برأت الدائرة الجزائية الثانية في محكمة التمييز بالرياض مقيماً تركي الجنسية بعد انتهاء تحقيقات دامت نحو خمس سنوات لاتهامه بارتكاب جريمة غسيل الأموال داخل البلاد. ووفقاً لنص الحكم الذي أصدرته الدائرة الجزائية الثانية في محكمة التمييز وحصلت "الرياض" على نسخة منه، فإن تم التوصل إلى عدم ثبوت جريمة غسل الأموال التي وجهها المدعي العام في دائرة الادعاء العام بالرياض ضد المواطن تركي الجنسية، إلى جانب عدم مجازاته على هذه الدعوى لعدم وجود أدلة دامغة. وتعود هذه القضية إلى نحو خمسة أعوام مضت، حين تمكنت الجهات المختصة في مطار الملك خالد الدولي بالرياض من القبض على المواطن تركي الجنسية وبحوزته مبلغ نقدي يقدر بنحو 645 ألف ريال سعودي، وذلك قُبيل مغادرته إلى مدينة أدنه على أحد خطوط الطيران الأجنبية. وعند استجوابه، أكد المواطن تركي الجنسية أن المبلغ يعود إلى كفيله في السعودية والذي يملك مؤسسة خاصة تعمل في مجال دهان المفروشات، وأنه حصل على المبلغ من هذا الكفيل بهدف جلب أخشاب خام للمفروشات، وأن جزءاً من هذا المبلغ يعتبر أيضاً أمانات مكلفّ بإيصالها إلى أهلها في تركيا. وبررّ المواطن تركي الجنسية عدم تحويل المبلغ عبر أحد البنوك التجارية داخل البلاد، إلى حصوله على المبلغ من العملاء قبل سفره بوقت قصير جداً، إضافة إلى سفر كفيله إلى خارج الرياض مما دعاه إلى حمل المبلغ نقداً. وضمن مجرى التحقيقات مع الأشخاص الذين لهم علاقة بالمتهم في هذه القضية، قال وكيل والمدير العام للمؤسسة المتخصصة في المفروشات إن المواطن التركي يعمل لديهم منذ اثني عشر عاماً، وأنه في الفترة الأخيرة أصبح يقوم بتوزيع الدهانات على المحلات الأخرى، الأمر الذي جعله غير مرتبط بساعات عمل محددة داخل المؤسسة، نافياً أن تكون له أي علاقة بالمبلغ المضبوط. لكن وعند مواجهة المتهم التركي بوكيل والمدير العام للمؤسسة المتخصصة في المفروشات التي يعمل لديها المواطن التركي، تراجع المتهم عن أقواله الأولية التي ذكر فيها أن المبلغ المضبوط يعود لمؤسسة كفيله، الأمر الذي دعا الجهات المختصة لإعادة استجوابه مرة أخرى، حيث أفاد أنه يعمل بعد نهاية عمله في مؤسسة كفيله مع إخوانه وأبناء عمومته ببيع الأخشاب الخاصة بالمفروشات، وأن المبلغ المضبوط بحوزته يعود لمحل مفروشات أخرى تعود ملكيته لأحد السعوديين الذي هو أيضا كفيل أخ المدعى عليه، ومفروشات أخرى مالكها هو كفيل أحد أبناء عمومة المواطن التركي وجزء من المبلغ يعود له ولإخوانه وأبناء عمومته، حيث يقوم باستيراد الأخشاب الخام الخاصة بالمفروشات من تركيا ومن ثم عمل البويات لها وتنجيدها في الورشة لديهم في الرياض، وبعد ذلك عرضها في المعارض على أن تكون المرابحة مناصفة بينهم وبين الكفلاء. وطالت هذه التحقيقات كل العاملين والمقربين لدى المتهم المدعى عليه بجريمة غسيل الأموال، في الوقت الذي طالب فيه المدعي العام في دائرة الادعاء العام بالرياض بالحكم على المواطن تركي الجنسية بعقوبة السجن والغرامة بحدهما الأعلى، إلى جانب مصادرة المبلغ المضبوط وقدره 645 ألف ريال، لكن الدائرة الجزائية الثانية في محكمة التمييز بالرياض رأت أنه جريمة غسل الأموال يلزم لها أن تكون الأموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام. وتم إعادة استجواب المتهم الذي جدد تأكيداته التي دعمها ببعض الشهود، بأن جزءا من المبلغ المضبوط عائد له من عمله في السعودية وقدره 116 ألف ريال، أما الباقي فإنه يعود لبعض أقاربه وأصدقائه من الجنسية التركية لإيصال هذه المبالغ إلى أهاليهم في تركيا، بسبب ان التحويل عن طريق البنك يتطلب دفع عمولات قد تنقص المبلغ. وقررت الدائرة الجزائية الثانية تبرئة المواطن تركي الجنسية من تهمة غسيل الأموال الموجه ضده، كما تم ردّ دعوى المدعي العام في مطالبته مصادرة المبلغ المالي لأن الأصل في حيازة المال الإباحة ولا يوجد ما يستدل به على ما يوجب مصادرته بناء على هذه الدعوى.