دعا خبراء عقاريون إلى تعزيز شركات المنشآت التمويلية مع المطورين العقاريين القادرين على إنجاز نوعية ضخمة من المشاريع السكنية بكميات كبيرة ومتعاظمة القيمة. وتأتي أهمية التمويل بالنسبة للمطور، نظرا لحاجة مثل هذه المشاريع لاستثمارات مالية كبيرة، و إمكانيات فنية قوية ومعقدة وخبرات تسويقية متراكمة قادرة على تسويق تلك الكميات الكبيرة من الوحدات السكنية في الوقت المناسب. ويرى العقاريون أن طفرة العقار في السعودية لم تواكبها أصلاً أنشطة تمويلية مناسبة، مؤكدين على أهمية الخدمات التمويلية في استقرار السوق وإغنائه بالسيولة المالية. ولم يستغرب العقاريون محدودية القنوات الخاصة بالتمويل تملك المساكن، والتي أدت – بحسب حديثهم- إلى انخفاض معدل امتلاك المنازل في السعودية، حيث لا تزال مؤسسات الإقراض التقليدية، مثل البنوك وشركات التمويل، هي المصدر الوحيد لسبل التمويل محلياً وفق شروط ونسب ربحية مرتفعة. وبالرغم من تنافس البنوك المحلية لزيادة حصتها السوقية في سوق تمويل المساكن إلا أن شريحة كبيرة من السعوديين لم يستفدوا من تلك البرامج بسبب ارتفاع كلفة التمويل وشروط أهلية الحصول عليه، ما جعل الجميع يترقب إصدار الأنظمة الجديدة للتمويل العقاري الذي من شأنه توفير المرونة اللازمة التي تتطلبها مؤسسات التمويل كي تتمكن من طرح مشاريع تمويل مبتكرة منخفضة المخاطر تعزز فرص تملك المنازل أو أراضي. وما زالت القروض البنكية- بحسب إحدى الدراسات الاقتصادية- متدنية في السعودية حيث تشكل ما نسبته 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 50% في الولاياتالمتحدة و17% في ماليزيا وأكثر من 70% في المملكة المتحدة. وتعول الأوساط العقارية في أن يسهم تطبيق الأنظمة العقارية الجديدة في حل الكثير من العقبات التي تعترض نمو السوق العقاري، والحد من ارتفاع أسعار العقارات، وتوافر المساكن بشكل كبير، ما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم التي سجلت ارتفاعاً كبيراً في المملكة خلال الفترة الماضية كما ستساهم هذه الأنظمة في انطلاق شركات وصناديق تمويل عقارية ما يسهم بفتح قنوات عدة للتمويل تنعكس إيجابياً على حركة السوق عموماً. وأكد العضو المنتدب بشركة دار الأركان عبداللطيف الشلاش أن توفير وحدات سكنية بكميات كبيرة ومتنوعة وبجودة عالية تتطلب تطوير منظومة كاملة تتمثل بالمطورين العقاريين، المقاولين، موردي مواد البناء، التمويل الإسكاني للعمل معا وبتشكل متكامل لتحقيق مفهوم تعاظم قيمة العقارات ذات الارتباط الكبير بمفهوم شراء المساكن بالأدوات التمويلية المتاحة. وزاد: بأن الأصل العقاري المتعاظم القيمة يشكل الضمان الرئيس لعملية التمويل كما يمثل الادخار الفعلي للمشتري الذي تزيد حصته تدريجيا في هذا الأصل بمرور الزمن وإذا كان هذا الأصل متناقص القيمة فإن كل ذلك لا يتحقق. ابن سعيدان وقال الخبير العقاري حمد بن محمد بن سعيدان رئيس مجلس إدارة شركة حمد بن سعيدان للاستثمار العقاري، مما لا شك فيه أن المتغيرات الاقتصادية المتسارعة والنمو السكاني المطرد يفرض علينا إيجاد رؤى جديدة وأفكار مبتكرة والاتجاه إلى بدائل متاحة عن التطوير الفردي، إذ أن التطوير الشامل يعتبر الركيزة الأساسية للتطوير الإسكاني. وأكد أن توفير الوحدات السكنية بكميات كبيرة ومتنوعة تلبي الطلب المحلي المتزايد لا يمكن أن يتحقق من خلال الآليات الحالية في السوق. وشدد بن سعيدان أن من مستحقات تنفيذ الوحدات السكنية بكميات كبيرة ومتنوعة التمويل لأن المطور- بحسب قوله- لا يمكن أن يدخل في تجربة تحتاج إلى رأس مال كبير لا يضمن فيه البيع للكثير من الوحدات السكنية ما لم يكن هناك تمويل للمطور وأيضا تمويل للمواطن المشتري بما يمكنه من دفع قيمة البناء على أقساط شهرية وسنوية وتسهم هذه الأقساط على مساعدة المواطنين بمختلف شرائحهم من تملك مسكن يتناسب مع دخلهم الشهري ولعل صدور نظام الرهن العقاري يكون مشجعاً وحافزاً للممولين. وأكد بن سعيدان بأن للتطوير الشامل مستحقات كثيرة وإيجابيات عديدة ومن الإيجابيات التي تخص الدولة تنظيم الخدمات والمرافق لتضمن معه الدولة وجود أحياء مطورة وفق مفهوم التطوير الشامل بما يجعلها بحق أحياء نموذجية تتعاظم قيمتها بمرور الزمن ويحقق المطورون مشاريعهم التطويرية وأهدافهم الربحية، بالإضافة إلى أن المواطن ينال المسكن الملائم عالي الجودة في حي صحي متكامل الخدمات. وفيما يتعلق بأثر صدور وتطبيق أنظمة الرهن و التمويل العقاري بالنسبة للمشكلة الإسكانية. وأوضح بن سعيدان أن السوق الإسكانية تعاني من شح آليات تمويل المشاريع الإسكانية العملاقة والمقرونة بشح آليات تمويل المشترين بضمان دخولهم الشهرية. مؤكدا أن تفعيل هذه الأنظمة سيعالج هذا الشح وسيدفع بشركات التطوير العقاري لإنتاج منظومة من المساكن عالية الجودة متعاظمة القيمة تصلح كضمان لتمويل طويل الأجل يمتد لأكثر من عشرين سنة، وتسهم في تجسير الفجوة بين العرض والطلب ،وهو ما قد يضع حلاً حاسماً للمشكلة الإسكانية، إلا أنه شدد على ضرورة إنشاء هيئة عليا للعقار لتنظيم القطاع العقاري بأكمله وتقديم خدمة تنظيمية لسوق العقار عامة على أن يكون هناك تعاون بين الهيئة العليا للعقار مع هيئة الإسكان. ودعا بن سعيدان إلى ضرورة الإسراع في تطبيق أنظمة العقارية الجديدة وأهمها نظام الرهن العقاري على أراض الواقع من أجل أن لا تتحول الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب في المساكن السعودية من فرصة استثمارية كبيرة إلى أزمة إسكانية حادة يصعب حلها- على حد تعبيره-. كما طلب بسرعة تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار والذي اعتبره من الأنظمة المهمة التي تحقق الأمان العقاري الذي بدورة يوفر بيئة صالحة وجاذبة للتجارة والاستثمار ، كما أنها ستسهل عملية التعرف على الصفة الشرعية للعقار وسيقضي على العديد من السلبيات التي تحدث في طريقة تملك العقار وتسجيله وتحديد أطواله وحدوده.