هكذا هي الحياة تفجعنا على حين غرة في من نحب، فالحياة حلم طويل ولكنه حين ينتهي لا نصدق أحلامنا. وقد لا ندرك أحياناً معنى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا) إلا حين نشعر بمعنى الفراق واليتم الحقيقي عند وداع من نحبهم ويحبوننا ونعرف أننا نحبهم بحث، ونعرف أن الناس من حولنا يحبونهم أيضاً. هكذا كان ابن العم وابن الخال المرحوم الشيخ فراج بن علي بن فراج بن علي بن عقلا، الذي رحل عن دنيانا الفانية عصر الخميس الماضي الثالث من ذي القعدة، وخلف في قلوبنا حزناً وحسرات على رحيله إثر علة لم تمهله طويلاً. وصلى عليه فجر الأحد الماضي في المسجد الحرام ودفن في مقابر العدل بمكةالمكرمة حيث يرقد والده، والشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن عقلا، والمشايخ: عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ، وعبدالعزيز بن باز، وابن عثيمين، وابن حميد وابن بسام والخليفي. والأمراء منصور وماجد وعبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمهم الله جميعاً. والشيخ فراج رحمه الله قدم إلى مكة في معية والده الشيخ علي بن فراج قبل 70 عاماً وعمره سبع سنوات. ولقد قضى الشيخ بقية عمره كلها بمكة إلى أن توفاه الله، ولم يخرج منها إلا لزيارة المدينةالمنورة والقصيم والرياض، لصلة الرحم أو لقضاء مهام العمل، أو برفقة والده الذي عمل في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة وأبها والطائف. قد تقلد الشيخ يرحمه العديد من المناصب بهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن أصبح مديراً عاماً لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكةالمكرمة عام 1410ه، حتى تقاعده في العام 1421ه وقد أحب المرحوم أم القرى وأهلها، وأحبته كذلك، وظل وفياً لهذه البلدة الطيبة. وكان مثالاً للخلق الطيب والمعاملة الحسنة، والتجمل بفضائل المعروف حتى أصبح ممن يشار إليهم بالبنان في هذا الخصال الحميدة. فأورثه الله حب الناس له من الأقارب والأصهار ورجالات الدولة وعامة الناس، فقضى حياته كلها محبوباً مكرماً وقريباً من الناس لطيفاً بهم. كان رحمه الله حكيماً في معالجة الأمور، لا سيما في طبيعة عمله ومسؤولياته التي تحتاج إلى الحكمة والرحمة في التعامل مع الناس. وكان إلى ذلك يحب الستر ويحفظ السر ويعين على إقالة العثرات، ويقرئ الضيف ولسان حاله يجسد معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أجل الصور وأرق الأساليب التي تأخذ بالرأفة والستر والعفو وغفر الزلات وصيانة الكرامات. وكم سعدنا معه في قضاء ليالي رمضان المباركة في منزله العامر بمكةالمكرمة لا سيما في العشر الأواخر من شهر رمضان حيث كان يتشرف باستقبال وضيافة سمو النائب الثاني ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز لأكثر من عام. كما كان رحمه الله يستقبل في داره العديد من رجالات الدولة والأمراء ويكرم وفادتهم وكان من زواره في ليالي رمضان بصورة دورية كل من الأمراء: تركي وماجد وعبدالمجيد بن عبدالعزيز. والعديد من كبار العلماء كسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن منيع وأئمة الحرم وغيرهم من كبار رجالات الدولة. لا سيما في رمضان والحج ومواسم الصيف. ولعل كل هذه الحفاوة التي كان يستقبل بها الناس بمختلف أقدارهم وحيثياتهم هي من القبول الذي خصه الله به. ونسأل الله أن يشمل ذلك القبول أبناءه وإخوانه وأن يكونوا خير خلف لخير سلف. والعزاء موصول لهم سائلين الله أن يلهمهم الصبر والسلوان في مصابهم ومصابنا جميعاً، وعلى رأسهم أبناؤه: الدكتور علي بن فراج وكيل جامعة الباحة للتطوير، ومحمد وعقيل المعيدان بجامعة الطائف. وعبدالله الموظف بديوان رئاسة مجلس الوزراء. وإبراهيم القاضي بديوان المظالم، والمنذر المبتعث لدراسة الماجستير في الهندسة ببريطانيا وابنه الأصغر عبدالعزيز. وإخوانه وكل من الدكتور عبدالعزيز المستشار بوزارة التربية والتعليم والشيخ عبدالرحمن مدير إدارة المصاحف بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ومعالي الدكتور محمد بن علي العقلا رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، والمقدم خالد العقلا بالحرس الملكي، وفهد وتركي وصالح وأخواته سارة ونورة. وبناته كل من الدكتورة سارة، والدكتورة منيرة، والدكتورة عائشة ورقية وفاطمة وبنان وبثينة وخولة ووالدتهم صفية بنت الشيخ إبراهيم الزغيبي رحمه الله. والعزاء موصول لكافة أفراد آل العقلا بمكةالمكرمة والرياض والهلالية والخبرا بالقصيم ولأبنائنا وبناتنا المبتعثين خارج المملكة. ولله ما أعطى وله ما أخذ وكل شيء عنده إلى أجل مسمى ولا نقول إلا ما يرضي الله: (إنا لله وإنا إليه راجعون).