علينا أن ندرك ونعترف أن تجربتنا الانتخابية المحلية لا تزال في بداياتها وأنها تسير على أرض هشة ولا عيب في ذلك فعمرنا الانتخابي الرسمي المقنن صغير جدا إذا ما قورن بالدول الأخرى المتقدمة في هذا المجال كما أن مقومات العملية الانتخابية المحلية على الرغم من ممارسة بعض قطاعاتنا لها تعد في نظري ضعيفة أو شبه معدومة أو غير معروفة بشكل كاف ولذلك ما يبرره فالمعروف أن من أهم مقومات نجاح العملية الانتخابية أيا كانت توفر بيئة مجتمعية قادرة على استيعاب معنى العمل الانتخابي سواء من خلال الناخب الذي يجب أن تكون لديه المقدرة الكافية لدراسة البرامج الانتخابية والتعرف بشكل كاف على المرشحين للفوز بالعملية الانتخابية أو من خلال المرشح للانتخاب الذي يجب أن يكون قادرا على صياغة أهدافه وخططه واستراتيجياته الانتخابية بوضوح أو من خلال البيئة التي تحتضن تلك العملية الانتخابية وخاصة ما يتعلق بتقنين وتنظيم العملية الانتخابية ومتابعة مجرياتها الأمر الذي يمكن من انسيابية العملية الانتخابية ونجاحها وتحقيق الأهداف المرجوة منها. وبغض النظر عن مدى صلاحية العمليات الانتخابية لقيادة التنظيمات والمجتمعات سواء في العالم النامي (الثالث) أو العالمين الأول والثاني التي أثبتت التجارب العملية (المحك التطبيقي الحقيقي) فشل البعض منها و ضعف أداء البعض الآخر!! إلا أن تجربة الغرف التجارية الصناعية السعودية في هذا المجال بالذات حققت الكثير من النجاحات على مدى عمرها الانتخابي التي تزامن مع بدايات نشأتها وأذكر أنني خلال عملي في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض كنت أواجه الكثير من رغبات الاستفادة من التجربة المتميزة والهادئة لغرفة الرياض في تنظيم وتقنين ومتابعة ممارسة العملية الانتخابية سواء من خلال مسئولي الجهات الخيرية أو من خلال مؤسسات المجتمع المدني المختلفة بل إن الغرفة احتضنت الكثير من ممارسات العمليات الانتخابية لعدد غير قليل من مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات علمية وخيرية وأكاديمية. ولعل مما لفت انتباهي مؤخرا تراجع مستويات تنظيم وتقنين وممارسة العملية الانتخابية في غرف المملكة التي كانت قد بدأت ممارستها بشكل واضح ومتميز وذلك بسبب ممارسات خاطئة لبعض الغرف أو المرشحين لانتخاباتها أو (وهنا مربط الفرس) بسبب تنظيمات (يمكن وصفها بالقاسية) مارستها وزارة التجارة والصناعة مع المسألة الانتخابية الغرفية أدت بالفعل إلى إبطال (مفعول) انتخابات الغرف وتحويلها من عملية انتخابية مرتبة يطرح من خلالها المرشحين برامجهم الانتخابية وتتم مناقشتهم حولها ومن ثم يتم (أو هكذا يفترض) محاسبة مجلس الإدارة المنتخب في كل دورة من دورات الغرفة حول ما تم تنفيذه وتحقيقه من برامج انتخابية تمثل وعودا ثابتة ومواثيق واضحة إلى عملية (ممجوجة) تتم بأسلوب غير منهجي حيث لا يتاح للمرشحين استخدام وسائل الاتصال والتواصل الحديثة للتعريف بأنفسهم وطرح برامجهم الانتخابية ومحاولة التأثير على منتسبي الغرفة المعنية لانتخابهم خاصة وأن الغرف الرئيسية كالرياضوجدة والشرقية أصبح لها تواجد وفروع في عدد من مدن ومحافظات المناطق التي تتواجد فيها فكيف يمكن لمنتسبي تلك الغرف من المقيمين في مدن أو محافظات بعيدة عنها التعرف على مرشحين في المركز الرئيسي ومن ثم انتخابهم. ومن هنا أتمنى أن تكون وزارة التجارة والصناعة أكثر مرونة في التعامل مع العملية الانتخابية الغرفية وأن تساهم في دفع هذه التجربة المتميزة إلى الأمام بدلا من وأدها خاصة وأنها تمثل مظهرا حضاريا يحق للوطن المفاخرة به.. فهل تفعلها الوزارة وتتدارك الأمر في انتخابات غرفة جدة الحالية مع تنظيم وتقنين يحسن من أداء التجربة بدلا من وأدها؟