تعيش هذه البلاد المباركة ثورة معلوماتية كبيرة شهدتها قطاعات الدولة وخصوصاً في الجانب التقني. من هذا النهج، وتحقيقاً لفكرة (الحكومة الإلكترونية) فقد راودتني فكرة تطوير كتابة العدل الثانية وهي (الجهة الرسمية لإصدار الوكالات الشرعية). فتتسم الوكالات الشرعية حالياً بشيء من العمل التقليدي الذي لم يطرأ عليه تغيير كبير وخصوصاً في الاستفادة من التقنية لتحقيق المصالح الأخرى المترتبة على إصدار الوكالة. وفي نظري أن الوكالة ليست ورقة تخول الوكيل لأداء عمل الموكل والتصرف بما هو مقرر في صلاحيات الوكيل فقط بل يتعداه إلى تحقيق مصلحة أكبر وهي المرونة في القيام بأعمال الموكل وعدم خيانته واستعمال الوكالة استعمالات لا ترضيه. ومن هنا تتمثل فكرة التطوير في تغيير الصكوك الخاصة بالوكالات إلى بطاقات صغيرة الحجم ذات الشريط الممغنط إلكترونياً مزودة بأرقام خاصة بالوكالة، فتتكون البطاقة من اسم الموكل وهويته واسم الوكيل وهويته فقط، ومن ثم تعطى هذه البطاقة للوكيل (بصفته وكيلاً رسمياً) بعد تصديقها واعتمادها إلكترونياً من كتابات العدل، ويتم تخزين هذه البيانات في قاعدة معلومات تابعة لوزارة العدل وتحظى بحماية فائقة من الاختراقات أو المحاولات للعبث في معلوماتها، ويتم إعداد قاعدة تواصل يمكن إتاحتها لكافة القطاعات الحكومية والخاصة تكون على شكل أجهزة تقرأ ما هو مدون في (بطاقة الوكالة) ويمكن لهذه القطاعات الاطلاع على كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بالوكالة من (نوع الوكالة، مدة سريانها، وغيرها...) وذلك للتحقق من الوكيل والصلاحيات الممنوحة له، وبهذا النظام الإلكتروني يمكن للموكل التعديل على الوكالة أو إلغائها أو تمديد سريانها عبر موقع على شبكة الإنترنت مخصص لذلك عبر إدراج اسم المستخدم والرقم السري، كما هو مطبق حالياً في البنوك، أو تخصيص مركز للاتصال الهاتفي والرقم السري، كما هو مطبق حالياً في البنوك، أو تخصيص مركز للاتصال الهاتفي على مدار الساعة يقوم بتنفيذ ما يطلبه الموكل تجاه الوكالة وتكون بإشراف من وزارة العدل. ويمكن تطبيق الخدمة في كتابات العدل حينما يأتي الموكل والوكيل لإجراء الوكالة فيفتح له كاتب العدل حساباً خاصاً فيه (كما هو معمول به في البنوك) ويحصل على رقم سري خاص بالوكالة ليستطيع الموكل التعديل على الوكالة بإضافة بنود أخرى أو إلغائها أو تمديد سريانها أو أي إجراء آخر في أي وقت دون الحاجة إلى كاتب العدل من جديد، على أن يتم حفظ كل تعديل في قاعدة بيانات الوزارة للعودة إليها متى ما دعت الحاجة. وبعد تطبيق هذا النظام الجديد يمكن مستقبلاً تطويره بعد تجربته وتفادي الأخطاء والسلبيات التي تحدث بشكل طبيعي حين تطبيق أي نظام جديد، فيكون التطوير عبر تخصيص نموذج إلكتروني يوضع على موقع الوزارة ويقوم الموكل بإجراء أي وكالة لأي شخص بعد تطبيق شروط الوزارة وهي ما تتعلق بالجانب الأمني والتقني لئلا يساء استخدامه، وأيضاً تتيح للموكل إرسال الوكالة للوكيل في أي مكان بالعالم بدلاً من إرسالها بطريقة تقليدية تتسم بطول وقت وصولها للوكيل وتأخر المصالح المترتبة على ذلك، فهي تفيد المواطنين على كافة احتياجاتها خاصة ما يتعلق بالاستقدام أو الشراء والبيع في خارج المملكة. أما بالنسبة لكتابات العدل (الموظفين المختصين لإصدار الوكالات) فيقتصر عملهم على الإصدار وتلبية احتياجات كبار السن أو في خدمة غير القادرين على التعامل مع الحاسب الآلي. * كلية الشريعة - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية