افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    اعتماد الإعلان الختامي لقمة مجموعة العشرين على مستوى القادة    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    G20 في جنوب إفريقيا: مقاطعة أمريكية وتحذير فرنسي حول مستقبل المجموعة    وزير الخارجية يلتقي عددا من نظرائه على هامش قمة العشرين    228 مليار ريال نمو في سيولة الاقتصاد السعودي خلال عام    السِّدر واللوز والتنضب تتصدر النباتات المحلية الملائمة لتشجير الباحة    أمير المنطقة الشرقية يدشّن غداً الأحد بحضور وزير النقل عددًا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    القيادة تهنئ الرئيس اللبناني بذكرى استقلال بلاده    جامعة الإسكندرية تمنح باحثا سعوديا الدكتوراه في دراسة تربط بين القلق الرقمي وإدمان التواصل    الداخلية : ضبط (22094) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    المملكة تُدرِج 16 عنصرًا في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي    صحراء مليحة بالشارقة تشهد انطلاق النسخة الثانية لمهرجان تنوير بأمسية فنية موسيقية وتجربة إنسانية ملهمة    طبيب أردني: "الذكاء الاصطناعي" قد يحل أزمة نقص الكوادر في العلاج الإشعاعي    جوشوا كينغ يغيب عن مواجهة النصر والأخدود    فوز الأهلي والاتحاد والنصر والهلال في الجولة الأولى من الدوري الممتاز لكرة الطائرة    الصفا يتحدى اللواء بحثًا عن مصالحة جماهيره في الجولة التاسعة    كتاب التوحد في الوطن العربي.. قراءة علمية للواقع ورؤية للمستقبل    اتفاقية بين العوالي العقارية والراجحي كابيتال ب 2.5 مليار ريال لتصبح الأكبر في سيتي سكيب 2025    أمانة الطائف تطلق مبادرة (شاعر الأمانة) تشجيعًا للمواهب الإبداعية في بيئة العمل    تراجع أسعار النفط لأدنى مستوياتها في شهر    الصين تطلق بنجاح قمرًا صناعيًا تجريبيًا جديدًا لتكنولوجيا الاتصالات    «سلمان للإغاثة» يوزّع (530) سلة غذائية في ولاية الخرطوم بالسودان    انطلاق النسخة الأكبر لاحتفال الفنون الضوئية في العالم    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    جوتيريش يدعو مجموعة العشرين لوضع حد للموت والدمار وزعزعة الاستقرار    عبدالعزيز بن تركي يحضر حفل ختام دورة الألعاب الرياضية السادسة للتضامن الإسلامي "الرياض 2025"    الحزم يحسم ديربي الرس بثنائية الخلود في دوري روشن للمحترفين    الأهلي بعشرة لاعبين يتغلب على القادسية بثنائية في دوري روشن للمحترفين    نائب أمير الرياض يرعى احتفال السفارة العمانية بيومها الوطني    مؤتمر MESTRO 2025 يبحث تقنيات علاجية تغير مستقبل مرضى الأورام    أكثر من 100 الف زائر لفعاليات مؤتمر ومعرض التوحد الدولي الثاني بالظهران    عيسى عشي نائبا لرئيس اللجنة السياحية بغرفة ينبع    الشيخ صلاح البدير: الموت محتوم والتوبة باب مفتوح لا يغلق    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    نادية خوندنة تتحدث عن ترجمة القصص الحجرة الخضراء بأدبي جازان    تعليم الأحساء يطلق مبادرة "مزدوجي الاستثنائية"    افتتاح مؤتمر طب الأطفال الثاني بتجمع تبوك الصحي    هوس الجوالات الجديدة.. مراجعات المؤثرين ترهق الجيوب    كيف يقلل مونجارو الشهية    من أي بوابة دخل نزار قباني    كانط ومسألة العلاقة بين العقل والإيمان    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    المودة تطلق حملة "اسمعني تفهمني" بمناسبة اليوم العالمي للطفل        أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية    بيان سعودي أميركي مشترك: وقعنا شراكات في جميع المجالا    أمير تبوك يكرم شقيقين لأمانتهم ويقدم لهم مكافأة مجزية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لجمهورية الصومال    الجوازات تستقبل المسافرين عبر مطار البحر الأحمر    غارة إسرائيلية تقتل شخصاً وتصيب طلاباً.. استهداف عناصر من حزب الله جنوب لبنان    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم    ثمن جهودهم خلال فترة عملهم.. وزير الداخلية: المتقاعدون عززوا أمن الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين    انطلاق النسخة ال9 من منتدى مسك.. البدر: تحويل أفكار الشباب إلى مبادرات واقعية    فلسطين تبلغ الأمم المتحدة باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية    أمير الرياض يستقبل سفير المملكة المتحدة    120 ألف شخص حالة غياب عن الوعي    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق في التاريخ والحضارة
نشر في الرياض يوم 23 - 11 - 2009

كان المؤرخ العربي الكبير الدكتور عبدالعزيز الدوري تناول موضوع الدعوة العباسية في العديد من مؤلفاته. وكانت آراؤه الأولى عن الدعوة قد صدرت عن معلومات قدمتها المصادر المتوفرة آنذاك، التي تتحدث عن ظروف الموالي (المسلمين من غير العرب) وسخطهم على الأمويين بسبب سوء أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، فانضموا إلى الدعوة العباسية، وكوّنوا نواة الحزب العباسي في خراسان، إلى جانب العرب، لإحياء السنَّة وإرجاع العدل.
