يندر أن تشاهد فناناً عربياً يتفاعل مع مهرجانٍ سينمائي بالشكل الذي قام به النجم السعودي عبدالمحسن النمر في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي والذي اختتم منذ أيام في العاصمة الإماراتية أبوظبي. فمنذ اليوم الأول وهو متواجد في أروقة المهرجان يحضر فعالياته بحماس وحرص كبير، لأن "هذا هو الدور المتوقع من أي فنان حقيقي" كما يقول في حديثه ل(الرياض) التي التقت به أثناء فعاليات المهرجان، مُضيفاً "شخصياً أنا أحرص على التواجد في أي تظاهرة سينمائية كهذا المهرجان أو مهرجان دبي الذي سينطلق قريباً وسأكون من بين ضيوفه المدعوين". ويأتي تواجد عبدالمحسن النمر في المناسبات السينمائية في سياق اهتمامه بالفن السابع والذي توجّه ببطولة ثلاثة من الأفلام السينمائية الخليجية المهمة وهي: فيلم (ظلال الصمت) للمخرج السعودي القدير عبدالله المحيسن، فيلم (عقاب)، وفيلم (الدائرة) للمخرج نواف الجناحي الذي سيعرض في مهرجان دبي المقبل. وإضافة إلى ذلك هو متابع للأفلام منذ صغره "أنا متعلق بالسينما وأتمنى لو أتيح لي صناعة أفلام مثل التي أشاهدها ولا أدري ما الذي يمنعنا من تحقيق ذلك فالسعودية تملك كل المؤهلات لتأسيس صناعة سينمائية حقيقية من جمهور ورأس مال وكوادر". ويستدرك النمر "بالطبع هناك من له تحفظ على السينما وهؤلاء أحترم رأيهم لكن أنا لي رأيي أيضاً وأرى أنه بالإمكان الاستفادة من السينما في تعزيز صورة المملكة كما أنها ستعمل على توثيق تاريخنا". هاجس "التوثيق" يسكن عقل عبدالمحسن النمر ويعتبره أحد الأدوار المهمة للفن على اختلاف أنواعه. يقول "ليست السينما فقط بل حتى المسلسلات الدرامية التلفزيونية تعمل على توثيق لحظات من تاريخنا. هذه الأعمال التي قدمتها أنا وزملائي منذ أكثر من عشرين عاماً لها قيمتها الآن.. لأنها وثقت جانباً من حياة المجتمع السعودي" ويُضيف "البعض يرى مهمة التوثيق محصورة في الأعمال التي تتناول الجوانب السياسية وهذه نظرة قاصرة لأن الأعمال الاجتماعية أيضاً لها دورها في توثيق المشاعر والأفكار بل حتى تفاصيل الشارع البسيطة في فترة معينة من تاريخ الوطن". لطيفة المجرن في دور «خزنة» وقد جرّنا الحديث عن التاريخ والتوثيق إلى مسلسل "خزنة" الذي عرضه التلفزيون السعودي قبل عشرين سنة في رمضان 1409 ه وكان من بطولة عبدالمحسن النمر إلى جانب نجوم المنطقة الشرقية: إبراهيم السويلم, راشد الورثان، سمير الناصر، علي السبع، إبراهيم جبر إضافة إلى الفنانة القديرة لطيفة المجرن. سألته أولاً عن ظروف إنتاج المسلسل الذي حفر مكانه في قائمة أفضل المسلسلات في تاريخ الدراما السعودية، فأجاب بقوله "في تلك الفترة الجميلة لم يكن بيننا منتج صريح، كنا مجرد مجموعة من الممثلين الذين يعشقون الفن للفن ذاته، مجموعة من الأصدقاء الذين يرغبون في تقديم شيء مميز، وقد نشأت فكرة المسلسل في ذهن الفنان إبراهيم جبر فكتب السيناريو وتقدم به إلى مكتب وزارة الإعلام –في ذلك الوقت- ومباشرة وافقوا عليه ومنحوه التمويل اللازم لإنتاج المسلسل، ثم اجتمع الممثلون وقمنا بتصوير المشاهد الخارجية في حارات قرية "دارين" والمشاهد الداخلية في أستوديو التلفزيون". ابراهيم السويلم وعبدالمحسن النمر قبل تصوير أحد المشاهد في مسلسل «خزنة» ولماذا لا يعاد عرضه وهو من أفضل الأعمال السعودية؟. يجيب عبدالمحسن النمر "بصراحة لا أدري ما السبب فهناك الكثير من الأعمال التي يجب أن يعاد عرضها من جديد للمشاهد السعودي كي يرى جانباً من ذاكرة المجتمع والوطن". ويذكر النمر أمثلة لهذه الأعمال "أصابع الزمن وليلة هروب لمحمد حمزة ومسلسلات الأبيض والأسود للطفي زيني ومشقاص ومسلسلات المنطقة الوسطى.. كلها أعمال لابد من عرضها". ويضيف "كانت تلك الفترة خصبة فعلاً فكنا نشاهد أعمالاً من مختلف المناطق وبتنوع جميل والفضل في ذلك يعود للتلفزيون السعودي الذي كان ينتج بسخاء ويوزع الفرص بالتساوي على جميع الفنانين والمنتجين". وتمنى النمر أن يعود التلفزيون لسياسته تلك "لأن دور التلفزيون الحكومي هو الحفاظ على استمرار الحالة الفنية ودعم الفنانين في كل المناطق" وختم حديثه مُتسائلاً "فعلاً.. لماذا لا يعاد عرض خزنة؟".