هل يختلف السلوك النسائي عن الرجالي عند مشاهدة مجموعة من الشباب في وضع يختلف عن الوضع السائد ؟ ربما نجد الكثير من الاختلاف بين المرأة و الرجل في وصف هذا التجمع او حتى وصف الشاب ذي الشكل الجديد من حيث اللغة ومن حيث الاستفسار أو الاستنكار المسموع أو الذاتي أو حتى طريقة الأمر بالمعروف ناهيك عن طريقة النهي عن المنكر . صور ذهنية وسلوكيات نرسمها ونقوم بها بمعزل عن النتائج . ومع هذا يظل الرجل الأكثر تساؤلا من المرأة . فلنأخذ مثلا عندما يقوم الطفل الصغير جدا في المنزل بالبكاء يصيح الرجل " وين أمه؟ " وعندما يكبر قليلا ويبدأ بالشقاوة يصيح مرة أخرى " وين أمه؟" وعندما يكبر ويخرج للعب في الشارع أو الحي بشكل منفلت يصيح الرجل ثالثة " من هو ولده ؟ ". وتستفحل المشكلة بشكل واضح في "مشراق" الكبار أو مكتب العقار حاليا أو حتى في سيارات الرجال وهم جمعى ليصبح سؤالهم أيضا " من هو ولده ؟ " أو" منهم عياله؟" . في السابق يصعب قبول مثل هذا السؤال الذي يلقي بالمسؤولية بعيدا عن الرجل وكأنه يقول كيف نسمح لفتية يخرجون للشارع بدون تربية أو حسيب أو رقيب من المجتمع ؟ أما الآن ففي اعتقادي يستطيع الرجل أن يمارس السؤال الذكوري حتى في منزله ولولده " من هذا ولده ؟" فالكائن البشري الذي يحمل اسمك ويرثك بعد عمر طويل بإذن الله تداعت عليه مدخلات التربية من منزل ومسجد ومجموعة أصدقاء حقيقيين وافتراضيين وتليفزيون وموبايل وسفر وأندية ...الخ القائمة . يحمل اسمك ولا يحمل نهجك التربوي فما العمل يا ترى . أعتقد أن الأسر بدأت تدفع الثمن غاليا عند تخليها عن العلاقات الأولية في تربية الأبناء والتدخل في سلوكياتهم من بقية كبار الأسرة والجيران، وكذلك الحي بدأ يفقد الجار هيبته وقيمته والحي سكينته بسبب غياب العلاقات الأولية وإحلالها بعلاقات ثانوية وفق قاعدة " يا جاري أنت في حالك وأنا في حالي " . الوضع أصبح اخطر على مستقبل الأبناء أنفسهم وعلى مستقبل الأسر والمجتمع بشكل عام . كيف نعيد المجتمع إلى مفاهيم العلاقات الأولية ؟ الجواب لن يأتي من خلال هذه النافذة الفكرية وإنما من خلال إستراتيجية وطنية للتعامل مع وقت الشباب المهدر بعد المدرسة . وهناك دول بدأت فعليا في تبني فكرة مؤسسات الظهيرة واول المساء مثل الولاياتالمتحدة، وهناك شركات تقوم بواجب المسؤولية الاجتماعية بقبول تدريب الطلاب في فصل الصيف او خلق برامج لهم بعد الظهيرة. بل هناك شركات خصصت وقف خاص ببرامج الظهيرة مثل شركة جي . سي. بني ( JC Penney) التي تمتلك السواق المشهورة. وتنطلق هذه البرامج من فلسفة للشباب " تعلم وأنت تنمو، لتحصد الخير بعد النمو". ولعل البداية الحقيقة للعودة للعلاقات الأولية داخل المجتمع الذي لا يزال تقليديا وأكثر تنظيما من خلال مشاركة الشباب في برامج عيون الأمن في الأحياء، او برامج متابعة السيارات المسروقة او غيرها من البرامج التي تطور حسهم الأمني لمنازلهم وأسرهم وأحيائهم أولا وبالتالي للوطن , وتنمي قدراتهم في الرصد الإجرامي وتقليل تعرض ممتلكاتهم وأسرهم للعبث او السرقات . وحتى لا نقف عند طرح السؤال التقليدي العقيم عندما نشاهد من نشك في سلوكه الانحرافي من الشباب " منهم عياله ؟ " ونقرر ماذا سنفعل عندما نعرف منهم ونقول " الله يهديهم " . سؤال هل تعرفون كيف نجيب عليه ؟