تواجدتُ في أكثر من عاصمة أوروبية، وزرتُ أمكنة كثيرة، ومدناً كبيرة، وأخرى صغيرة، ورأيت أنها تحولت إلى منافٍ للإنسان العربي، وامتلأت أرصفتها، ومقاهيها، وساحاتها وأزقتها، وأحياؤها البسيطة والتعيسة بمغتربين من كل الوطن العربي. يمارسون قلقهم، وإحباطاتهم، وأوجاعهم ويقاسون حنينهم، ووجدهم، وعشقهم للأوطان عبر أغنية، أو موال، أو أكلة شعبية عرفوها على أيدي الأمهات، أيام كان الشمل مجتمعاً، والحياة مبهرة، والعيش هنيئاً، والوطن مشرقاً متألقاً. صادفتُ كثراً من العرب، من لبنان، والسودان، والعراق، تشرّدوا وعاشوا التيه القسري بفعل الأمن المفقود، وخطر الموت على الرصيف مجاناً بمتفجرة مزروعة، أو مظاهرة عشوائية جاهلة يتمظهر السلاح فيها كأداة إرهاب، وقتل للإنسان والوطن والإرث والانتماء، وصادفت آخرين تشردوا بفعل عوامل أخرى غير الفقر والبطالة، وإنما عوامل الخوف والرعب، وظلام الزنزانات والأقبية الذي أوجدته أنظمة العسكر والمخابرات. لقد تحولت أوروبا، وأميركا، وكندا، وأستراليا إلى منافٍ لتشرد وتيه الإنسان العربي يمارس وجوده بذل وانكسار، ويواجه مصائره وأقداره بكل أنواع الحزن، وأشكال الخوف، وأنماط التفتت والوجع. إلى أين من هنا، ولماذا هذا الحديث..؟ هذا هو السؤال.. لقد ذهل الناس، كل الناس في الوطن من حجم الجريمة ومخزون الحقد والكراهية، من خلال اكتشاف الأجهزة الأمنية لترسانة الأسلحة في شمال الرياض، والتي نقرأها على أنها انتقال نوعي في العمل الإجرامي يستهدف رموزاً قيادية في صناعة القرار السياسي، والأمني، والفكري، والاقتصادي، أي يستهدف النظام بكل ما يعنيه من استقرار أمني، وسياسي، وما يعطيه من منجزات التطوير، والتحديث، واستشراف المستقبل. ولعلي أسأل، وببراءة مغسولة بحسن النية. 1 - ماذا سيقول بعض خطباء الجمعة عن هؤلاء الإرهابيين القتلة المجرمين، وعن الداعمين لهم فكراً ورأياً ومادة، وعن منظّريهم و«شيوخ» فتاواهم، وعن فكرهم الذي يستهدف الوطن والإنسان والنظام السياسي، وهل سيقولون رأيهم بوضوح وصراحة وشفافية..؟؟ 2 - أين رجال الحسبة(!!) الذين كانت أخبار مداهماتهم، وسوء ظنهم بالناس، ومضايقاتهم للمواطن قبل أن يأتي الرجل الفاضل العاقل الشيخ الحميّن إلى كرسيه فيحجمهم، أين كانوا من احتساب عملهم في خدمة الوطن، وتحصينه، وتسييجه من الإرهاب والإرهابيين؟ 3 - انتهت مساحة الزاوية، .ضع نقطة على السطر.