خلافاً لتوقعات الكثيرين بتعافي مؤشرات الاقتصاد الأمريكي، صدر يوم الجمعة 6 نوفمبر 2009 التقرير الشهري لوزارة العمل الأمريكية محتوياً جملة من الأخبار السيئة للرئيس أوباما عن حالة سوق العمل، وهي أخبار "توقظ السكارى" كما قال الرئيس في تعليقه عليها، نظراً إلى أن معدل البطالة من أهم مؤشرات صحة الاقتصاد وحيويته. ويهمني هنا مناقشة مؤشرين رئيسين للبطالة وردا في تقرير الوزارة. المؤشر الأول هو معدل البطالة بمعناها الضيق unemployment rate ، وقد بلغ في شهر أكتوبر 10.2%، متجاوزاً توقعات المحللين والخبراء الذين لم يستبعدوا زيادة معدل البطالة خلال شهر أكتوبر ولكن ليس بهذه الوتيرة. ولم يبلغ المعدل هذا المستوى منذ منتصف الثمانينات. ويشمل المؤشر فقط أولئك الذين لا يعملون على الإطلاق (سواء بدوام كامل أو جزئي)، شريطة أن يكونوا قد بحثوا عن العمل بشكل جاد خلال الأسابيع الأربعة السابقة لإجراء المسح، ويعني بلوغ المؤشر هذه النسبة أن نحو 16 مليوناً من الأمريكيين عاطلون عن العمل، منهم 7 ملايين قد فقدوا وظائفهم خلال العامين الماضيين، أي منذ بداية الأزمة المالية في الولاياتالمتحدة. أما المؤشر الثاني فهو معدل البطالة بمعناها الواسع فقد بلغ 17.5% وهي نسبة عالية لم يبلغها الاقتصاد الأمريكي منذ عقود. ويقيس هذا المؤشر البطالة الكاملة والجزئية، ويشمل إلى جانب العاطلين عن العمل بالتعريف الضيق السابق، أولئك الذين يعملون بدوام جزئي ولكنهم يرغبون في العمل بدوام كامل، كما يشمل أولئك الذين بحثوا عن العمل بشكل جاد خلال العام السابق للمسح، ولكنهم أحبطوا وتوقفوا عن البحث عن عمل، ويعني هذا الرقم أن أكثر من 27 مليوناً عاطلون كلياً أو جزئياً عن العمل. وقد تجاوز معدل البطالة 20% في بعض الولايات، مثل كاليفورنيا وأريزونا اللتين عانتا من الفقاعات العقارية، والولايات الصناعية التي انخفض الطلب على منتجاتها مثل ميشيغان، أوهايو، أوريجون، رود أيلاند، كارولاينا الجنوبية. ويتوقع الخبراء أن يستمر عدد العاطلين عن العمل في الارتفاع إلى العام القادم على أقل تقدير. ويعني ارتفاع معدلات البطالة نوعين من الأعباء: الأول اقتصادي والثاني مالي. فالعبء الاقتصادي، وهو الأكثر أهمية،ناتج عن فقدان إنتاجية ملايين العاملين ومساهمتهم في الاقتصاد الوطني، أما العبء المالي فيعني أن المخصصات الحكومية لتعويضات البطالة ستزيد، مضيفة ضغطاً على الميزانية في وقت غير مناسب، حيث اضطرت الحكومة حتى الآن إلى تمديد فترات استحقاق تعويضات البطالة، ولهذا فإن تزايد أعداد العاطلين عن العمل يعني عبئاً إضافياً سيزيد من عجز الميزانية.