ولاحظ الدوري أن هناك فجوات في تاريخ الدعوة، وجوانب منها ما تزال غامضة، نظراً إلى قلة المعلومات. وهذا يعني مدى الحاجة إلى معلومات جديدة لمزيد من استجلاء الصورة عن الدعوة العباسية من حيث طبيعتها واتجاهاتها.
ويبدو أن المعلومات في مخطوط «أخبار العباس وولده» مؤلف من القرن الثالث الهجري: أخبار الدولة العباسية وفيه أخبار العباس وولده، عن مخطوط فريد من مكتبة مدرسة أبي حنيفة/ بغداد تحقيق عبدالعزيز الدوري وعبدالجبار المطلبي/ بيروت دار الطليعة عام 1971، ساعدت الدكتور الدوري في توضيح النقاط الغامضة في الدعوة وسدّ الفجوات في تاريخها.
والحقيقة أن هذا المخطوط لم يكن معروفاً للدارسين إلى أن قام الدوري بنشر معلومات عنه في مقال منفرد بعنوان «ضوء جديد على الدعوة العباسية» عام 1957، بيّن فيه أهمية هذا المخطوط بوصفه أقدم مصدر لدينا عن الدعوة، كُتب حوالي منتصف القرن الثالث الهجري. ويبدو أن مؤلفه أخذ جل المعلومات من الحلقة الداخلية من رجال الدعوة العباسة، ومن أفراد الأسرة العباسية. وبذلك يقدّم مؤلفه صورة داخلية مكشوفة لبيعة الدعوة واتجاهاتها، دعمت اتجاه الدوري نحو إعادة النظر في ما تقدم من آراء عن الدعوة، مع ملاحظة أثر الزمن ودوره في تطور الأحداث.
وجاء مقاله، تالياً، عن الدعوة تحت عنوان «الدعوة العباسية» عام 2000، وهو في الواقع تلخيص لدراسة موسعة عن الدعوة لم ينشرها الدوري بعدُ، أفاد فيها من المعلومات المتضمنة في كتاب (أخبار العباس وولده)، لتوضيح طبيعة الدعوة من حيث: الأطر الفكرية النظرية للدعوة، والتكوين البشري لأنصار الدعوة، وموضوع الأصول الفكرية لا يخلو من تعقيد، خاصة عند الحديث عن دعوة سرية تمخضت عن ثورة.
أما عن التكوين البشري للدعوة، فقد درس الدوري الوضع في خراسان لتوضيح مشاركة العرب وغيرهم في الدعوة، وتوصل إلى أن القيادات العسكرية على العموم كانت عربية، وأن أقطاب الدعوة عرب أيضاً. أما الأتباع فكانوا من العرب والموالي، أو من يُطلق عليهم اسم الخراسانية.
في كتاب حديث له، اسمه «أوراق في التاريخ والحضارة/ أوراق في التأريخ العربي الإسلامي» (صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت) يعود الدكتور عبدالعزيز الدوري إلى موضوع الدعوة العباسية، لينشر في هذا الكتاب مقالة عن الدعوة العباسية، بادئاً بالحديث عن أسباب انهيار الدولة الأموية في الشام، واختلاف الباحثين في تفسير «الحركة العباسية» إن جاز التعبير، وعارضاً لرأي المؤرخين في أبي مسلم الخراساني القائد العسكري العباسي الشهير الذي عاد العباسيون وتخلصوا منه لاحقاً.
