أشارت بيانات صادرة عن "شبكة البصمة العالمية"، المؤسسة البحثية المتخصصة بقياسات كمية الموارد الطبيعية المتوفرة ومقدار انتاجها واستهلاكها ، إلى أن العالم سيقف يوم 25 سبتمبر الجاري أمام تحدٍ كبير، حيث سيكون قد استخدم كافة الموارد والخدمات البيئية المتاحة له في هذا العام، ابتداءً من قدرة الأرض والغلاف الجوي على استيعاب غاز ثاني أوكسيد الكربون وصولاً إلى إنتاج المواد الغذائية الأولية. وأفادت الشبكة بأنّ العالم سيبدأ اعتباراً من هذا اليوم ولغاية نهاية العام ، إلى تلبية مطالبه واحتياجاته البيئية من خلال استنزاف احتياطي الموارد الطبيعية والتسبب بالتالي بانبعاث المزيد من الغازات الدفيئة وتراكمها في الغلاف الجوي. وأفادت "شبكة البصمة العالمية" أنّه ومنذ ثمانينيات القرن الماضي بدأ العالم في استهلاك الموارد والخدمات البيئية بشكل أسرع بكثير من قدرة الأرض على تجديدها بما يعرف بحالة "العجز البيئي". وفي هذا الصدد، أكّدت البيانات الصادرة عن الشبكة بأنّ العالم يستهلك في أقل من 10 أشهر ما تولّده الأرض من موارد خلال 12 شهراً. وقال ماتياس فاكرناغل، رئيس "شبكة البصمة العالمية": "يمثّل العجز البيئي ببساطة المقارنة بين الإيرادات والنفقات، حيث تجاوزت معدّلات الطلب على الموارد الطبيعية على مدى سنوات طويلة القدرة الانتاجية للأرض. وتعكس التهديدات البيئية التي نواجهها حالياً، بما فيها التغيّر المناخي وفقدان التنوع الحيوي وتقلص مساحة الغابات وانخفاض الثروة السمكية وانجراف التربة وتدني مستويات المياه العذبة، الخطر الحقيقي المتمثّل في استنفاد طاقة الأرض وتقليص قدرتها على مواصلة توليد الموارد الطبيعية وتوفير الخدمات البيئية اللازمة لحياتنا". وسيأتي يوم العجز الأرضي قبل 80 يوماً من اجتماع زعماء العالم في كوبنهاغن لمعالجة أهم نتيجة للإسراف البيئي وهي مسألة البصمة الكربونية. وأشارت "شبكة البصمة العالمية" إلى أن البصمة الكربونية (وفقاً للحسابات المتعلّقة بمساحة اليابسة والبحر اللازمة لاستيعاب كميات غاز ثاني أوكسيد الكربون التي يتم إطلاقها سنوياً) قد ازدادت بنسبة 1000% منذ العام 1961. إذ تشكّل إنبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون حالياً أكثر من نصف الاحتياجات البشرية للموارد الطبيعية. وتتجاوز كمية انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى حدّ كبير قدرة النظام البيئي الطبيعي على امتصاصها، مما يتسبّب بأضرار بالغة في الغلاف الجوي ويسهم في زيادة ظاهرة التغيّر المناخي. وأشارت التقديرات الصادرة عن "شبكة البصمة العالمية" إلى أنّ التباطؤ الاقتصادي العالمي ساهم في تأخير يوم تجاوز موارد الأرض يوماً واحداً عما كان عليه العام الماضي. وبالنظر إلى السنوات الماضية، فإن يوم العجز الأرضي يتقدم بمعدل ثابت يتراوح بين 4 إلى 6 أيام ليقترب من يوم 1 يناير من كل عام. وأضاف فاكرناغل: "الحقيقة أنه على الرغم من الوضع الاقتصادي العالمي المتأزم، فإننا لا نزال نتخطى السعة البيولوجية للأرض في استهلاكنا للموارد البيئية. ويتمثّل التحدي الرئيسي الذي نواجهه حالياً في إيجاد وسيلة فعالة للحدّ من آثار العجز البيئي في أوقات الانتعاش والتدهور الاقتصادي على حدّ سواء. ويتركّز التساؤل الرئيسي، الذي نسعى إلى الإجابة عليه، حول كيفية الحفاظ على اقتصادات متينة وتحقيق الرفاهية للبشرية من دون الحاجة إلى استنزاف الموارد البيئية وزيادة انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون".