..وتظهر لنا الصور الأولى للموضوعات العامة التي تحتكم عليها تجربة عارف الزياني، وهي ثلاثة موضوعات عموميتها تتفكك وتتنافر في تفاصيل متطورة مع توالي الأعمال وتنوعها، وهي موضوعة الحب المستحيل وامتناع البداوة، ومأزق الحرية. ..أكمل الزياني في عمله اللاحق "حرام يا سنين" (قطرنا-1986)، واختبر نفسه في منطقة أخرى، وهو انتباهه إلى الأغنية العاطفية التي وضعها سليمان الملا مع رباب وعبد الله الرويشد ذات الطابع الحواري في دراميتها وانتهاجها مسألة خاصة في اختيار المقامات ذات النصف نغمة (وهي أنغام حيادية ومتوترة من العجم والنهوند والكرد والحجاز)، وإيقاع الرومبا في صورته اللاتينية حيث تأثر بها كل من راشد الخضر وأنور عبد الله الذي قدم للزياني لحناً استخدم إيقاعاً مختلفاً يتصل بمكتسبات الأغنية الكويتية منذ الستينيات، وهذا ما اتضح في أغنية "الهجر من طبعك" لسامي العلي: واجِهْني إذا تِقْدَرْ واجهني ما أقول أكثر! لا تكلَّمْ لا لا في غيابي هذا ردِّي و هذا كِلْ جَوابي واجِهْني إذا تِقْدَرْ! أنا طبعي وفي وإنت أوَّلْ مِنْ يَدْري! وحَكْيِكْ هذا أبد ما نزَّل مِنْ قدْري وانا ما يهِمْني الِّي اسِمْعَه! كلٍّ يَرَى الناس بْعِيْن طَبْعَه! لا تكلَّمْ لا لا في غيابي.. هذا ردِّي وهذا كِلْ جَوابي واجِهْني إذا تِقْدَرْ! ..وإذا كان الزياني اعتمد على نصين شعريين من القصيدة النبطية للشاعر محمد المري في أغنيتين "يا لابس الشال (إيقاع الدزة)، وعذب السجايا (إيقاع الردحة) "ضمن إطار الغناء البدوي-الحضري عبر استثماره مزاج الألحان الشعبية كما في الأغنية الثانية مع أنه رفع مستواها بوظيفة الكورال الأساسية وختمها بموال غير مألوف إلا إنه سوف يكشف عن ترسخ قدرته في تأليف الموسيقى والتلحين في قالب غنائي كبير عبر أغنية "حرام يا سنين" لسليم عبد الرؤوف (توزيع ميشيل المصري)، وهي تنطلق من إرث الغناء الرومانسي للملحنين الكويتيين بين عامي 1958-1969 مثل: حمد الرقيب ("أداري والهوى نمام" لنجاح سلام) وأحمد باقر ("شكوى العتاب"لعلية التونسية")، ويوسف المهنا ("حلفت عمري"لحسين جاسم) وعبد الرحمن البعيجان ("تكون ظالم" لعبد الكريم عبد القادر) عندما استخدموا إيقاع الرباعي (المقسوم) والوحدة ومقامات موسيقية بنيت عليها الجمل الغنائية المسترسلة والاستطرادية في إمدادات لحنية وتحويلات نغمية ثرية. ..ولكن عارف الزياني يظهر مقدرة في تأليف مقدمته الموسيقية ووضع الفواصل بقدر ما أظهر الشاعر سليم عبد الرؤوف براعة في معالجة موضوعات وجودية عبرت عنها حالة اشتباك الضياع في الحب بوصفها غربة عن الأهل والزمن: "حرام يا سنين تغيِّريْن/عادة الطيبين تمضي سنين ولا يردُّون/ولا تعدِّين وليل الغربة من طوَّلْ/يرجِّعْ عُمري للأوَّلْ وأطيع الشوق أروح أسأل/وأطوي دروب ولا أوْصَلْ أدوِّرْ أهلي وسنيني/ولا أشواقي تِدَلِّيني والغربة تنسيني/ولا ألقى عناويني حرام يا سنين..!"