منذ أن قتل رجل الأعمال الألماني دومينيك برونر في إحدى محطات مترو الأنفاق بمدينة ميونيخ مطلع الشهر الجاري لأنه تدخل لمساعدة فتاتين ضد شابين حاولا السطو عليهما يتساءل الناس في ألمانيا عما إذا كان من المجدي تعريض النفس للخطر من أجل الآخرين. وتلقت شرطة مدينة بريمن شمال ألمانيا عشرات الاستفسارات بشأن سبل التدخل الأمثل لمساعدة الآخرين دون أن يصبح المرء نفسه ضحية هذا التدخل. ورد هولغر إينين خبير الجريمة بشرطة بريمن الجنائية على الذين عبروا عن ترددهم في نجدة الآخرين بعد أن سمعوا عن مقتل برونر جراء نجدته بالقول:"لم يقتل برونر لأنه ساعد الآخرين بل لأن الآخرين لم يساعدوه". وكان الشابان قد انهالا ضربا على رأس برونر في حين لم يتدخل أحد من المارة لإنقاذه بعد أن وقع على الأرض تحت أيدي الشابين اللذين ألقت الشرطة القبض عليهما فيما بعد. وتحاول الشرطة إقناع المواطنين بنجدة الآخرين من خلال توضيح قواعد التدخل وإعطاء نصائح للحفاظ على النفس حتى لا يذهب الشخص ضحية نجدته لذوي المواقف الحرجة. وقال الخبير الجنائي إينين في محاضرته التي استمرت على مدى ساعة ونصف الساعة :"يعتبر تجنب المخاطر على رأس الأولويات التي يجب مراعاتها عند التفكير في نجدة الآخرين". وتابع المحاضرة نحو 50 شخصا معظمهم من كبار السن. واستخدم إينين خلالها عشرات الصور التوضيحية التي عرضها من خلال جهاز الكمبيوتر الخاص به. وقالت الألمانية يوهانا بارجستن/61 عاما/ إنها تدخلت كثيرا عندما كانت تشعر بأن حياة الآخرين مهددة مما دفعها للبحث الآن عن نصائح لدى خبراء الشرطة بشأن كيفية التدخل الصحيح لصالح الآخرين. وقال الخبير إينين في بداية محاضرته:"نريد اليوم أن نميز بين المساعدة الحمقاء والمساعدة الذكية". وأوضح إينين أن " المساعدة الذكية تعني التفكير المتأني أما المساعدة الحمقاء فتعني الاندفاع بشكل أعمى". ورأى إينين أن على من يشاهد جريمة أثناء وقوعها أن يسارع أولا لإبلاغ الشرطة على مسافة بعيدة نسبيا من مكان الحدث ثم مخاطبة المارة وإقناعهم بالتدخل معه مضيفا:"لابد من مخاطبتهم بشكل مباشر وإلا لاعتبروا أنفسهم غير معنيين". وأكد الخبير الألماني أن بعض المواقف لا تحتاج من المارة سوى كلمة بصوت عال يستطيعون من خلالها إرغام الجاني على الفرار أو الإشارة إلى أن الشرطة في الطريق لموقع الحادث مضيفا:"لا تضع نفسك بين الجاني والضحية مباشرة إلا في الحالات القصوى". ثم أشار إينين إلى ضرورة المسارعة في تقديم المساعدات الأولية للضحية بمجرد فرار الجاني وترك ملاحقته للشرطة بعد إعطائها وصفا دقيقا للجاني وقال:"لابد من تذكر كل شيء والتقدم كشاهد". ويبدو أن يوهانا بارجستن قد شعرت بالاستفادة الجمة من المحاضرة حيث بدت وكأنها قد تسلحت جيدا بمحتواها لمواجهة أي موقف حرج مستقبلا حيث قالت عقب انتهاء المحاضرة:"من المفيد كثيرا أن يكون هناك نموذج للتصرف الصحيح في مثل هذه المواقف". وتعتزم شرطة بريمن تنظيم محاضرة مشابهة بسبب كثرة المهتمين بالموضوع.