تصاعدت في الآونة الأخيرة ظاهرة "البطالة الأجنبية" في مناطق مختلفة من المملكة مقارنة بالأعوام السابقة، وذلك رغم المحاولة الجادة من قبل السلطات لاحتواء هؤلاء المخالفين لنظام الإقامة، إلا أنهم يعملون بقدر الإمكان للتحايل على النظام بطرق مبتكرة ومختلفة ساهمت في انتشار عدد من الجرائم والسرقات، كما يشارك في انتشارها صاحب العمل أو الكفيل غير المبالي، والذي أحضرهم بتأشيرات مختلفة ومن ثم قام بإطلاق سراحهم في الشوارع لممارسة أي عمل تصل إليه أيديهم، ليحصل في نهاية كل شهر على مبلغ من كل عامل تحت كفالته دون التأكد من مشروعية عملهم. ولم يخف بعض المقيمين صدمتهم بالواقع المرير الذي واجهوه بعد أن كانوا يتوقعون أنهم سيعملون في مهن تدر عليهم المال الوفير أو وظائف مرموقة حسب تخصصاتهم العلمية، بيد أنهم وجدوا أنفسهم تحت رحمة كفلاء همهم جني المال بأي طريقة كانت. مهندس كمبيوتر يعمل سباكاً لم تدم فرحة نادر منصور(مصري) طويلا بعد حصوله على تأشيرة للعمل في المملكة كمهندس حاسب آلي، وذلك لعلمه بأن فرص العمل متوفرة بشكل كبير خصوصا في ظل زيادة الاستثمارات التي قامت بها المملكة من خلال فتح الباب للشركات العالمية للعمل داخلها، ولذلك دفع أكثر من 8 آلاف ريال للحصول على التأشيرة. وقال: أصبت بخيبة أمل كبيرة بسبب أن الشركة التي سأعمل تحت كفالتها لا تعمل في مجالي، بل كانت تحاول مراوغة الدوائر الحكومية للحصول على سجل تجاري، كما أن فرص العمل قليلة بسبب حرص الدولة على توطين الوظائف، مما سبب لي حيرة كبيرة في المشكلة التي سأتعرض لها إذا لم أجد عملا للحصول على قوت يومي ولسداد ما دفعته للحصول على التأشيرة. الأحياء الشعبية مصدر تواجد العمالة السائبة وأضاف: فوجئت باني مجبر على ممارسة أي عمل لكسب العيش، ما دعاني لتعلم السباكة على يد أحد الأصدقاء، رغم عدم اقتناعي بالأمر، حيث أحمل شهادة جامعية في هندسة الحاسب الآلي، ولكنني رضيت بواقعي الذي يكسبني مالاً كثيرا يساعدني في إعالة أسرتي في الخارج. بينما يذكر آدم (بنغلاديشي) بأنه تعرض للخداع من قبل المؤسسة "الوهمية" التي تكفله، وقال: صاحب المؤسسة طلب مني أن أعمل بعيدا عنه شرط أن أدفع مبلغ 500 ريال نهاية كل شهر، إضافة لعدم توفيره مسكنا لي، ما جعلني اضطر للبحث عن مسكن ودفع إيجاره من دخلي الخاص، الذي احصل عليه من خلال ما أقوم به من أعمال مختلفة. ويعمل آدم في عدة أعمال، منها غسيل السيارات في المساء، إضافة لأعمال النظافة في إحدى البنايات في الصباح، وذلك بعد عدة شهور من البطالة لعدم معرفته بكيفية الحصول على عمل. السباكة والكهرباء ملاذ لهم وتجد الأعمال المتعلقة بالسباكة وتركيب المواد الصحية، إضافة لتمديد وتصليح أعطال الكهرباء، ملاذا للكثير من العمالة السائبة أو العاطلين من المقيمين، وذلك من خلال تنظيمات استغلت استحقار أبناء الوطن لهذه المهن، مما حذا بالكثير من المقيمين ممن لم يحصلوا على عمل لتعلمها وممارستها بطرق قد تسبب في كثير من الأحيان خسائر وكوارث، خصوصا فيما يتعلق بالأعمال الكهربائية والتي تحتاج لخبراء يهتمون بأسس السلامة والحماية قبل كل شيء. ومن الملاحظ تعرض الكثير من