يأتي اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية في كل عام ليبين النعمة العظمى والوحدة الكبرى التي تحققت على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله – والتى نعمت بها هذه البلاد بعد سنوات من الكفاح والبطولات بدأت في الخامس من شوال عام 1319ه وانتهت بإعلان اكتمال التوحيد وانطلاق مرحلة البناء والتطوير وذلك في السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351ه. إن ذلك الجهد العظيم الذي قام به الملك عبدالعزيز - رحمه الله- سيبقى خالدا في صفحات التاريخ، وشاهدا ًعلى عظم الانجاز؛ حتى استحق أن يكون أحد عظماء التاريخ الحديث. ويطيب لي أن أقف مع هذه المناسبة السعيدة عدة وقفات : الوقفة الأولى: إنه يجب أن نتذكر عندما تحل ذكرى اليوم الوطني لبلادنا الغالية في غرة الميزان من كل عام، عظم نعمة الأمن والإيمان، وجمع الشمل،ولم شتات هذه البلاد تحت دولة واحدة، تحكم بكتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه نعمة تستحق منا الشكر لله والثناء عليه،و سؤاله دوام هذه النعمة، ثم الدعاء لمن كان سببا (بعد الله) في ذلك وهو الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصون. الوقفة الثانية : من نعم الله على هذه البلاد أن الملك عبدالعزيز – رحمه الله – اتخذ الوسطية في الدين منهجا لدولته في كافة تشريعاتها وقوانينها، فلا إفراط ولا تفريط، لأن أمة الإسلام هي أمة الوسط، وذلك امتثالا لقوله تعالى ((وكذلك جعلناكم أمة وسطا)) ولهذا ظلت هذه البلاد بحمد الله متماسكة متآلفة رغم تغير الظروف والأحوال، وهذا ما يجب أن نحافظ عليه، ونستمر في الدفاع عنه. الوقفة الثالثة : إن ملوك هذه البلاد الغالية الذين جاءوا بعد الملك عبدالعزيز بدءاً من الملك سعود - رحمه الله- وحتى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله -، لم يأل جهدا في الأخذ بكل ما من شأنه تطوير بلادهم، والسير بها إلى مصاف الدول المتقدمة، مع المحافظة على الثوابت الدينية وعدم قبول المساومة عليها فضلا عن التفريط فيها، وهذه نعمة تستحق منا الشكر والتقدير. الوقفة الرابعة : إن الله عز وجل أكرم هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين، ويتشرف ملوكها بهذا العمل الجليل، وهذا أمر لم يقتصر فضله على المملكة العربية السعودية بل امتد أثره المبارك إلى كافة المسلمين في المعمورة، وهذا ما جعلهم يلهجون بالدعاء بأن يحفظ الله هذه البلاد من كل سوء ومكروه، وذلك لما رأوه من تيسير سبل الحج،والعمرة،والزيارة، وتوفر كل ما يسهم في خدمتهم لأداء شعائرهم والعودة إلى بلادهم سالمين غانمين، ومن هنا يتبين أن هذه البلاد محط أنظار المسلمين كافة، وهذا فضل من الله أكرم به المملكة العربية السعودية. ولذا فإن المحافظة على هذه المكتسبات واجب وطني وشرعي على كل مواطن ومقيم على هذه البلاد الطاهرة. الوقفة الخامسة: إننا نعيش في عالم مضطرب وفتن وقلاقل من حولنا، وبلادنا بحمد الله تعيش بأمن وإيمان،ووحدة واطمئنان، ولذا فإن هذه البلاد محسودة من مَنْ في قلوبهم مرض، وتراهم يحاولون بين الفينة والأخرى أن يجدوا من أبناء هذه البلاد من يكون أداة إرهاب وتخريب، وهدم لما تحقق من منجزات ومكتسبات. ولذا يأتي هذا اليوم ليذكرنا بفضل الله علينا الذي جمعنا بعد شتات، ووحدنا بعد اختلاف، ورزقنا بعد فقر، وعلمنا بعد جهل حتى نقف صفا واحدا متماسكا ضد كل من يحاول العبث بأمننا أو مقدراتنا، وأن نعمل على مواصلة مسيرة البناء والتنمية تحت قيادتنا الرشيدة. الوقفة السادسة: إن هذه المناسبات الغالية تذكرنا بأهمية السمع والطاعة لولاة الأمر، والأخذ عن العلماء الثقات، والبعد عن مواطن الشبه والريبة، والعمل على دعم وحدة المجتمع ولحمته، والأخذ بكل ما يسهم في رقيه وتطوره. أسال الله أن يديم نعمة الأمن والإيمان، وأن يحفظ لها ولاة أمرها وعلماءها وأن يسبغ عليها وافر نعمه، وأن يزيدها تألقا وسؤددا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. * أستاذ التاريخ الحديث ووكيل كلية العلوم