليرننجز بميدان ترفلجرا ، أو فندق ماندارين أورينتال بنيويورك أو مجمع فكتوريا أن البرت في جنوب أفريقيا ، فقد يجمع لها أموالا ولكن لن تكون كافية لسداد التزامتها ، وهذا أيضا مؤشر سلبي لأنها ستبيع بأوضاع اقتصادية غير جيدة وقد تبخس سعريا وأيضا خسارة أصول مهمة لا يجب أن تخسرها في هذا التوقيت حقيقة . الحلول برأيي هي اتباع سياسية التحفظ ، وإعادة هيكلة كاملة للأنظمة العقارية والتخلص من العقارات غير المجدية وبيع الأصول المربحة ، وأهم الحلول هي اللجوء للجار القريب الشقيق أبوظبي ، وأن تعيد إمارة دبي مستويات النمو للمنطقية أكثر من الاندفاع الهائل بدون عمق وقوة اقتصادية حقيقية ، فالعقارات تقوم على القروض والإقراض وعلى السياحة التي لا تشكل الآن رقما مهما مقارنة بالمديونيات .
خاتمة :
عدم قدرة دبي على سداد مديونياتها من خلال استحقاقات السندات والصكوك التي أصدرتها ، هي كما من يصدر شيكاً بدون رصيد ، وتعرف الشيك ، أنه أداة وفاء واجب السداد ، وعدم السداد يعني أنها حالة إفلاس كما ينص نظام الأوراق المالية ، ويوجب أيضا عقوبات وغيرها ، ولكن نحن بحالة مختلفة ووضع لا يشابه الشيكات التي تصدر بحكم أنها دول الآن أو " إمارة " ضمن دولة ، وهذا العجز عن السداد سيشكل أزمة حقيقية انعكست على اسواق المال العالمية ، وإن لم تظهر إمارة دبي كيفية آلية الحلول وبصورة جذرية وحاسمة ، وإلا ستكون لها تبعات مؤلمة وقاسية ، والأهم الآن هل هذا الذي يحدث بدبي بداية لتبعات أخرى ستأتي ؟ نتوقع الأيام ستحفل بالكثير ، سيكون ما حدث عثرة كبيرة في النمو لإمارة دبي مالم يكن هناك منقذ لها ، ولا يجب ربطها أزمتها بدول المنطقة فكل دولة لها سياسية مالية مختلفة ولا يمكن ربطها جميعا ، وأن البنوك ستتأثر كثيرا وكل ما يرتبط بإمارة دبي وشركاتها المتعثرة كمقرض ، وعدم قدرة دبي على السداد تأخرت كثيرا ولم تبادر أو تعلن عنها بتوقيت مناسب أملا بتحسن الطلب والأسعار ، ويجب على إمارة دبي أن تضع كل شيء على الطاولة وتتفاوض على ذلك لن تجدي سياسية التطمين المخدر ، بل الأهم كشف كامل المشكلة والآن يظهر جزء منها وكيفية الحلول ، وهذا يلخص أن سياسية التحفظ والنمو المتوازن هو الأهم والأفضل وإن أخذ وقتا طويلا ، فسابق الزمن للنمو لا يعني كثيرا من خلال قروض ائتمانية لا حدود لها ، وأن الاقتصاديات العالمية ليست ثابتة النمو والطلب لا ينمو بلا توقف ، والخسائر ستكون كبيرة والتعافي سيطول ، ولكن دبي بنت مدينة حضارية متطورة وجميلة ، ولكن تبعات الأزمة الحالية قاسية ، وأتمنى خالصا أن تخرج دبي بأقل الخسائر ولا تجبر ماليا على حلول لا ترغبها أو تتمناها وهذا احتمال ضعيف ، يجب أن تعمل دبي على بناء اقتصاد حقيقي ، من خلال " الفرد " و " صناعة حقيقية " تجربة سنغافورة لم تكن مركزاً تجارياً وأبراجاً شاهقة فقط ، لماذا لم نتعلم من الصينيين الذي أبدعوا والذين يحققون نموا هائلا من خلال قوة الطلب الداخلي والتنوع الصناعي الكبير لديها من الإبره حتى المفاعل النووي ، لا يعني كثيرا مباني جميلة وشوارع فسيحة بدون بنية اقتصادية حقيقية توفر موارد اقتصادية حقيقية لا تتضرر من أول هزة اقتصادية . لماذا لا تكون سياسة أخذ القروض بقدر ما لديك لا بقدر ما تحتاج أو ترغب ، وهي سياسة بسيطة وبدائية ولكنها الأكثر أمانا سواء لأصحاب الشركات أو البنوك . ومشكلة دبي هي لا تبتعد عن مشكلة كل دول منطقة الخليج ، فكل دول الخليج أقل بناء " للإنسان " و " صناعة " واقتصاد حقيقي، وتنوع في الدخل ، ودبي لا تملك النفط وإلا كانت حلولها حاضرة كما هي في أبوظبي وقطر والكويت والسعودية ولكن هذا قدرها وضريبتها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.