المكان: الولاياتالمتحدةالأمريكية الحدث: صناعة فيلم ريدز Reds الزمان: أغسطس 1979م للتو بدأ التصوير الرئيسي لفيلم (ريدز-Reds) للمخرج والكاتب والممثل وارن بيتي. شركة بارامونت تثق في بيتي كثيراً فهو نجم جماهيري جذب الجميع في فيلم "بوني وكلايد" والذي أطلقته شركة وارنر برذرز متوقعة آنذاك نجاحاً محدوداً له لكنه كان ضربة موفقة نقدياً وجماهيرياً حقق ملايين لم يحلموا بها. بارامونت تمنح بيتي ثلاثين مليون دولار تقريباً (تقارب 91 مليون دولار بمعايير اليوم) لينجز الفيلم الذي صرح دائماً بأنه يحلم بصناعته (ريدز) ويجسد بيتي فيه سيرة الكاتب الأمريكي الراديكالي جون ريدز والذي سافر للاتحاد السوفيتي وكان شاهداً على قيام الثورة الحمراء هناك مما جعله ينبهر بها ويعود لبلاده محاولاً تحقيق ثورة مشابهة هناك. كان بيتي قد كتب الفيلم في فترة طويلة واختار طاقماً مميزاً ضم جاك نيكلسون وديان كيتن وانضم هو نفسه لاحقاً بعدما قرر لعب شخصية ريدز بنفسه، وكل الأمور تشير أننا أمام عمل ضخم. كان من المفترض أن يتم تصويره خلال 15-16 أسبوعاً لكن الرياح جرت على غير ما اشتهته سفينة المنتجين. فالتصوير كان في عدد كبير من الدول (الولاياتالمتحدة، إنجلترا، فنلندا، أسبانيا، السويد) وهذا يعني تأخيراً في التنقل وصعوبات تنسيقية، فالطقس كان يتغير في كل من تلك الأماكن مما اضطرهم مثلاً للانتظار لموسم سقوط الثلج في هلسنكي بفنلندا أو حتى انتظار توقف المطر بأسبانيا ليتمكنوا من تصوير المشاهد التي كتبها وارن بيتي بعناية. لكن بيتي والشركة المنتجة واجهوا موقفين هما أغرب من غيرهما. الأول هو التعنت غير المبرر من السلطات الفنلندية بشكل مثير للريبة فهم لا يكادون يجدون طريقة لتعطيل عملية التصوير إلا ويغتنمونها، وبعد التقصي اكتشف الفريق أن الاتحاد السوفيتي كان يضغط بشكل رهيب على جارته الصغيرة فنلندا مجبراً إياها على خلق المصاعب لفريق العمل ولم يكن أمام الفنلنديين إلا الرضوخ أمام طلبات السوفييت الصعبة في محاولة إفساد صناعة هذا الفيلم الذي يتناول حياة أمريكي شيوعي. أما الموقف اللآخر الغريب والطريف معاً فقد كان في وقت أسبق من الأول، حيث أن بيتي اجتمع بالطاقم قبيل تصوير الفيلم في الولاياتالمتحدة وكان من عادته أنه يطالب الفريق بالإلمام بملامح الشخصية التي يتناولها الفيلم، فخطب فيهم متحدثاً عن شخصية جون ريدز وأوضح لهم الجوانب الإنسانية وكيف كان يدافع عن حقوق العمال ومطالباته بعدم سلبهم حقوقهم وغيرها من المباديء التي عرف ريدز بها. انصرف الطاقم وهم متأثرين كثيراً بما قاله بيتي على لسان ريدز فما كان منهم إلا أن طلبوا لقاء بيتي في اليوم الآخر وأخبروه أن كلامه كان له عميق الأثر عليهم وأنهم سيتوقفون عن العمل في الفيلم مالم يتم إصلاح أوضاعهم، سلموا بعدها بيتي ورقة تضم مطالبهم وكان من بينها رفع أجورهم وأخبروه قبل أن يغادروا بأنهم سيضربون عن العمل ما لم يتم تلبية طلباتهم. كان بيتي مذهولاً من الموقف الغريب الذي أوقع نفسه فيه لكنه اضطر لاحقاً أن يخضع لما طالبوا به، فتمت زيادة رواتبهم بالفعل. الزمان: اليوم، الجمعة 17 يوليو 2009م لا يزال فيلم "ريدز" محتفظاً بلقب آخر فيلم يتم ترشيحه لجميع أوسكارات التمثيل الأربعة (أفضل ممثل، أفضل ممثلة، أفضل ممثل مساعد، أفضل ممثلة مساعدة)، كما يعتبره معظم النقاد أحد أفضل الأفلام الملحمية الرومانسية في السينما الأمريكية. أما بخصوص بيتي نفسه فهو لا يزال الشخص الوحيد الذي يتم ترشيحه في سنة واحدة للأربع جوائز الأهم في الأوسكار (أفضل فيلم، مخرج، كاتب، ممثل) والغريب أنه فعلها مرتين الأولى في Heavn Can Wait عام 1979م والثانية في فيلم (ريدز -Reds) عام 1982م، ليبلغ عدد ترشيحات الأوسكار التي حصل بيتي عليها 13 ترشيحاً، بالإضافة لفوز واحد بأوسكار أفضل مخرج عن فيلم ريدز.