سيرة للخوف والخشية، والبطش، والتباس ما هو واقع وما هو حلم. في رواية الكاتب الأفغاني عتيق رحيمي "ألف منزل للحلم والرعب" والصادرة عن دار الجمل 2009م بترجمة اسكندر حبش، نكتشف مدى هشاشة أرواحنا كبشر، حينما يصبح الحلم امتداداً للواقع، والواقع جزء مما هو متخيل ومنتظر، وما نتخيله في ذروة لا معقوليته وجنونه وخوضنا فيه لا يتجاوز كونه هامشاً من منزلق تيهنا اليومي، نعيش الحب مع القهر، والطمأنينة ممتزجة بالرعب. في سرد رحيمي تجد روحاً أفغانية حقيقة، يوظف من خلالها السارد الموروث الثقافي لتلك البقعة من الأرض التي أصبحت وعلى مدى ما يزيد عن ثلاثة عقود أرضاً للدمار والخراب، لا نعرف عنها إلا حكايات القتال وعبق الحروب، وأوهام الخشخاش. عتيق رحيمي يستغرق في استحضار الموروث الشعبي والديني، من حكايات الملا "دام الله سعيد مصطفى" لجد "فرهد" بطل الرواية، أفكاره حول أرواح البشر، الحلم واليقظة، قراءة التعاويذ حتى لا يستولي الجان على الجسد فتضيع الروح في السماء، ثم توظيفه لسورة يوسف، مماهاة للضياع والضياع. يستلهم رحيمي أجواء الرواية من الإرث المرعب للنظام الشيوعي، حكاية شاب يتأخر عن منزله ليلاً، فيسير في الطريق أثناء حظر للتجوال فرضه العسكر في تلك الحقبة الحمراء المريرة، ليمرر من خلال هذه الحكاية التي لا يتجاوز مداها اليوم والليلة إرثاً كاملاً من القهر والعذاب، في المعتقلات والسجون، بين قتلى ومجانين أفقدهم الرعب عقولهم ونزع حياتهم، فارتد من عاش منهم ذاهلاً عما حوله، وقد غمر شعره البياض. رحيمي في روايته خلق الحلم، وشيد منازل للرعب، وربما تهاوى بين يديه الكثير من الأمل. ولد عتيق رحيمي في أفغانستان سنة 1962م، من أسرة ليبرالية، وبعد الاجتياح السوفييتي لأفغانستان وانهيار النظام السياسي غادر إلى فرنسا، حيث أتم دراسته وحصل على الدكتوراه في الاتصالات البصرية، وفي عام 2008م حاز على جائزة غنكور، الجائزة الفرنسية الأدبية الأبرز، عن روايته "حجر الصبر". يقول عتيق رحيمي في روايته: ألا يتراءى في الحلم، بالضبط، كل شيء أكثر واقعية من الواقع. في العمق، هكذا يعمل الفكر الإنساني. علينا أن نؤمن بأن الإنسان يميل إلى أحلامه أكثر مما يميل إلى الواقع. وإلا كيف أمكن لكل هذه الثورات والحروب والإيديولوجيات أن تنوجد؟.