بين الرغبة في استعادة الجندي الأسير غلعاد شاليط، وعدم تشجيع المقاومة الفلسطينية على تنفيذ عمليات اسر اخرى، يتمحور الجدل الرئيسي في (اسرائيل) حاليا، في ظل ما تردد عن تنازل تل ابيب عن "معاييرها" المكررة، الامر الذي اتاح اختراقا في المفاوضات قد يقود الى انجاز الصفقة قريبا. وتطرق رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في جلسة لكتلة حزب الليكود الى المعنى القيمي لتحقيق محتمل للصفقة، قائلا "المعضلة كبيرة، والقرار بين قطبين: فمن جهة الرغبة في الحرص على جنودنا واعادتهم، واحيانا حتى بثمن المخاطرة بالحياة، وهي القيمة الكبيرة جدا في شعبنا وتراثنا اليهودي؛ ومن جهة اخرى الامتناع عن تشجيع عمليات اختطاف في المستقبل". ونقل عن احد الوزراء القول: "اذا قررت الحكومة خطوطا حمراء متصلبة بعد ان يعاد شاليط، فاننا سنخفض دافعية حماس لاختطاف مزيد من الجنود. وحسب صحيفة " معاريف" العبرية "هناك وزراء اسرائيليون يقولون منذ الان انهم مستعدون لان يدفعوا الثمن الكبير، بما في ذلك تحرير مئات السجناء "الثقيلين"، مع دم على الايدي، فقط اذا ما قررت الحكومة بعد تحقيق الصفقة خطوطا حمراء بالنسبة للصفقات المستقبلية. وكانت تشكلت لجنة اسرائيلية قبل بضعة اشهر، برئاسة رئيس المحكمة العليا الاسبق مئير شمغار ضمت في عضويتها ايضا وزير الحرب ايهود باراك والبروفيسور آسا كيشر واضع "المدونة الاخلاقية" للجيش الاسرائيلي. لكن القرارات التي بلورتها اللجنة لا تزال بحاجة الى اقرار الحكومة لان باراك يعتقد أنه يجب اولا انهاء صفقة تحرير شاليط وبعد ذلك فقط يتم اقرار الخطوط الحمراء. ورجحت المصادر الاسرائيلية ان تحصل صفقة التبادل بصيغتها الحالية على اغلبية في منتدى السباعية وفي الحكومة. وحسب المصادر فان وزراء العمل سيصوتون بالاجماع الى جانب الصفقة فيما سينقسم وزراء الليكود في مواقفهم، ولكنهم في نهاية المطاف سيصوت معظمهم الى جانب الصفقة اذا ما ناشدهم نتنياهو. ومن ابرز المعارضين لدفع ثمن باهظ لاستعادة شاليط يقف الوزير موشيه يعلون معتبرا ان "صفقة شاليط تشبه صفقة جيريل التي اطلقت اسرائيل فيها في العام 1985 اكثر من 1150 معتقلا فلسطينيا وعربيا مقابل ثلاثة جنود. وبخلاف الايام السابقة فقد اخذ الحديث عن الصفقة المرتقبة سواء من جانب حركة حماس يتجه نحو التخفيض من حجم التوقعات "تحسبا لأي مفاجات قد تبرز وتعطل ما تم انجازه" لا سيما في ظل ما يتردد عن معارضة اسرائيلية شديدة لاطلاق عدد من المعتقلين "الغارقين في الدم حتى الاذنين" حسب الوصف الاسرائيلي. وكان تردد عن وضع (اسرائيل) "فيتو" على اطلاق سراح اربعة اسرى هم: ابراهيم حامد، قائد الذراع العسكري لحماس في الضفة والذي يقف خلف عمليات قتل فيها 76 اسرائيليا. وعبدالله البرغوثي "مهندس" المتفجرات في حماس المسؤول عن تصنيع قنابل استخدمت في سلسلة من العمليات اوقعت 46 اسرائيليا، وعباس السيد، قائد القسام حماس في طولكرم المسؤول عن عملية فندق بارك في نتانيا حيث قتل 30 اسرائيليا، واحمد سعدات امين عام الجبهة الشعبية المسؤول الرئيسي عن قتل الوزير رحبعام زئيفي. وبدوره اطلق نائب رئيس الحكومة الاسرائيلية سلفان شالوم تصريحا اكد فيه رفض اسرائيل الكامل اطلاق سعدات وكذلك امين سر حركة فتح الاسير مروان البرغوثي في أي صفقة مرتقبة. كما حرص نتنياهو على تخفيض التوقعات عن قرب انجاز الصفقة رغم التحركات الجارية والحثيثة في القاهرة. وقال في اجتماع لكتلة حزبه "الليكود": "لا تزال لا توجد صفقة ولست أدري بعد اذا كانت ستكون صفقة.. في الطرف الاخر توجد مناهج وترددات مختلفة، وليس واضحاً بعد ما سيحصل، ما سيقترح وما سنوافق عليه". واوضح نتنياهو خلال جولة قام بها امس في مقر قيادة الشرطة الاسرائيلية في القدسالمحتلة:" ان اي صفقة يجب طرحها على الحكومة والكنيست لاقرارها وان انجاز الصفقة لن يتم بصورة متسرعة بهدف فرض الامر الواقع". وقالت مصادر مكتب نتنياهو ان التقارير الايجابية التي تأتي من حماس ترمي الى ممارسة ضغط نفسي على الجمهور وعلى الوزراء في اسرائيل وهي ليست حقيقية. اما حركة حماس، فقد وصفت ما أثير في وسائل الإعلام عن قرب التوصل لاتفاق حول صفقة تبادل الأسرى بأنه "محض تسريبات "إسرائيلية"، بهدف التأثير في مشاعر أبنائنا الأسرى وعائلاتهم، ولمحاولة الضغط والتأثير في عملية التفاوض غير المباشر التي تتم من خلال الوسيط الألماني". وقالت حماس في بيان صحافي "إننا في حركة "حماس" نواصل جهدنا من خلال الجهة المختصة بملف التبادل في الحركة، للتغلب على العقبات التي وضعها العدو الإسرائيلي في طريق إنجاز التبادل".