تلقى المستوى السياسي في إسرائيل إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن عدم نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة باستخفاف كبير. وقال متحدثون رسميون إن هذا شأن فلسطيني داخلي، وليس لإسرائيل أي مصلحة في ثني عباس عن قراره. وقال آخرون إن خطوة عباس ليست إلا حيلة دبلوماسية تهدف الى دفع الولاياتالمتحدة لزيادة ضغطها على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. كما أن الزعم بأن التطورات السياسية في المناطق الفلسطينية المحتلة لا تعني إسرائيل في شيء باطل تماماً. إن حكومة إسرائيل ليست مجرد مراقب في شرفة عالية لما يحدث. فطوال 42 عاماً كانت تلعب دوراً أساسياً في ساحة الجيران. ففشل العملية السياسية الذي حُملت قيادة فتح مسؤوليته، أدى الى فوز حماس بانتخابات عام 2006. كما أدت سيطرة الحركة على البرلمان وحكومة السلطة الفلسطينية الى سقوط قطاع غزة بيد الحركة التي تنكر حق إسرائيل بالوجود. والنتيجة معروفة، إمطارنا بالصواريخ في النقب، وعملية الرصاص المسكوب، وتقرير غولدستون، وهجوم دبلوماسي على إسرائيل. لقد نجحت السلطة الفلسطينية بقيادة عباس ورئيس وزرائه سلام فياض في فرض الهدوء وبسط القانون في الضفة الغربية. وقد أشاد نتنياهو بنفسه كلما سنحت الفرصة بدور السلطة الفلسطينية في حفظ الأمن وازدهار الاقتصاد في المناطق الفلسطينية. ثم من يضمن أن نجد بدلاً من عباس زعيماً براغماتياً يستطيع منع سقوط الاراضي الفلسطينية وبضمنها الضفة الغربية بيد حماس ؟. كذلك فإن حل الدولتين الذي يتبناه رئيس الحكومة نتنياهو منذ سنة ونصف يحتاج وجود زعيمين. لا يوجد شريك فلسطيني أفضل من عباس بالنسبة لإسرائيل للتوصل الى تسوية سلمية. وإذا كان نتنياهو مهتماً بمستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، فعليه أن يقوم فوراً بخطوات تجعل عباس يتراجع عن قراره اعتزال الحياة السياسية، مثل تجميد الاستيطان نهائياً وبشكل دائم، الشروع في مفاوضات سريعة للتسوية النهائية على أساس التفاهمات التي تم الاتفاق عليها سابقاً، ومنح المزيد من التسهيلات للحياة اليومية للفلسطينيين. لأن البديل للجمود الحالي المستمر وسحب حل التقسيم الذي يوافق عليه عباس، سيكون كارثة لإسرائيل. افتتاحية "هآرتس"