** حين يُسلّم أحد المغررين نفسه..إلى السلطات السعودية..طواعية..فإن ذلك يعني أمراً من أمرين: ** فإما أن يكون ضميره قد استيقظ فهداه الله سبحانه وتعالى..ودفعه إلى تصحيح مجموعة أخطائه..وفي مقدمتها خطؤه تجاه أطفاله وأسرته وعائلته التي خرج عليها..وخطؤه تجاه بلده الذي تنكر له..وقبل على نفسه بأن يعمل مع أعوان الشيطان ضده..وخطؤه نحو مجتمعه الذي قدم صورة مشوهة عنه..بل وعمل على نسفه..وخطؤه ضد نفسه ومستقبله..بدل استثمار شبابه وتنمية فرص تقدمه.. وخدمة وطنه..وإسعاد أسرته أيضا.. ** وإما أن يكون قد اكتشف حقيقة الجريمة التي زُجَّ به فيها..فتبين مدى كذب من استدرجوه إلى حتفه..مستغلين بذلك عواطفه الدينية..وحماسته التلقائية لنصرة دين الله الحق والدفاع عن المظلومين والمضطهدين فإذا به يكتشف أنهم مجرد عصابات شريرة..تقود شباب الأمة إلى أخطر مصير ينتظرهم.. ويقذف بهم وقوداً للحروب وزاداً للمشاكل والأزمات التي تدفعهم إليها مطامعهم الشخصية ومطامعهم الدنيوية.. ** وفي كلتا الحالتين: ** فإن هذا الشاب المسكين..بعودته إلى وطنه..إلى مجتمعه..إلى جذوره التي اقتلع منها لتوه.. ليقذف به في الجحيم..لولا أن هداه الله..وأنار بصيرته ..وألهمه أن يختار بين أن يكون أداة للشر..يدمر بلده..ويقتل نفسه في النهاية..وبين أن يثوب إلى رشده..ويعود إلى البلد الذي منحه كل الحب وكل الخير..وكل الأمن..وكل الاستقرار..وكل الطمأنينة..منذ جاء إلى هذه الحياة طفلا..ليتعلم ويعيش ويكبر..ويبني أسرة..أو يصبح جزءا منها يتفيأ ظلال الهدوء..والسعادة..في وطن جعله الله خير الأوطان..وفي بلد حماه الله وصانه ووقاه من كل الأخطار.. ** وبعودته إلى أحضان الوطن فإنه يؤكد بذلك أمورًا عدة..يرد في مقدمتها: أولا: أن عقيدة هذه البلاد وتمسكها بكتاب الله وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام فوق كل تشكيك.. وبالتالي فإن ثقافة التغرير بهذا الجيل تسقط..عند أول اختبار يواجهه أي مغرر به بمجرد أن يكتشف حقيقة الدعاوى الكاذبة التي استدرجوه على أساسها.. ثانيًا: أن هؤلاء المغرر بهم يكتشفون أيضا أن عصابات الشر تلك لا علاقة لها بالدين..وأن كل ما يسعون إليه هو تحقيق مطامعهم ومطامحهم باسم الدين حتى وإن زجوا بمئات الأبرياء في أتون حروب خاسرة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. ثالثًا: أن المملكة العربية السعودية..وشعب المملكة العربية السعودية..هما المستهدفان بحملات التشويه لصورة هذه البلاد..وتاريخ هذه البلاد..وإنسان هذه البلاد ..وإن الزج بآلاف السعوديين في أعمال إرهابية سيدفع العالم إلى القضاء على بلد يُصدّر إليه الشر كما يزعمون قاتلهم الله.. وبالتالي يأتون هم بعد ذلك لإدارة شؤونه بعد أن يكونوا قد خلعوا من على رؤوسهم عمامة التدين..وركبوا موجة العمالة..وأصبحوا مطايا لأعداء الأمة والحاقدين عليها.. رابعا: أن المجتمع السعودي بحاجة إلى مزيد من التوعية لتحصين أبنائه وتوجيه عقولهم وجهة واعية لطبيعة الأخطار التي تتهددهم..وتعزيز قدرتهم على فهم العصر..ومعطيات الحضارة الإنسانية..وبناء الذات القوية والواثقة والصامدة أمام عمليات الإغواء..والاستدراج.. والتضليل التي يتعرضون لها.. ** ولاشك أن هذه الحقائق منفردة أو مجتمعة تؤكد على أننا بحاجة شديدة إلى ثقافة مستنيرة لا يلغي معها الإنسان قدرته على التفكير الصحيح..والاختيار الواعي..وبناء الشخصية المستقلة وليست التابعة..والمنقادة..وسريعة التأثر والاستجابة. ** وفي تقديري.. ** أن هؤلاء..العائدين خير من يسهم مع رجال الفكر والعلم والتخطيط والإعلام في وضع أسس بناء هذه الثقافة الجديدة..وإلا فإن محاولات الاختراق لمجتمعنا ستستمر..وعشرات الأبناء سوف يخطفون إلى مواقع الهلاك رغم صدمة العائدين منهم إلى أحضان الوطن بما رأوه..وكابدوه.. ووجدوه..بعد أن عرفوا الحقيقة..فقرروا العودة إلى وطنهم..والتمتع بنعم الله العظيمة عليه..وبالأمان الذي لا نظير له فيه.. *** ضمير مستتر: ** (الظلام..لا يفضحه إلا النور..ولا يتغلب عليه إلا سطوع الحقيقة).