الدم الفاسد.. كلمتان شعبيتان دائماً ما يرددهما المستأجرون للشقق أو المساكن التي تؤوى أسرهم، ويعانون بدورهم من كابوس دفع الإيجارات المزعج الذي لا يستفيد منه سوى طرف واحد فقط. لكن ثمة حل من تحويل هذا الدم الفاسد إلى صالح وتخزينه في بنك الدم، من خلال تحويل قيم الإيجار المالية إلى أصول رأسمالية...ويكمن ذلك في ما يسمى (رسملة الإيجار). الفكرة ببساطة تعني أن قيمة الإيجار الذي يدفعه المستأجر في شقة أو فيلا ويذهب هباءً منثوراً يمكن ينتهي بتملك العقار على المدى البعيد أو المتوسط، فليس من يدفع إيجارات بقيمة 400 ألف ريال في 20 عاما بمعدل 20 ألف ريال سنوياً كمن وضع نفس المبلغ في أقساط تذهب لصالح شقة اشتراها، ومن الطبيعي أن ترتفع القيمة التأجيرية المدفوعة على دور سوءاً أراضي أو علوي أو منزل بالكامل. هذا ليس ضرباً من الخيال ولا أضغاث أحلام، بل إنه حقيقة ما يحدث في بعض البلدان بسبب تطبيق نظام الرهن العقاري، وهو عبارة عن نظام متكامل ينظم العلاقة بين المستثمر والممول والمطور العقاري والمستفيد بشكل يمكنهم جميعاً من تحقيق أهدافهم في دورة مالية متكاملة. ويمكن أن تشكل شركات التطوير العقاري عنصرا قويا مساعدا في انجاح الفكرة من خلال تطوير المزيد من المساكن عالية الجودة متعاظمة القيمة متناولة بأقساط شهرية تقارب قيمة الإيجارات السائدة مما يساهم في تحفيز شركات التمويل الإسكاني للمزيد من الاستثمارات في قطاع تمويل المساكن، وهو ما يفضي بالمحصلة لموازنة المطلوب والمعروض من الوحدات السكنية فضلا عن تنمية الثروات العقارية بدلا من تهالكها كما هو في حال التطوير الإفرادي طويل المدة والذي جعل من الأحياء السكنية ورش عمل تتهالك بمرور الزمن بما يبدد الثروات بمرور الزمن. فكرة رسملة الإيجارات يمكن تطبيقها مباشرةً من خلال المبيعات بالسوق المحلي عن طريق عقود الإيجارة المنتهية بالتملك، لكن نطمح للأفضل وذلك بواسطة نظام الرهن العقاري حيث تستطيع الجهات الممولة توثيق الملكية لصالح المشتري مع الرهن لتستطيع تسنيد هذه العقود من خلال سوق السندات الأولية للانطلاق في دورة تمويلية جديدة لتمكين المزيد من المواطنين من الطبقة المتوسطة من شراء الوحدات السكنية بضمان رواتبهم بما لايتعدى قيمة الإيجارات التي يدفعونها. كلنا ثقة بجهود الجهات الحكومية ذات العلاقة وكبار المستثمرين بالقطاع العقاري والجهات التمويلية لتحقيق حلم المواطن في تملك مسكن يخفف عليه من مفاجآت المؤجر الذي دأب على رفع الأسعار دون سابق إنذار في ظل احتياج الرقابة الى رقابة.