المواطنين بعد شراء حاجياتهم من الأماكن المخصصة لبيع المواد الصحية لعروض من قبل وافدين من مختلف الجنسيات بالقرب من المحلات التجارية، بهدف التركيب أو التصليح بأسعار بخسة قد تغري البعض بالاستعانة بهم، ليكتشفوا بعد ذلك بان العمل قد أنجز بطريقة سيئة وعشوائية مما يعرضه لخسائر مركبة. بعض الكفلاء يطالبون عمالتهم بمبلغ مالي نهاية الشهر دون اهتمامهم بمصدره "الرياض" التقت مع احد المواطنين الذي ذكر تجربته مع احد العمالة من الجنسية الآسيوية، والذي استعان به لإصلاح عطل كهربائي في المنزل ما دعاه للتوجه لأحد الشوارع التي يكثر بها طالبو العمل، ليطلب من احدهم أن يذهب معه للمنزل بعد الاتفاق على السعر بعد مفاصلة مع عدد من العمالة، ليستقر الاختيار على أرخص شخص منهم، هذا ما ذكره حسين يوسف، والذي اكتشف بعد رحيل العامل أن المشكلة أصبحت مضاعفة وكادت أن تتسبب بحريق في المنزل، ما جعله يتوجه وهو غاضب للبحث عن العامل فلم يجده، بل وجد أن جميع العمال هناك يحاولون التستر عليه، ليتأكد بأنه كان مخطئا عندما استعان بعمال غير نظاميين بدل التوجه لشركات نظامية متخصصة في هذا المجال. جرائم بسبب البطالة حذر الباحث الاجتماعي يحيى القلاف من تزايد ظاهرة "البطالة" لدى العمالة الأجنبية، لما تسببه من إفرازات سلبية كثيرة تساعد بشكل كبير على تنامي الجرائم والسرقات، حيث ذكر أن الكثير من العمالة يتعرضون للضغط من كفلائهم الذين يطالبون منهم مبالغ نقدية نهاية كل شهر، ما يجعلهم يلجأون في كثير من الأحيان للسرقة. وطالب القلاف بمزيد من الصرامة مع تجار التأشيرات، والذين ساهموا بشكل كبير في زيادة الجريمة في مجتمعنا من خلال استقطابهم لعمال بهدف نشرهم بطريقة غير نظامية، مما حذا بهم لامتهان أعمال مختلفة تتراوح بين غسيل السيارات والأعمال الكهربائية والسباكة، وتجميع قطع الحديد لبيعها في سوق الخردة. وأشار: كما يساهم أيضا بعض أصحاب العمل النظاميين في هروب عمالهم، وذلك بسبب الأجور البخسة أو سوء المعاملة. وقال الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية العميد يوسف القحطاني بأن دور الشرطة قد حدد بمراقبة إقامة المقيمين، والتأكد من كونها نظامية أو غير نظامية، إضافة لمباشرة الحوادث والقضايا الأمنية التي قد ترتكب من قبل العمالة العاطلة، أما من ناحية عمل العامل عند كفيله أم غيره أو حتى إن كان هاربا فهذا أصبح من اختصاص مكتب العمل، مضيفا: قد تقع جرائم مختلفة من قبل العمالة السائبة، تبدأ بهروبهم من كفلائهم أو مخالفتهم لنظام الإقامة، وتنتهي بالجرائم الكبيرة كالقتل. العاطلون الأجانب يهددون أمن وسلامة المجتمع عقوبات صارمة للمتاجرين بالتأشيرات وذكر مصدر مسئول في مكتب العمل بان ظاهرة تسريح العمال من قبل كفلائهم مقابل مبلغ مالي يدفع شهريا تعتبر مخالفة للتشريعات النظامية، التي تحظر جميع أشكال المتاجرة بتأشيرات العمل، حيث تصدر بحق كل من يثبت عليه هذه المخالفة عقوبات نصت عليها الأنظمة ذات العلاقة، والتي قد تصل للحرمان من الاستقدام لمدة خمس سنوات في حال تم ارتكاب مخالفة واحدة، بينما يحرم من الاستقدام بشكل كامل في حال تكررت المخالفة.