على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية، رفع البنك الدولي توقعاته حول نمو الاقتصاد الصيني خلال عام 2009 إلى أكثر من 7% من النمو في الناتج المحلي الإجمالي، في وقت تعاني فيه معظم دول العالم من انحسار في اقتصاداتها، والسعيد منها من حقق نمواً متواضعاً في حدود 1-2%. ولم يكن البنك الدولي وحيداً في رفع توقعاته، بل شاركه في ذلك عدد من المؤسسات المالية الخاصة، فبنك مورجان ستانلي يتوقع أن تحقق الصين نمواً بنسبة 7% هذا العام، والبنك السويسري UBS يتوقع 7.3%، ومورجان ستانلي يتوقع نمواً للاقتصاد الصيني بمعدل 8.3% هذا العام. فكيف تستطيع الصين تحقيق هذا المعدل المرتفع من النمو في الوقت الحالي الذي يعاني فيها العالم بأسره أزمة اقتصادية كبرى؟ وهو معدل نمو تحلم به معظم دول العالم في أوقات الرخاء، ولا تجرؤ على الحلم به هذه الأيام. وكيف تستطيع الصين تحقيق هذا النمو في وقت تنخفض فيه صادراتها بمعدل 26%؟ علماً بأن التصدير هو أحد المحركات الرئيسية للنمو الصيني المتسارع في الماضي. لا أحد يعرف الإجابة بشكل دقيق الآن عن هذه التساؤلات، إلا أن الأرجح هو أن السبب الرئيسي هو البرنامج الحكومي التحفيزي الكبير، حيث قامت الصين بتنفيذ التزاماتها لقمة العشرين وزادت إنفاقها الحكومي بمبلغ 4 تريليون يوان (حوالي 600 مليار دولار)، على الرغم من أن ذلك قد يؤدي إلى عجز في الميزانية يقارب 5% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب تقديرات البنك الدولي. وقد أدت زيادة الإنفاق الحكومي إلى زيادة في الإقراض من قبل البنوك ونمو في الاستثمار تبعاً لذلك، مما كان له تأثير ملموس على نمو الاقتصاد. فبدلاً من أن تندب الصين حظها وتحد من طموحاتها، بسبب الأزمة العالمية وما أدت إليه من انخفاض صادراتها بسبب انخفاض الطلب من قبل الدول الأخرى، قامت بتبني برامج حكومية طموحة موجهة إلى الداخل، أي إلى تحفيز الطلب الداخلي، وهو ما تستطيع أي حكومة التأثير فيه أكثر من قدرتها على التأثير على الطلب القادم من الدول الأخرى. ونظراً إلى نسبة النمو المرتفعة المتوقعة ونجاح خطة التحفيز أكثر مما كان متوقعاً، فإن البنك قد نصح الصين بتأجيل أي خطط تحفيزية لديها لزيادة الإنفاق إلى العام المقبل، نظراً لعدم الحاجة إليها هذا العام. وتبدو الصين بذلك حالة مخبرية تقريباً في قياس نجاح البرامج التحفيزية التي نصحت بها مجموعة العشرين في قمتيها الماضيتين، والتي يُتوقع أن تعيد التأكيد عليها في القمة القادمة المقرر عقدها في مدينة بتسبرغ في الولاياتالمتحدةالأمريكية الأسبوع القادم.