أهان نتنياهو في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة ذكرى المحرقة النازية مرتين. الاولى عندما لوح بأوراق تثبت وقوع هذه الكارثة، وكأنه كان مضطراً لذلك، والثانية عندما قارن النازيين بحماس. لم يسبق أن وقف سياسي اسرائيلي رفيع من قبل على منبر عالمي ملوحاً بخريطة اوشفيتز، التي حصل عليها مؤخراً أثناء زيارته لالمانيا، ليثبت للعالم أن المحرقة حصلت. ونتنياهو بتصرفه هذا نزل الى المستوى المتدني للرئيس الايراني. فاذا كانت هناك حاجة لتقديم ادلة بعد 60 عاماً فهذا يدل على صدق من ينفي. علاوة على ذلك لا أظن أن أي شخص جاد ولديه أدنى معرفة بتاريخ "الكارثة النازية"، سيوافق على تشبيه حماس بالنازيين، كما فعل نتنياهو. او يقارن بين الغارات النازية على لندن بصواريخ حماس على سديروت. ففي تلك الغارة على لندن، لتذكير نتنياهو فقط، شاركت 400 قاذفة و600 مقاتلة المانية، ونتج عن ذلك مقتل 43 ألف شخص وتدمير أكثر من مليون منزل. بينما حماس لا تملك حتى طائرات ورقية، كل ما لديها هو صواريخ القسام التي تسببت بمقتل 18 شخصاً فقط خلال 8 سنوات. صحيح أن حماس زرعت الخوف بين الاسرائيليين لكن عملياتهم لا ترقى لمستوى غارة!. واذا كان لنا الحق في تشبيه منظمة ارهابية باسلحتها البدائية بالآلة العسكرية النازية الرهيبة، فما الذي يمنع الآخرين من تشبية سلوك الجيش الاسرائيلي بسلوك الجيش النازي؟ المقارنة في الحالتين واهية وتبعث على الانزعاج. بدأ رئيس الحكومة خطابه وكأنه رئيس متحف "ياد فاشيم" (متحف اسرائيلي للكارثة النازية)، وذلك بحديثه المطول عن النازيين. ثم انتقل للحديث بلغة رئيس الدولة بيريس بقوله "لننظف الكوكب" ورسم للعالم صورة للمستقبل المشرق، ثم بدأ بالهجوم على النظام في ايران بشكل مضحك عندما قال "انهم يطلقون النار على المتظاهرين" وكأن هذا لا يحصل مع المتظاهرين في بلعين ونعلين أسبوعياً لديناً في مسيراتهم ضد الجدار الفاصل. واذا كان ما سبق ليس كافياً اليكم هذه المفارقة العجيبة، قال نتنياهو ان عملية "الرصاص المسكوب" كانت عملية دقيقة، هل فهمتم ذلك؟ وابلغت اسرائيل آلاف المدنيين عبر الهاتف بضرورة مغادرة منازلهم، ولكن الى أين يذهبون يا رئيس الحكومة؟ الى البحر؟. اما الجيش الاسرائيلي الذي قتل ما يزيد على 1400 فلسطيني معظمهم مدنيين فكان يتحلى بقدر كبير من ضبط النفس؟. ترى هل يمكن لنتنياهو أن يسوق سلعته الرخيصة هذه على العالم، وفي الاممالمتحدة؟ أشك في ذلك. ولمن يريد معرفة المزيد فليسأل القاضي ريتشارد غولدستون الذي حرص نتنياهو على عدم ذكر اسمه، وكأنه يهرب من الجذام. وهنا يعرض وثيقة تتحدث عن اجتماع لمسؤولين نازيين لمناقشة كيفية التخلص من اليهود في معسكر اوشفتز ثم عرج نتنياهو في خطابه الى السلام في المنطقة، وقال " لقد حققنا السلام مع كل الزعماء العرب الذين رغبوا بذلك"، ولكن ماذا عن بشار الاسد، الذي ظل يطرق الابواب منذ سنوات ويقول انه يريد السلام، غير أن أحداً لم يفتح له الباب. أيضاً من الصعب تصديق زعيم دولة تملك جميع انواع الاسلحة الفتاكة وتحارب منظمات بدائية، عندما يتحدث عن الامن، وخاصة عندما يحصره على الاسرائيليين فقط. * هآرتس