يقول الدوري إن الدولة العباسية قامت إثر دعوة سرية واسعة استمرت حوالي ثلاثة عقود (98 - 129ه)، ثم ثورة مسلحة دامت ثلاث سنوات (129 - 132ه) أنهت السلطان الأموي وجاءت بالعباسيين.
ويضيف: إن الباحثين اختلفوا في تفسير الحركة بين من يراها حركة القومية الإيرانية ضد السلطان العربي، نتيجة فشل العرب في معاملة الموالي بالمساواة الاجتماعية، ومن يراها ثورة الموالي ضد العرب الحاكمين (أي الأمويين)، لا ضد العرب عامة، وأن سقوط الأمويين نتج من فشلهم في أن يُحلّوا محل العصبية الجاهلية شعوراً بالوحدة السياسية بين العرب، وأن الحركة في الأساس اجتماعية دينية. وهناك من يرفض هذا ويراها حركة عربية سياسية، وأنها مظهر للصراع بين العرب، وأن سقوط الأمويين نشأ عن عدم وجود أساس شرعي لخلافة مروان وثورة الشام عليه، وفشل الأمويين في تنظيم حكومة مركزية أو نظام عسكري ثابت، وعدم قابلية العرب للحكم، وغلبة الروح العربية الاستقلالية وكره الضبط والنظام. وأخيراً هناك من يجعل الحركة عربية قيادة وقوى، ولا يرى للموالي دوراً يُذكر!
وتركز الدراسات جميعاً على أن الحركة انتشرت في خراسان ونجحت بالقوات الخراسانية، وجلّها يجعل الغلاة قاعدة أنصار الدعوة أو أساس الحزب العباسي في خراسان.
ويرى الدوري أن الموضوع ككل يتطلب إعادة نظر شاملة وإعادة رسم الإطار العام مجدداً.
كانت الخلافة الأموية في أواخر القرن الأول تمر بأزمة نتيجة تحولات اجتماعية واسعة، وانتشار الإسلام، وارتفاع موجة العصبية القبلية، وضرورة إعادة النظر في وجهة الدولة وكيانها. وحاول عمر بن عبدالعزيز ذلك ولكن فترته لم تكن كافية لتركيز وجهته.
جاءت الدعوة العباسية تقدم الحلول، وهي في أساسها مظهر للصراع بين العرب على السلطة، إلا انها تعبّر عن رفض القبلية كأساس عام، وتشدد على الكتاب والسنة قاعدة للحكم، وتدعو إلى العدل والمساواة بين المسلمين، وتنادي بالشرعية بالدعوة إلى الرضا من آل محمد. فهي تعبّر عن اتجاهات تتضمن استجابة للتحولات الرئيسية التي مر بها المجتمع.
وقد شاركت جماعة من الغلاة في الدعوة من بدئها، ولكن خط الغلو لم ينجح في الكوفة، ولم يتقدم في خراسان. والذي نجح هو الخط الإسلامي الذي أمكن نشره في خراسان، وعلى أيدٍ خراسانية، في الغالب من العرب.
وفي تفسيره لجذور الأزمة التي واجهت الدولة الأموية، يقول الدوري إن الأمويين حاولوا تكوين دولة منظمة، ولكنهم طمسوا في الواقع شورى الراشدين، وأحلوا محلها شورى أموية شامية، واعتمدوا على إسناد القبائل الشامية. وبهذه المفاهيم انتقلت السلطة من السفيانيين إلى المروانيين ففشلوا في تركيز مفهوم الدولة، أو تكوين مؤسسات سياسية. وظل أساس الخلافة بين مفهوم قبلي في رئاسة الأرشد في العائلة، ومفهوم الوراثة، ولجأوا إلى الثورة في العقد الأخير من وجودهم باسم الشورى الإسلامية، أو باسم الشرعية، فمزقوا أسس كيانهم.
وفي مقالة الدوري فقرات عن أبي مسلم الخراساني وبروز دوره في مرحلة من المراحل. يقول الدوري إن أصول أبي مسلم مجهولة، والروايات عنه متباينة في كتب التاريخ والطبقات، وتختلط فيها الأخبار بالإشاعات بالادعاء، ولعبت فيها التيارات السياسية، والعواطف والغموض، وبروزه على المسرح التاريخي فيما بعد، دورَها وتكونت أسطورة! ولا ننسى ميل مؤرخينا إلى نسبة التطورات والأعمال الجماعية إلى أفراد حتى نُسب جهد ثلث قرن إليه! فأصله، ونشأته، ودوره في الدعوة، كلها موضع خلاف في المصادر وعند الباحثين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.