من الطقوس الرمضانية التي تكيّفت مع متغيرات المجتمع على مدى العقدين المنصرمين ارتباط مسائه لأكثر من ستة عشر عاما مع المسلسل المحلي المؤثر جدا ( طاش بسنواته المتعددة ) ، وهو المسلسل الذي أحدث نقلة نوعية في مكاشفة المسكوت عنه في مجتمعنا ربما سبقت حتى هذه الحملة الروائية الكبيرة المتكئة في رواجها على ظاهرة المسكوت عنه ذاتها ، وإذا كان ( طاش ) عبر سنواته المتعددة قد تصادم أوتصالح أوتصارع مع قضايا اجتماعية مسكوت عنها في مجتمعنا تفاوتت في أهميتها وإبرازها وحتى في تكرارها على مدى سنوات المسلسل ، إلا أنه ومع بدء جزئه السادس عشر هذا العام كان أكثر جرأة ومكاشفة والتصاقا بالواقع في حلقاته الأولى ولا سيما حلقته الثالثة الخاصة بتطوير مناهج التعليم في المملكة العربية السعودية ، حيث أجاد الصديق الشاعر يحيى الأمير بلورة رؤيا الحلقة من واقع عمق رؤيته وخبراته في المجال التربوي ، وأجاد طاقم التمثيل في الحلقة تجسيد التفاصيل الدقيقة المقدّمة لتلك الرؤيا الواقعية على مستوى القرار ونزاعاته وتوجهاته في ما يتعلق بقصور مناهجنا الدراسية في مواجهة الحياة المدنية ، وهي حقيقة رغم وجعها إلا أنها لاتحتمل المواربة أو المداهنة ، ولهذا كانت دهشة بعض الأصدقاء من جرأتها محل استغراب من قبل كثير من القريبين من الواقع الحزين لمحتوى مناهجنا ، ليس فقط فيما يتعلق بالعلوم التقنية أو الإدارية ، بل حتى على مستوى العلوم الإنسانية ، وحسبنا أن نعرف مثلا أن العصر الحديث في الشعر العربي توقف عند عصر شوقي في الثلث الأول من القرن الماضي ، وأن طالب المرحلة الثانوية لايعرف بعد أن هناك قصيدة للتفعيلة ، فضلا من أن الساحة الأدبية الآن تعجّ بشعراء قصيدة النثر ، وهي التي جاءت متأخرة لأكثر من خمسين عاما عن قصيدة التفعيلة ، وحتى لا أبتعد كثيرا عن المادة الأساسية لهذا الطرح أعود وأقدم تحية تقدير إلى الصديق ( العميق ) يحيى الأمير على تلك التفاصيل المهمة والحساسة في حلقة تطوير المناهج وتحية دائمة لطاقم العمل في مسلسل طاش الرمضاني بعد أن استطاعوا وعلى مدى سنوات المسلسل صياغة مسائنا الرمضاني بجرأة مسبوقة في مواجهة المسكوت عنه في حياتنا الخاصة .