عندما بدأت إنفلونزا الخنازير، كانت هناك حالة لممرضة فلبينية . وفي التعليق على الخبر طالب البعض بتسفير الأجانب من البلد وبالذات الفلبينيين لأنهم سبب الداء على حد قولهم! . بالطبع المريضة الفلبينية ذهبت للمستشفى ورصدت حالتها، والله أعلم إن كان هناك في ذلك الوقت عشرات السعوديين المصابين بالمرض ولم يتلقوا العلاج، وتعافوا منه . المهم خلال تلك الفترة أيضا رأى البعض أن الخنزير ولأنه حيوان مكروه فهو السبب! وبالطبع نسوا أن هناك انفلونزا الطيور وجنون البقر والحمى المالطية وحمى الوادي المتصدع وكلها بسبب حيوانات آخرى!. طالب البعض بعدم السفر للبلاد التي تنتشر فيها الحالات قبل أن تزداد الحالات لدينا، وسافر من سافر وبقي من بقي .المهم من المؤسف وبعد وجود حالات ووفيات لدينا أن يكون الفكر العربي لا زال يعمل لدينا بطريقة أصدق ما توصف به أنها بارانويا أو ما يسمى جنون الاضطهاد! فالغرب بدأ مرة أخرى يسلط شره علينا وأن هذا مخطط مع أن الكل يعرف أن الأمراض متجددة فدائماً وأبداً ستظهر فيروسات وأمراض جديدة وتختفي أخرى . وجاءت المدارس وكالعادة بدأ السعوديون يطالبون بتأخير فتح المدارس إلى ما بعد السنة الجديدة . في البداية التأخير حتى يأتي اللقاح وعندما قرب وصول اللقاح بدأت العقول في تلفيق حيلة آخرى لتأجيل الدراسة وهي أن اللقاح حرب ضدنا وأنه ضار! وأنا هنا لا أريد أن أقلل من شأن الخوف من اللقاح، فهو جديد وحتى الأمريكيون أنفسهم خائفون منه، كما أن كل اللقاحات التي نعطيها لأطفالنا فيها نسبة من الخطورة ، فمثلاً لقاح شلل الأطفال قد يسبب أعراض الشلل في نسبة بسيطة من الأطفال . ولكن مرة أخرى تطل المؤامرة برأسها ونطلب تأجيل الدراسة بحجة أن اللقاح ضار ومكيدة ضدنا!. وإن تتبعنا فكرنا المريض وحبنا للكسل والاسترخاء فإن الدراسة لن تبدأ أبداً . في الغرب قرروا صنع لقاح لهذا الداء وتوفيره قبل الشتاء حيث تشتد الانفلونزا ومعاملهم وباحثوهم وعلماؤهم عملوا بجهد متواصل، بينما العربي ينتظر وصول اللقاح واضعاً يده في جيبه ، ويفكر إنها مؤامرة ضده ،بالرغم من أن القوم مشغولون بأنفسهم وشؤونهم لم يجبروا أحدا على أخذ اللقاح!. المهم في كل هذا وذاك العربي يريد الاسترخاء والتكاسل فلا معاملهُ تصنع ولا عقله يفكر، ونفسه تتغنى بالمؤامرة وروح الضحية . أحيانا أتساءل وبسخرية مريرة لو انتشر مرض وفيروس آخر، لماذا لا يتكرم العربي ويشمر اليد ويحفز العقل ليخترع اللقاح له ما دام لديه كل هذه الهواجس والمخاوف ؟ ولا أخفيكم أنني حتى هذه أكاد أشك فيها فلو اخترعه سيبحث عن المؤامرة مرة أخرى وبطريقة مضحكة ومؤلمة ، ربما أخوه العربي يتآمر عليه أو.. هو حتى يتآمر على نفسه! إنها المؤامرة عزيزي فتش عنها وفتش فإن لم تجدها فاخترعها فهي ستكون الدواء والمسكن لتخلفنا وجهلنا وعار خيباتنا!.