تقرأ أيها القارئ العزيز سطوري هذه ، وأنا وأنت وجميع المسلمين نعيش مناسبتين عظيمتين الحج وعيد الأضحى المبارك. ولعل من أجمل ما يميز الإسلام أنه يجمع الدنيا والآخرة ، له بعده الفردي وبعده الجمعي ، يطلب منا الله أداء حقه وأداء حق النفس وأداء حق الناس. لاحظ أنه في الحج ، هناك حق الله في زيارة بيته الحرام، والتجرد من كل شيء، ولعل في بساطة اللباس رمزية للتحرر من كل شيء والمضي قدماً إلى الله ، والتقرب إليه بأداء المناسك. هناك حق النفس فأنت تعطيها حقها بالتقرب إلى ربها والتأمل فيما كسبت وما عملت على مدار الأعوام الماضية، أنت تعطيها حقها بأن تصلها بخالقها.. فتتغذى بقربه وتأنس ببيته وتزول عنها الوحشة في معيته. أنت تؤدي حق الناس في الحج ، بلقائهم والبشاشة في وجوههم وعدم مضايقتهم أو إيذائهم بقول أو فعل. تحكي لي إحدى النساء ممن أسلمن حديثا وأدت فريضة الحج ، حزنها واستغرابها عندما أدت الفريضة. كانت تتصور هدوءا وخشوعا وسكينة ، وإذا بها ترى علو الأصوات والتدافع بين الحجاج من دون مراعاة لامرأة أو كهل أو عاجز ، وأعتقد أعزائي أنها لم تذكر إلا الواقع ولو كانت تعرف مزيدا من اللغة العربية لكان الأمر أكثر صعوبة عليها!. فقد تسمع عبارات الشتم والعدوان، وكأن الإنسان لم يأت ليحج وإنما أتى ليمارس على أخيه المسلم شتى أنواع الأنانية والعنف وعدم الاحترام!!. ومثله العيد بنفس الأبعاد ، ينبغي للمسلم أن يقضيه ، فلله حق أن تشكره وتقضي العيد كما يحب ، ولنفسك حق في أن تفرح وأن تحاول أن تبتسم مهما كانت ظروفك صعبة بل وتسعى جاهداً ً لزرع الفرح في قلوب الآخرين بابتسامة أو هدية أو زكاة أو صدقة . في الحج والعيد معان شاملة وعظيمة حُق لمن عايشها كما ابتغى الخالق منها ومنا، أن يرتقي ويسمو ويختلف من بعدها عن ما قبل. فقط تذكروا أعزائي أن الخالق جعلها لحكمة عميقة ، لتغيير شامل يطال الداخل قبل الخارج ، والنفس قبل الجسد. كل عيد وكل حج والجميع بخير ورضا ورقي وسعادة وسلام. ** إضاءة : (العيد في حقيقته عيد القلب، فإن لم تملأ القلوب المسرة ، ولم يترعها الرضا ، ولم تعمها الفرحة كان العيد مجرد رقم على التقويم). الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله.