أكد اقتصاديون سعوديون أن الفترة المقبلة قد تشهد اندماجات واستحواذات بين مؤسسات كبرى في السوق المحلية تأثرت بعضها بالأزمة المالية العالمية, في خطوة للتحوط من المشاكل المالية المستقبلية التي قد تتعرض لها بعد الأزمة. وانتقدوا سياسة التعتيم التي تتبعها بعض المؤسسات في تغطية لواقعها المرير, مؤكدين أن المشاكل التي تعرضت لها مجموعتا القصيبي والصانع مؤخراً, كشفت بعض جوانب القصور التي تحدث في التوسع في اقراض الشركات والمؤسسات دون ضمانات قوية. وأشاروا في حديث ل" الرياض", إلى أن الأزمة المالية العالمية بدأت في الانحلال رويداً رويداً بالنظر الى التحسن الملحوظ الذي تعيشه الاقتصادات العالمية حالياً, وقد تكون في فصولها الأخيرة إذا ما سارع العالم في تنفيذ توصيات وقرارات مجموعة العشرين الاقتصادية. وقال الدكتور محمد محمود شمس الاكاديمي الاقتصادي ومدير مركز دراسات الجدوى الاقتصادية بجدة, إن الأشهر المقبلة من المؤكد ستشهد استحواذات من قبل كيانات كبيرة في السوق المحلية على شركات متعثرة بسبب الازمة المالية العالمية, إلى جانب اندماجات على غرار ماحدث في قطاعي الزراعة وتجارة التجزئة مؤخراً. وانتقد شمس سياسة التعتيم التي تمارسها بعض الشركات الضخمة في السوق المحلية على انعكاسات الأزمة العالمية عليها داخلياً, مبيناً أن الوضع لن يستمر على ماهو عليه بل ستكون مجبرة بعد فترة على إعلان مشاكلها كما حدث لمجموعتي القصيبي وسعد. وتحدث شمس عن المرحلة المتقدمة من التحسن التي تعيشها الازمة العالمية وانها في طريقها الى ايجاد حلول ناجعة تقضي عليها وتمنع تكرار حدوثها, وقال:" نتوقع التحسن المستمر في الاقتصاد العالمي خلال الربع الرابع من 2009, وتحديداً في قطاع التصنيع الذي يشهد حالياً نمواً حذراً ومن ذلك قطاع تصنيع السيارات بعد ان قدمت امريكا وبعض الدول الاوروبية بعض الاجراءات التي ساهمت في انتعاش هذه السوق الاشهر الاخيرة برز منها المعونة التي قدمتها امريكا لمشتري السيارات صديقة البيئة التي تستهلك وقودا أقل ما انعش السوق وزاد من مبيعات هذه الصناعة". وأضاف: "القطاع المالي العالمي لازال يعاني من بعض مفاجآت إفلاس بنوك امريكية, بعد ان تحول القطاع البنكي الاميركي الى قطاع احتكار بعد ان كان تنافسيا قبل الازمة فاصبح تقوده نحو اربع بنوك كبيرة استحوذت على تلك البنوك التي تعثرت وافلست جراء الازمة, غير ان المعونة التي قدمتها الحكومة الامريكية لاقتصادها قلصت من معدل إفلاس البنوك والمؤسسات الامريكية". ونوه شمس إلى أن معدل البطالة لازال مرتفعا في امريكا ويشكل قلقا لبعض الدول حول العالم, غير ان العام المقبل قد يشهد انخافضا لعدد العاطلين, بالنظر الى ان تزايد اعداد هذه الفئة يشكل معضلة للاقتصادات العالمية. وطالب مدير موكز دراسات الجدوى الاقتصادية. بالتعجيل بتنفيذ قرارات مجموعة العشرين الاقتصادية ووضع اليات لتطبيقها على ارض الواقعو بالنظر الى ان قرارات تم الاعلان عنها سابقا لم تحظ بالتنفيذ ومن ذلك الغاء الرسوم الجمركية على بعض السلع حيث درجت بعدول المجموعة على تطبيق رسوم جمركية على بعض السلع بعد اجتماع مجموعة العشرين. من جهته, قال الدكتور سالم باعجاجه الاكاديمي الاقتصادي في جامعة الطائف, إن اجراءات مؤسسة النقد العربي السعودي التي وضعتها والرقابة الشديدة التي تمارسها على البنوك وعمليات اقراضها قد تمنع تكرار ماحدث لمجموعتي القصيبي والسعد لكنه بالتاكيد هناك مؤسسات تتعرض لمشاكل مماثلة. وزاد:" اذا مانظرنا الى الديون التي تعاني منها مجموعة القصيبي نجد ان اغلبها كانت لبنوك اجنبية هزتها الازمة العالمية مايعني ان رقابة مؤسسة النقد اثمرت في عدم تورط بنوك محلية في هذه المشكلة, بينما اتفقت مجموعة الصانع مع بنوك محلية لتتنازل عن رهوناتها واسهمها في سبيل حل ازمتها مع بعض البنوك". ولفت باعجاجه الى ان الفترة المقبلة ستشهد اندماجات واستحواذات في السوق المحلية كما حدث في بعض قطاعي الزراعة والتجزئة, الى جانب ان هناك شركات ستشكل كيانا موحدا برأسمال كبير يساعدها على تجاوز تبعات الازمة ومواجهة التحديات التي احدثتها المتغيرات الاخيرة على الاقتصاد العالمي, خصوصا مع المنافسة التي تعيشها الاسواق العالمية بعد انضمام المملكة الى منظمة التجارة العالمية.