أبدى عدد من الرؤساء التنفيذيين في كبريات الشركات البتروكيماوية في أوروبا مخاوف حدوث تحولات إقليمية كبرى وشيكة تهدد المصنعين الأوروبيين للكيماويات خلال العامين القادمين ومستقبل هذه الصناعة التي بدأت تشهد ازدهاراً قوياً في منطقة الشرق الأوسط والصين والهند التي بدأت في الآونة الأخيرة تحظى بأفضل وأقوى المنتجين بعد أن كانت المنافسة قبل بضع سنوات تهيمن في أمريكا الشمالية وأوروبا من حيث وجود صفوة المنتجين إلا أن الأمور بدأت تنقلب رأساً على عقب في السنوات الأخيرة حيث ذهبت المزايا التنافسية صوب آسيا التي تنعم بانخفاض تكلفة المواد الخام ووفرتها وخاصة في دول الخليج العربي. وتابعت "الرياض" تعليقات بيتر هنتسمان الرئيس التنفيذي لشركة هنتسمان للكيماويات التي تقدر عوائد مبيعاتها السنوية بعشرة مليارات دولار حيث ألمح لبوادر خطر تحدق بالصناعات البتروكيماوية في أوروبا التي بدأت تفقد بريقها وريادتها مقابل ما يتمتع به المصنعون في الشرق الأوسط من مزايا هائلة سوف تؤهلها لقيادة وتزعم قطاع البتروكيماويات في العالم بلا منازع حيث أضحت المنطقة محور اهتمام كبير جداً وجذب للمستثمرين في الوقت الذي تشهد حالياً ثورة استثمارية غير مسبوقة وطاقات إنتاجية هائلة لمختلف المنتجات البتروكيماوية. وسوف تؤثر القدرات الإنتاجية الجديدة القادمة في الشرق الأوسط في تأزم الأوضاع خلال أعوام 2010 و 2011 حيث من المؤكد بأنها ستكون أكثر صعوبة من 2009 بالنسبة للمواد الكيميائية والسلع الأساسية على الصعيد العالمي حيث سوف تأتي شركات مثل ريلاينس وسابك وغيرها من الأسواق الناشئة العملاقة مدعمة بالاستفادة من مزاياها الجغرافية ووفورات المواد الخام غير المكلفة والاستثمار في تكنولوجيات جديدة وقدرات جديدة من المرجح أن تدهور أوضاع المصنعين في بلدان مثل الولاياتالمتحدة والتي لديها مصانع قديمة تعمل منذ 20-30 سنة مقارنة بالصناعات الحديثة الجديدة بالشرق الأوسط التي تعمل وفق أعلى التقنيات المبتكرة مشكلة ميزة تنافسية كبيرة. وفيما يتعلق بشركة هنتسمان والتي كان جزء كبير من استثماراتها يتعلق بالبتروكيماويات فقد قررت الشركة التخلص من هذا القطاع قبل عامين عندما أدركت بحجم وقوة المنافسة للصناعات البتروكيماوية بالشرق الأوسط وكذلك الهند لتفضل عقب ذلك التركيز على صناعات الكيماويات المتخصصة التي تحظى بمزايا فريدة في أوروبا حيث إن أغلب منتجاتها تعتمد على التقنيات المبتكرة التي لا تتأثر بمدى تزايد الطاقات الإنتاجية وتقوم هنتسمان في تصنيعها في الهند والصين والمملكة العربية السعودية وأوروبا وفق تكلفة ثابتة غير متغيرة بأي ظروف مما يجعل من أمر الفارق بين السلع المنتجة والأعمال المتخصصة كبير جداً. وهذه التطورات أرغمت شركات الكيماويات في الولاياتالمتحدة وأوروبا للتركيز على الكيماويات المتخصصة التي بدأت تستحوذ في الأولى على نسبة 30% وفي الأخرى 40% وما يمنحها قوة إن التنافس هنا لا يكون على السعر أو المواد الخام ولكن على التكنولوجيا وابتكار المنتجات التي يمكن من خلالها المحافظة على الميزة التنافسية، ولذا فقد قررت هنتسمان التوسع في نطاق التقنيات المبتكرة في الهند بضخ بليون دولار خلال الخمس سنوات القادمة وكذلك الحال في الشرق الأوسط.