إنجازات الملك الوالد سيسجلها التاريخ بمداد من ذهب إن مِنَ الناس مَنْ يكفي وجودُهم في هذه الحياة ليملؤها خيراً وبركة، ونوراً ورحمة، وألفة وبهجة، وبِشْراً وسروراً، وفرَحاً وحبُوراً بما يقدمونه من خيرٍ وعطاء، فيُصلِحُ الله تعالى على أيديهم أشياء كثيرة فيكونون إضافة للحياة لا خَصْماً منها، أو عبئا عليها. ومن بين هؤلاء سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله تعالى وهو ولا أقولها مجاملة ولا تزلفاً، ولا أزكي على الله ، وهو سبحانه وتعالى حسيبي وحسيبه من هؤلاء الأخيار الأطهار الذين تسعد بهم الحياة وتزدهي بوجودهم ؛ لأنهم يحملون همَّ هذه الأمة، بل وهمَّ البشرية كلها، ولا يدَّخرون وسعاً ولا جهداً في سبيل الإصلاح، وتقديم النموذج المشرق للحياة الإنسانية الهادئة المطمئنة المفعمة بالأمل والتفاؤل، المتطلعة لما عند الله تعالى، ويسعون دائما لتجميل الحياة والتخفيف من قسوتها، ويمدون أياديهم البيضاء بالخير والعطاء لكل بني البشر. إن أصالة التكوين النفسي والبناء الوجداني للمسلم الصادق تكمن في جوهر إيمانه العميق بالله تعالى، وقيمه السامية، ومبادئه الرفيعة، وأخلاقه الحسنة التي قال عنها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ويتجلى ذلك كله بوضوح شديد في مواقفه الشجاعة الصادقة، وأفعاله المخلصة الأصيلة، وتصرفاته العريقة النبيلة، ونصائحه السديدة وتوجيهاته الرشيدة الحكيمة في مختلف القضايا والأزمات، ووقوفه الدائم وانحيازه المستمر لمصلحة دينه ووطنه وأمته، وحرصه البالغ على تحسين أوضاع البسطاء والفقراء والمعوزين، ومد يده البيضاء بالمساعدة لكل المحتاجين والضعفاء في الداخل والخارج... وهذا هو السر الخفي في حب الناس له والتفافهم حوله، وقربهم منه. هل ينسى مواقفه الإنسانية الرائعة الكثيرة أحد إلا جاحدا أو معاندا ؟!إن مشهد الدموع التي ذرفتها عيناه تعاطفاً مع أبناء شهداء الواجب مشهد نادر في عالمنا المعاصر، إنني وكل منصف لا يمكن أن ننسى أبدا هذه الرقة والحساسية المرهفة، ولا هذه الدموع الغالية؛ لأنها تؤكد أن قلب عبد الله بن عبد العزيز نبع متدفق للخير والرحمة والعطف والإنسانية. إن صورة عبد الله بن عبد العزيز وهو يطمئن على صحة عدد من التوائم السيامية من مختلف الجنسيات بعد أن أجريت لها عمليات الفصل في مملكة الرحمة والإنسانية صورة شديدة التأثير فهذا الملك الإنسان رغم كثرة أعبائه ومشاغله يطمئن بنفسه على أحوال هذه الزهرات الغضة البريئة، وهذا المشهد التلقائي العفوي ليس مشهدا دعائيا من قبيل الدعاية الصاخبة، بل هو مشهد حقيقي يعبر عن رحمة وإنسانية ملك الإنسانية عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله. من حقكم علينا أن نذكر ما حفلت به تلك الإنجازات الضخمة، والقرارات الحكيمة الصائبة، وما شهدته مسيرة التنمية السعودية في عهدكم من نجاحات كبيرة، وليس ذلك من قبيل المجاملة أو المدح في مثل هذه المناسبات الميمونة، وإنما من قبيل تشجيع الذات، وبث الثقة في أنفسنا، فالمجتمعات البشرية كالأفراد تماما تحتاج بين الفينة والأخرى إلى عمل ما يشبه كشف الحساب لمعرفة اتجاه بوصلتها وتحديد وجهتها، وتقييم تجربتها لشحذ الهمم وتقوية السواعد للانطلاق في مسيرة التطور والتقدم بلا انقطاع. لقد شهدت مسيرة التنمية السعودية الشاملة والمتكاملة في عهده الميمون قفزات عملاقة هائلة، ولا أدل على ذلك من الاستقرار الذي تتمتع به مملكتنا الغالية بفضل الله تعالى، ثم بفضل حكمته وبعد نظره رغم ما يعصف بالعالم من أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية طاحنة. إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المملكة على الصعيدين الداخلي والخارجي إبان تلك الفترة الوجيزة الماضية تحققت بعد فضل الله تعالى بسبب حرصه البالغ حفظه الله تعالى على رفاهية المواطنين وتحقيق مصالحهم، وخدمتهم في شتى المجالات وتخفيف أعبائهم المادية وهذا ما نلمسه جميعا من خلال القرارات الحكيمة، والقفزات الكبيرة المتواصلة التي نراها في كل القطاعات. إن النهضة التي تشهدها مملكتنا الحبيبة أصبحت محل تقدير وإعجاب من العالم كله، ويكفي للتأكيد على ذلك ما نراه في قطاع التعليم الجامعي والبحث العلمي من نهضة كبيرة وتطور مبشِّر، وما يحظى به من نصيب وافر من الدعم والمساندة، وتعد جامعة