دعا الرئيس التنفيذي للمجموعة المالية – هيرمس حسن هيكل، إلى فتح سوق الأسهم السعودية لغير المقيمين والسماح لهم بتملك الأسهم بشكل مباشر، وقال: «إن ذلك يمكن أن يتم بشكل متدرج وبوضع حدود قصوى في المرحلة الأولى». واستغرب هيكل في حوار مع «الحياة»، لأن السوق السعودية الأكبر في المنطقة ما زالت مغلقة أمام المستثمرين الأجانب، وهو ما يحول دون زيادة الاستثمار الأجنبي، «لأن الصناديق الاستثمارية الكبرى لن تستثمر إلا لو تملكت الأسهم بشكل مباشر». وأوضح أن الاقتصاد السعودي استطاع الصمود أمام الأزمة العالمية، «وكان الأقل تأثراً، فلم نر إفلاساً للبنوك، ولم نجد نمواً سالباً للدخل القومي». واعتبر أن أي شركة لديها اهتمام بالعالم العربي يجب أن تكون موجودة في السوق السعودية، حتى لو تكبدت خسائر في البداية، واصفاً عدم وجود تلك الشركات في السعودية بأنه «هزل». وشدد هيكل على أن البنوك السعودية غير ملزمة بالإعلان عن قروض لمؤسسات خاسرة أو لديها مشكلات، مشيراً إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي ليست أيضاً ملزمة بالإعلان عن حجم الإقراض. وتوقع الرئيس التنفيذي ل «هيرمس» نمو الأسواق العربية بنحو 20 في المئة في المتوسط خلال العام الحالي، مدعومة بزيادة أسعار النفط وتحسن أداء الشركات، والاستثمار في البنية التحتية، والتحسن النسبي للسيولة داخل المصارف. وتطرق هيكل في حواره إلى مواضيع أخرى، تتعلق بطرح منتجات جديدة في السوق السعودية، وتوجه المجموعة لدخول السوق السورية. وهنا نص الحوار: ما هي رؤيتكم لسوق الأسهم السعودية خلال 2010؟ - أرى أنه تم اتخاذ خطوات كثيرة حتى تكون السوق السعودية منفتحة مؤسسياً، وبدأت تلك الخطوات منذ سنوات عدة، وكل فترة تضاف إحدى الأدوات لتنمية هذه السوق الضخمة. ونحن ننتظر النقلات والخطوات الأخيرة لانفتاح السوق السعودية، وعندما يحدث ذلك سيكون تأثير ذلك إيجابياً في السوق، بخاصة أن الاقتصاد السعودي يتمتع بمعدلات نمو مرتفعة واحتياطات عالية جداً، ولم يتأثر بشكل مباشر بما حدث عالمياً. كما أن أسعار النفط تتراوح حالياً بين 70 و75 دولاراً للبرميل، على رغم أنه كانت هناك توقعات بأن تظل الأسعار عند مستوى بين 30 أو 35 دولاراً لسنوات عدة، وهو ما كان سيؤثر في الاقتصادات الخليجية، بخاصة السعودية سلبياً، وكذلك كل الاقتصادات المعتمدة على النفط، غير أن ارتفاع الأسعار سيدعم بلا شك اقتصادات الخليج، ويعزز النمو. ولا ننسى أن هناك خطة هائلة للتنمية الداخلية في السعودية، متمثلة في الاستثمار في البنية التحتية، وتخصيص 400 بليون دولار خلال 5 سنوات، وكل ذلك إضافة للسوق السعودية. وعندما تضع اقتصاداً قوياً من ناحية، وسوقاً تنفتح من ناحية أخرى، فإن هذا مبشر للسوق السعودية، لكن دائماً الأسواق والعاملين بها يطلبون المزيد من الخطوات وبخطى متسارعة. ماذا تقصدون بتلك الخطوات؟ -في سوق الأسهم السعودية يجب البدء في التفكير بفتح السوق لغير المقيمين في السعودية، وبصورة مباشرة في ملكية الأسهم، وقد يكون ذلك من خلال إما شهادات إيداع دولية أو في شكل ملكية الأجانب للأسهم، ومن الممكن أن يتم وضع حدود قصوى للأجانب في المرحلة الأولى، ثم ترتفع تدريجياً. وحالياً الملكية المسموحة للأجانب غير مباشرة، والمستثمرون دخلوا بشكل غير مباشر، وهو ما لا يؤدي إلى زيادة الاستثمار الأجنبي، لأن الصناديق التي دخلت السوق السعودية ليست كبيرة، والصناديق الكبرى لن تستثمر إلا لو تملكت الأسهم بشكل مباشر. كما أن الصناديق الكبرى في كثير من الأحيان لا يسمح هيكلها التنظيمي بالاستثمار ودخول الأسواق إلا في الأسهم مباشرة. وفتح السوق للأجانب يخلق طلباً مؤسسياً أكبر، وأحد الأهداف هو دخول المؤسسات الأجنبية، ليكون إجمالي تداول المؤسسات اليومي مرتفعاً، خصوصاً أن السوق السعودية هي أكبر سوق عربية مؤهلة لجذب استثمارات المحافظ الاستثمارية. إن حجم هذه السوق بالسيولة الموجودة فيها وشركاتها الكبرى والإدارات الممتازة بتلك الشركات يجعل من الصعب التفكير في أن تبقى السوق السعودية مغلقة، أو أن هذا الانفتاح والمراحل الأخيرة تأخذ سنوات وسنوات. ولكن يجب أن ننظر إلى السوق السعودية من منطلق التطور الذي حدث، وأين كنا وإلى أين أصبحنا، وأرى أن اتخاذ خطوات فتح السوق أمام الأجانب غير المقيمين يعتمد على القرار السياسي. إن التحول من سوق مقفولة إلى سوق مفتوحة يحتاج إلى وقت، ولا استطيع القول إنه من الممكن أن يتم فتح السوق خلال سنة أو سنتين فهذا خطأ، ولكنني اعتقد أننا وصلنا إلى درجة من التطور والعقلانية لفتح السوق، وأنه سيتم فتحها خلال الشهور المقبلة. معدلات التداول في سوق السندات السعودية منذ انطلاقها ما زالت ضعيفة، بما تفسرون ذلك؟ - عند افتتاح السندات العام الماضي قلت لا تنتظروا سيولة عالية في سوق السندات، فالسيولة في سوق السندات في العالم العربي ضعيفة لأسباب عدة، منها البنوك التجارية التي تريد أن تقرض ولا تستثمر في سوق السندات بإقراض مباشر، إذ تريد أن يكون العميل مرتبطاً بالبنك. كما أن بعض أسواق السندات، خصوصاً إذا كانت غير إسلامية مرتبطة بذهن الناس بأنها غير شرعية، وبالتالي لا يتم ضخ سيولة عالية فيها. وتحتاج سوق السندات إلى سنوات للنمو، وإذا نظرنا إلى سوق الأسهم السعودية، فإنها كانت ضعيفة في البداية، وبمرور الوقت كبر حجم السوق وزاد الوعي، وتكونت الشركات التي أصدرت الأسهم والسندات، وكل ذلك تكون في قوالب ثم تقاربت القوالب، فوصلت السوق إلى المرحلة الراهنة، وأتوقع أن تبقى سوق السندات ضعيفة خلال الفترة المقبلة. السيولة ما زالت متراجعة في سوق الأسهم، متى تعود إلى معدلاتها السابقة؟ - منذ نهاية عام 2008 بعد اندلاع الأزمة العالمية، توقف الجميع لفترة، وتم تأجيل قرارات استثمارية، وقامت البنوك بإعادة النظر في هيكل إقراضها للأفراد والشركات، وهو ما أثر في حجم السيولة المتوافرة للقطاع العائلي والأفراد والشركات. ويجب ألا ننسى أن الأزمة الأخيرة هي من أهم الأزمات في تاريخ العالم، فالأزمة نتجت منها أزمات، ما أثر في السيولة في السعودية، ولكن عند قياس السيولة بالسوق السعودية يجب أن نقيسها، ونرى ما حدث في أوروبا وأميركا، وهناك تبخرت السيولة. والسيولة في 2009 يجب ألا نقارنها بعام 2007، حيث كانت السيولة متوافرة، والاقتراض متاحاً من البنوك، ولكن الوضع اختلف بعد الأزمة العالمية. وإذا نظرنا إلى حجم المشكلات التي قابلناها في السوق السعودية مقارنة بالأسواق الأخرى، نؤكد أن السوق السعودية هي الأقل تأثراً بالأزمة، فلم نر إفلاساً للبنوك، ولم نجد نمواً سالباً للدخل القومي. تحدث البعض عن أن البنوك لم تتعامل بشفافية كاملة مع الأزمة العالمية ثم أزمة مجموعتي «سعد» و»القصيبي»، ما رأيكم؟ - أي بنك في العالم غير ملزم بالإعلان عن قروض لمؤسسات خاسرة أو لديها مشكلات. والبنوك ملزمة بالإعلان عن محفظتها الإجمالية، وأن تعلن حجم الديون المعدومة، وكيفية تغطيتها، وأظن أنه من الناحية القانونية لا يجوز أن تعلن البنوك عن قروضها لأفراد أو شركات، وهذا خطأ، كما أن مؤسسة النقد العربي السعودي ليست ملزمة بالإعلان عن حجم الإقراض. ونضيف إلى ذلك أن سرية المعلومات المصرفية محمية بقانون، كما أن البنوك ومنها السعودية تقوم في نهاية العام بالإعلان عن حجم محفظتها، والديون المشكوك في تحصيلها، والمخصصات التي جنبتها، وما إذا كانت في حاجة إلى تجنيب مخصصات أخرى أم لا. أصدرت هيئة السوق المالية السعودية أكثر من 100 رخصة لشركات للعمل في السوق، ألا ترون أن هذا العدد كبير؟ - نحن في العالم العربي نجد أن أسلوب القطيع موجود في جميع القطاعات، فإذا قام شخص بعمل شركة تداول تظهر عشرات الشركات التي تعمل في هذا المجال، وكذلك في العقار والأسمنت وغيرهما من القطاعات، ولكن للأسف نجد أن تلك الشركات تدار من غير المتخصصين. وعلى رغم من ذلك، فإن وجود الشركات ضروري، لأنها تخلق التنافس، ونحن في مصر ننافس 150 شركة تداول، وفي الإمارات 100 شركة، وفي السوق السعودية نحو 150 شركة، ونصف الشركات في مصر والسعودية والإمارات غير قادرة على الاستمرار. والتنافس ضروري ومهم لأسباب عدة، فهو يطرد الرديء من السوق، كما أنه يعد محفزاً للتطوير والتحسين، لأن غياب التنافس ليس في مصلحة السوق. هل تعتقدون أن سوق الأسهم السعودية استقطبت شركات عالمية عدة للعمل فيها؟ - أي شركة لديها اهتمام بالعالم العربي يجب أن تكون موجودة في السوق السعودية، وإن لم تكن موجودة في أكبر سوق بالعالم العربي فهذا هزل. السوق السعودية أكبر سوق، ومن الناحية الاستراتيجية يجب الحضور فيها حتى لو كنت تخسر، لأن وجودك حالياً مهم على أن يطرد الرديء والصغير إلى أن يصبح هناك 20 أو 25 شركة ومن ثم تحقيق الأرباح. ولكن هل هذا العدد من الشركات منطقياً في السوق السعودية بحجمها؟ - بالتأكيد العدد هنا هو عدد الشركات الفاعلة، بحيث يوجد 25 شركة تداول 10 إدارة محافظ واستشارات مالية 15 بما فيهم البنوك التجارية؟ ماذا عن السعودة في المجموعة المالية – هيرمس في المملكة؟ - وصلت نسبة السعودة حالياً في المجموعة إلى ما بين 50 إلى 55 في المئة، وعلى آخر العام ستصل إلى نحو 70 في المئة، وقد بدأنا بمكتبنا في الرياض ب 60 موظفاً، وسنفتتح مكتباً في جدة خلال أيام، ما يرفع عدد العاملين في السعودية إلى 85 في مكتبي الرياضوجدة. تشتكي شركات التداول الصغيرة من صعوبة المنافسة مع الشركات الكبيرة، كيف تنظرون إلى ذلك؟ - لو نظرنا إلى أكبر 10 شركات تداول نجدها تستحوذ على 70 في المئة من التداول، وهنا جيد، فالأكبر يلفظ الرديء والأصغر، وهذا يأخذ وقتاً، والمشكلة هو تعظيم نسبة الشركات الكبيرة في السوق. كثر الحديث عن اندماج المجموعة المالية – هيرمس، وبنك عودة أو زيادة حصة الأولى في البنك، ولكنكم بعتم حصتكم في البنك، لماذا لم يتم الاندماج؟ - قبل الخروج من بنك عودة كان لدينا حصة 30 في المئة في البنك، بقيمة 913 مليون دولا، تمثل أكثر من 50 في المئة من موازنتنا، فهي استثمار لا نديره، وطالما أننا لم نستطع الاندماج وجاءت أحداث 2008 فلا يوجد مبرر للاحتفاظ بالحصة طالما أن السعر مناسب. وبالعكس فان بنك عودة من أهم البنوك العربية وأداؤه أكثر من رائع ومستقبله باهر. أين ستتجه السيولة الناتجة عن الصفقة، هل تدرسون صفقات جديدة حالياً؟ - لا أستطيع الحديث عن ذلك حالياً، وحين توجد صفقات سنعلنها في حينه. هل ستطرحون منتجات جديدة في السوق السعودية خلال الفترة المقبلة؟ - نحن منفتحون لإضافة منتجات جديدة في السوق السعودية خلال الفترة المقبلة، وذلك على مستوى المحافظ المالية وصناديق الاستثمار. ماذا عن الأسواق العربية في 2010، هل تعافت من الأزمة العالمية، وما هي توقعاتكم لها؟ - الأسواق العربية لديها فرصة للصعود بمعدل يتراوح ما بين 15 و25 في المئة، أي بمتوسط 20 في المئة خلال 2010.. وسترتفع الأسواق العربية مدعومة بزيادة أسعار النفط، وتحسن أداء الشركات، والاستثمار الداخلي في البنية التحتية، والتحسن النسبي للسيولة داخل المصارف، وبالتالي بعث الحياة مرة أخرى في تمويل العمليات الجارية للشركات. هل تفكر «هيرمس» دخول أسواق جديدة؟ - نؤسس حالياً شركة المجموعة المالية هيرمس – سورية، وهي مملوكة بنسبة 70 في المئة ل «هيرمس»، و30 في المئة لمستثمر سوري، وستبدأ العمل العام الحالي لتقديم جميع خدمات بنوك الاستثمار من تداول أورق مالية، طرح أسهم إدارة صناديق استثمار وخلافه. وأظن أن السوق السورية ستصبح من أهم أسواق الاستثمار خلال السنوات المقبلة، لأن الاقتصاد السوري كان مغلقاً ثم انفتح، ولا توجد ديون خارجية على سورية، كما أن معدل نمو الدخل القومي سيتعدى 5 في المئة، إضافة إلى قطاع خاص عريق وخبرات قديمة سواء للسوريين داخل سورية خارجها. وما يشجع على الاستثمار في سورية، صدور لوائح داخلية دخلت حيز التنفيذ، وأخرى يتم تشريعها، وستستقطب سورية استثمارات عربية كبيرة ، وبخاصة الخليجية، لأن المستثمرين يريدون التنوع، وعندما ينفتح السوق السورية ستستقطب جزءاً من تلك السيولة الخليجية.