المثقفون وعشاق القراءة ينشغلون في رمضان بقراءاتهم ومواصلة بحوثهم والسفر في عوالم التراث حيث توفر لهم الأجواء الرمضانية فضاءات من الطمأنينة ومشاعر من السلام الداخلي التي تحفزهم على القراءة والبحث والكتابة. ومع بدايات رمضان ينطلق المثقفون إلى شوارع المكتبات وأسواق الوراقين لينهلوا من فيض بركاتها الورقية نفحات فكرية ومعرفية تعزز من نكهة الرحمة وتعمق من الإحساس بالمزايا المعنوية والمعرفية لتلك الأيام المباركة. الدكتور عبدالرحمن الشبيلي عضو مجلس الشورى يقول: لا تختلف حياتي في رمضان المبارك عن برنامجي في غيره من الشهور إلا فيما يتصل بشؤون العبادة ومواعيد الطعام ، فإنني استيقظ مبكرا لأبدأ يوم نشاطي بين المكتبة والإنترنت والاتصالات ولا تقطعه إلا وقفة راحة بعد الظهر واجتماعات أو لقاءات أخوانية. وبينما يقضي بعض الصائمين وقت العصر بين الترقب وإشغال الوقت بأمور غير مثمرة أحيانا ، أجد أن ساعة ما قبل الإفطار هي أنسب الأوقات للقراءة والكتابة وتنظيم الأرشيف، أما القلق الأكبر الذي يطاردني خلال يومي الكامل فأحس به بعد التراويح إذ أن تقاطع الرغبة في المشي والعودة إلى مكتبتي وأداء بعض المناسبات الاجتماعية أو المشاغل التطوعية كثيرا ما توتر طبيعتي في الاستغلال الأمثل للوقت. وأضاف الدكتور الشبيلي بقوله: ساعة ما قبل النوم تكون عادة مخصصة لقراءة صحيفة ثرية المحتوى أو كتاب يقرأ من الغلاف للغلاف. ولا يفوتني والسؤال عن عادة القراءة في رمضان أن أذكر أن كثيرا من الباحثين يشكون من فوضويته في تنظيم أوراقة وأرشيفه الخاص ومكتبته ، وأحسب أن اختلاف مواعيد الناس والارتباطات في هذا الشهر الكريم يكون فرصة للراغبين في مثل هذا التنظيم ، لذلك فإن ساعات الصفا قد لا تكون من الكثرة في بعض الأوقات بما يمكن من القراءة المعمقة للكتب الجادة ، لكنني بشكل عام أشعر بأن الشهر الكريم من الفرص التي لا تعوض لإنجاز المشروعات البحثية والتأليفية ما لا يتيحه شهر آخر الذي تكثر فيه الشواغل والملهيات. د. عبدالله الفيفي الدكتور عبدالله بن أحمد الفَيفي عضو مجلس الشورى – الأستاذ بجامعة الملك سعود يقول: لا شكّ أن رمضان هو (شهر القرآن)، لا بمعنى شهر الكتاب الكريم فحسب، ولكن أيضًا بمعنى "شهر القراءة" في ملكوت الله، قراءة التدبّر، وشهر التجدّد من خلال تلك القراءة؛ لأن رمضان هو شهر المراجعة والتجدّد، في الذات والمجتمع والأُمّة والعلاقات الإنسانيّة والوجوديّة. وتلك كلّها قراءات. إن من مشكلاتنا الثقافيّة أن مفهومنا للقراءة مفهومٌ قاصر، منحصرٌ في قراءة المكتوب. وحتى في هذا النطاق- أي قراءة المكتوب- وعلى تقصيرنا فيه، بوصفنا أُمّة مشهودًا لها بعدم القراءة، يظلّ الاهتمام لدينا بمقدار ما نقرأ، لا بنوع ما نقرأ، أو كيف نقرأ. يتسابق المسلمون في رمضان مثلاً على قراءة القرآن، ويباهون بختم المصحف مرةً أو مرّات، ولكن السؤال الأهم: مَن تمثّل ما قرأ، وحاول أن يعمل بما قرأ؟ فلقد يكون أجر مَن قرأ آية واحدة فقط، ووعاها، وسعى للعمل بمقتضاها، أعظم عند الله ممّن يكرّ القرآن بلسانه مرّات ومرّات، آناء الليل وأطراف النهار، وعقله وقلبه في عالم آخر! وبما أن مفهوم القراءة أشمل من قراءة الحروف، وبما أن عظمة الدِّين الإسلامي تكمن في أنه دينٌ ودنيا في آن، فما ينبغي أن يكون احتفاؤنا بالقراءة موسميًّا، ولا أن تكون لنا طقوس قرائيّة أو حياتيّة في رمضان تختلف عن غيره من الشهور، إلاّ بمعنى تكثيف عملنا النوعيّ في رمضان. على المستوى الشخصي فإن برنامجي القرائيّ لا يختلف كثيرًا في رمضان عن غيره من الشهور، إلاّ من حيث تكثيف قراءتي القرآن، كجميع المسلمين، محاولاً أن تكون قراءةَ الباحث المستقرئ، والمتأمّل في النص وما وراءه. ولعلّها تستأثر باهتمامي أكثر في السنوات الأخيرة مراجعةُ بعض الترجمات للقرآن إلى لغات أخرى؛ ذلك أنه- ومع أن إعجاز هذا الكتاب العظيم هو بلسانه العربي المبين- يتجلّى نصّه في اللغات كافّة، حين يُحسن ترجمته المترجمون، حاملاً ظلالاً بديعة بانتقال معانيه إلى تلك الألسنة الأخرى. ولكم تشغفني متابعة كلام الله وهو يخاطب الإنسان في هذا الوجود، لأكتشف أن القرآن الكريم- على الرغم من مقولة إن الترجمة خيانة- يخترق حواجز اللغات ونواميس النصوص، ليبدو بليغًا باهرًا حتى وهو يخاطب غير العربيّ بلغته الخاصّة. بل إني لأكتشف جوانب جمال جديدة في معاني القرآن تكشفها اللغات الأخرى، ممّا نمرّ عليه عادة مرورًا عابرًا وقد ران الإلفُ على حسّنا اللغوي فلا يثير التفاتنا. وتقول الدكتورة عائشة الحكمي الأستاذ المساعد بالأدب الحديث بجامعة تبوك : القراءة في رمضان يزداد الاهتمام بها أكثر وإن كنا مقصرين معا دائما لكن نهتم أكثر بالقراءة في فضائل وعبادات شهر رمضان والانشغال بختم القرآن الكريم أما المعارف الأخرى أجد نفسي استكمل ما كنت فيه سابقا، سواء قراء أوبحث ومتابعة الملفات المفتوحة حتى الانتهاء منها, إذ لا استطيع تخطيط عادة جديدة وفي يدي واجبات سابقة ولذلك يخضع تفكيري ورغبتي ووقتي لها قسرا حتى ولو فكرت في التغيير وهو مطلب لكن لن أستطيع الانفكاك من الواجبات.