الملك عبد الله العالمية أكبر دليل على النهضة الشاملة في هذا المجال. إن المملكة العربية السعودية تحت قيادتكم الحكيمة يا خادم الحرمين الشريفين تؤدي دوراً محوريا بالغ الأهمية: إقليميا وعربيا وإسلاميا وعالميا، ومواقفكم مشهودة ومقدرة في العالم كله، وهذا ما عزز من مكانة ودور المملكة حتى أصبح لها تأثيرها الفاعل وحضورها القوي في كافة المحافل الدولية، ولقد اضطلعَتْ المملكة خلال هذه الفترة الحرجة بمسؤوليتها الجسيمة، وسعت إلى إصلاح أحوال العرب والمسلمين وجمع كلمتهم، وإلى صياغة دور فاعل خليجيا وعربيا وإسلاميا لكي تتمكن من تفعيل أسس التعاون للحفاظ على هوية الأمة العربية والإسلامية، والدفاع عن قضاياها، وصيانة مصالحها، والتصدي لأخطار الفتن والانقسام والصراع التي تهدد كيانها. إنه رغم كثرة الأعباء التي تثقل كاهلكم يا خادم الحرمين الشريفين إلا أننا جميعا نتابع بكل الفخر والحب والتقدير اهتمامكم المتواصل ومبادراتكم المستمرة حفظكم الله ورعاكم لتوفير سبل العيش الكريم لأبنائكم أبناء هذا الوطن الغالي، ورغم كثرة مشاغلكم، وتلاحق المتغيرات الدولية، وانعكاساتها الكبيرة محليا وعالميا نراكم – أيدكم الله – تحرصون كل الحرص على القيام بجولات داخلية شملت جميع مناطق المملكة للتواصل مع شعبكم عن قرب، والوقوف شخصياً على حاجات أبنائكم وإخوانكم المواطنين، ومتابعة المشاريع التنموية في المناطق المختلقة، وتدشين المدن الاقتصادية في بعض المناطق والتي تعد ركيزة أساسية في المجال التنموي لبلادنا خدمة للأجيال الجديدة القادمة. لقد نلتم حب واعتزاز جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بسبب اهتمامكم البالغ بإعمار وتوسعة الحرمين الشريفين، حيث أعطيتم - رعاكم الله أولوية قصوى لمشاريع الأماكن المقدسة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، ورصدتم لها الأموال الطائلة، لتنفيذ المشاريع العملاقة بهما خدمة لضيوف الرحمن، وتيسيراً لأداء مناسك الحج والعمرة، فجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. إن حرصكم البالغ على تأليف القلوب وتوحيد الصفوف، ورغبتكم الصادقة في بث روح التعاون ... وسعيكم الحثيث لتوجيه خطاب دعوي ناضج واعٍ، حافل بالوسطية والتوازن والاعتدال لكافة أطياف ومكونات الأمة الإسلامية...، وحرصكم على اغتنام كل فرصة للدعوة إلى الإسلام وتقديم صورة مشرقة وضَّاءة عنه للغرب ... ، وعملكم الدؤوب للتواصل مع كافة دول ومجتمعات العالم الإسلامي والإنساني، ومد أياديكم البيضاء بالخير والرحمة والعطاء لمساعدة الضعفاء والمساكين في كل مكان... كل هذه الأمور جعلتكم في قلب كل مسلم، وجعلت وطننا الغالي تاجا فوق رؤوس الجميع نفخر ونعتز به أيما اعتزاز . الملك الوالد /اسمحوا لي أن أقول لكم إن عبد الله بن عبد العزيز ملك أحب شعبه فبادله الشعب حباً بحب ... ملك تواضع فزاده الله رفعة ومكانة في قلوب شعبه وكافة الشعوب الإسلامية التي عرفت فيه الصدق والإخلاص والنبل والشهامة .... ملك أخلص لشعبه فملك قلوب أبنائه ... ملك دعا لشعبه فدعا له الشعب بطول العمر في طاعة الله وتوفيقه. إن عصركم يا ملك الإنسانية هو بفضل الله تعالى من أزهى عصور النماء والرخاء ففيه كثر الخير، وعمَّ الانسجام والألفة والمحبة بين نسيج المجتمع وأطيافه ومكوناته المختلفة، وأبحرت سفينة المملكة بهدوء وسلام وسط بحر هائج مضطرب الأمواج، ومنطقة حُبْلَى دائما بالحروب والأزمات التي تتفجر في أية لحظة، ويعاني ويلاتها كثير من الشعوب المتجاورة ...إن الإبحار بأمان وسط كل هذه الأنواء العاتية، والعواصف العنيفة، والتقلبات الهادرة ليعد دليل حكمة واقتدار يتمتع بهما ملك الإنسانية عبد الله بن عبد العزيز... وإن إنجازاتكم سيسجلها التاريخ بمداد من ذهب. الملك الوالد ختاما أسأل الله العلي القدير أن يلبسكم أنضر وأعطر أثواب الصحة والعافية، وأن يبقيكم ذخراًُ للإسلام والمسلمين، وأن يوفقكم ويعينكم ويسعدكم في الدارين، ويرزقكم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلكم على الخير وتعينكم عليه... وفقكم الله ورعاكم، وثبت على طريق الحق والعزة والنصر والتمكين والسؤدد والمجد خطاكم ...والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته... أستاذ الدعوة المساعد بكلية الدعوة والإعلام عميد كلية المجتمع بشقراء