ليت لي القدرة من لغة أو اصلاح أو حتى فلسفة أو عقيدة أو مبدأ ان أحدد هذا المصطلح الجديد، لأن الصدق معروف بسيفه القاطع الذي يبتر الأمور والأفكار، لكن ان تعرف ما دون الصدق فتلك مهمة صعبة للغاية ربما لا بد ان تجد لها مخرجاً وان وجدت ذلك المخرج فيجب عليك ان تجد مدخلاً لتستودعها فيه ان لم تنجح فكرة ما دون الصدق، أعتقد أنها مرحلة مقلقة، هل هي في حياة الفرد أم هي في حياة الجماعة، والسؤال الأهم من هذا وذاك هل هناك فرد يمثل الجماعة دون تعدد الجهات وهل هناك جماعة تمثل الفرد دون تعددها لأن معنى ذلك ان تغوص في كيفية تعريف الأفراد ثم تغوص في كيفية تعريف الجماعات وهذا الذي لا يتضح لي أنا الذي أخذ بصري في الاضمحلال شيئاً فشيئاً لأن المسألة لم تأخذ إلاّ حدين وهما سن السيف وظهره، ذلك القاطع الأعمى وذلك الموجع المبصر، أما ما فوق الكذب فكأني بها البضاعة الأسهل لأن الكذب يأخذ الأشكال العدة والمبررات التي تسوغ لفكرة ما دون الصدق ان تكون في هذه المرحلة شأوا جميلاً لما هو فوق الكذب فهي المبتغى وهي المأمول لا لأنها هدف ولكنها أخذت من الصدق الدرب الأسفل الذي يمنحها الولوج لعالم ما دون الصدق، ها نحن بين الحين والآخر ننظر هنا وهناك، بعين الرعب تملؤنا الدهشة لما يحدث في هذه المرحلة (ما دون الصدق وما فوق الكذب). نكتب ضد الكذب الفاضح نكتب ضد الكذب الصريح إلاّ أننا نقبل بالكذب الأبيض والبنفسجي أو الأحمر في هذه المرحلة انطلقت علينا مرحلة الثيران التي يثيرها اللون الأحمر وما اللون الأحمر إلاّ هذه الدماء التي نراها تنزف قبل الموت بلحظات ندخل إلى ما دون الصدق، فإذا به يملأ اليافطات يملأ المقالات يملأ التهاني يملأ التبريكات وحين يهطل الليل فإذا بالحزن لم يبرح مكانه والسجين لم يخرج إلى الشمس وإذا المناضل الحقيقي يقبع في بيته يرقب إذا كان لديه جهاز تلفزيون لمن يناضلون به وعنه ومنه. يموت الشهيد مرة ويعيش القائد مراراً يا لها من لعبة مريرة تديرها فكرة مرعبة اسمها دون الصدق، ما فوق الكذب؟!