قبل أيام ودعت المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ومنطقة الخليج بكل مشاعر الحزن والأسى أحد الرواد الأوائل في التجارة والصناعة والرياضة والعمل الاجتماعي (الشيخ/ محمد العبدالله الزامل) رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه وجميع أحبائه الصبر والسلوان.. ودعنا بعد أن طبع على قلوبنا محبة لن ننساها، وذكرى ستظل عطرة إن شاء الله، وأعمالاً وإنجازات ستذكر بين الأجيال القادمة. حيث تولى هذا الرجل إدارة إمبراطورية ضخمة من الشركات والمصانع بعد وفاة والده الشيخ/ عبدالله الحمد الزامل التي انطلقت من مملكة البحرين لتصل إلى أرجاء العالم بكفاح وهمة الاثني عشر أخاً وأربع أخوات كانوا تحت قيادته، واستطاع قيادة السفينة بكل كفاءة واقتدار، وكان المغفور له الأب والأخ والصديق، فهو المربي الفاضل، والمعلم الحليم الحازم، والأب العطوف الحنون. حيث سار هو وجميع إخوته على نهج وشعار والدهم في الكفاح والعمل (بيزا على بيزا.. توديكم عنيزة). كسب حب الناس بتواضعه وبساطته ودماثة خلقه، واتباعه سياسة الباب المفتوح في مكتبه ومجلسه، واستقباله للصغير والفقير قبل الغني والكبير، فكانت أبوابه دائماً مفتوحة، ويده دائماً ممدودة وسبّاقة إلى عمل الخير ومساعدة الغير، حيث كان قلباً ينبض بحب الخير، ويجيش بالمشاعر الإنسانية. هكذا ترجل الفارس بعد مشوار الحياة الحافل بالخير والعطاء المليء بالإنجازات إلى مثواه الأخير. لحظات لا تنسى.. لقد امتلأت مجالس العزاء في البحرين والرياض والخبر بمختلف شرائح الناس تقديراً وحباً وعرفاناً لهذا الرجل الخير والعائلة الكريمة، فكانت دموع العزاء وعبارات الثناء والدعوات والرحمات لا تنقطع والألسنة التي تعجز عن العبارات حاضرة في يوم وداعه وأيام عزائه. نعم الرجل أنت يا أبوعبدالله لم تخدعك الحياة بمظاهرها وزخرفها وحلاوة دنياها، فكنت الزاهد في دنياك المحب لآخرتك، حيث جزع القلب، ودمعت العين، من هول الصدمة، وشدة الموقف، ولكن نعود شيئاً فشيئاً إلى السكينة والطمأنينة، عندما ندرك أن هذا قدر الله ولا راد لقدره وقضائه المكتوب، وهذه رحمة رب العباد لعباده الصابرين.. فلتلهج القلوب بالدعاء له وبالرحمة، وهذا طريق عليه كلنا سائرون. وما لفت انتباهي في مجالس العزاء عبارات الثناء والمديح في أبو عبدالله - رحمه الله - من محبيه وما قاله عنه معالي الدكتور غازي القصيبي (إن الشيخ محمد العبدالله الزامل - رحمه الله - من المراهقة إلى الموت قليل الكلام كثير العمل) يتخذ من الصمت حكمة، ويجعل أعماله وإنجازاته هي التي تتحدث عنه. وأيضاً ما لفت انتباهي أنه أثناء إقامة معرض الملك سعود في مملكة البحرين والحضور الفعّال والمميز للمغفور له، حيث كان يجيب على الاستفسارات، ويقدم الشروحات ويتحدث عن العلاقات السعودية البحرينية لزوار المعرض وللوفود الأجنبية من السفراء وكبار الشخصيات بأسلوبه البسيط وابتسامته الدائمة الذي يدل على عمق فكره وأسلوبه السلس البسيط في إيصال المعلومة، كما لو كان رائداً من رواد الإعلام والدبلوماسية. فهو حقاً رائد في التجارة والصناعة والإعلام والعلم والمعرفة والرياضة وذلك كونه أول رئيس لفريق الاتحاد بالخبر الجنوبية عام 56م.. حيث من الصعوبة جداً أن أعدد مآثر أبوعبدالله - رحمه الله - في هذه الأسطر القليلة، ومن الصعب أيضاً أن أدون أعماله الإنسانية والخيرية التي لم يتوقف عن بذلها لوجه الله تعالى، وإن شاء الله أن يسير خلفه على نهجه ويواصلوا مسيرة خير خلف لخير سلف. أسأل الله الرحمن الرحيم العلي القدير أن تصب أعماله في ميزان حسناته التي زرع الكثير منها في حياته، وإن شاء الله يجد حصادها في آخرته. نعم كانت خسارتنا فادحة والمصاب جلل،فقدنا أباً حنوناً وأخاً غالياً وصديقاً عزيزاً لم يختلف اثنان في حبه وتقديره.. ستبقى ذكراك إن شاء الله خالدة في قلوبنا، وأعمالك وانجازاتك نبراساً لنا وللأجيال القادمة.. رحمك الله يا أبو عبدالله، وأسكنك فسيح جناته، وألهم ذويك ومحبيك في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا إليه راجعون).