ختمنا عمود الأسبوع الماضي بثلاثة أسئلة لازالت مفتوحة سنجاوب عليها في عمود اليوم. السؤال الأول هو: هل حقا وفّرت ساما (مؤسسة النقد) بيئة صحيّة تتسم بالاستقرار المالي والنقدي ساعدت المختصين بالشأن التجاري والاستثماري على التوقع وحسن اتخاذ القرار؟ يجب على القراء الذين يجيبون ب: لاء النافية أن يرفعوا أياديهم. أما القراء الذين يجيبون ب: نعم فعليهم أن ينزّلوا أياديهم. انني أرى أمامي - أينما وجّهت نظري - السواد الأعظم من الأيادي مرفوعة يصرخون بصوت واحد قائلين: لا لم تساعدنا ساما على التوقع وحسن اتخاذ القرار بل غرّرت بنا تصريحاتها ففقدنا الأبيض والأسود وخرجنا من المولد (خاسرين) تكبّلنا الديون. ولكن الحق يقال إنني أرى بعض الأيادي المتناثرة (بعدد الشعرات البيضاء في شعر رأس امرأة في الثلاثينات) منكّسة تقول نحن البنوك فقد عوّضنا خسائرنا في الخارج - بفضل ساما - بأرباحنا في الداخل. اذن لايحق لساما أن تدّعي أنها وفّرت الاستقرار المالي وساعدت المختصين على التوقع وحسن اتخاذ القرار (والشيء الذي نخشاه أن تكون ساما نفسها خاسرة أوكانت سببا في خسارة مصلحة التقاعد) وكل يوم نفاجأ بانهيار بعض المختصين بالشأن التجاري والاستثماري (ناهيك عن الجماهير). السؤال الثاني هو: هل حافظت ساما على قوة الريال (سواء في الداخل أو الخارج)؟ لايمكن لساما أن تدّعي أن لها القدرة على المحافظة على قوة الريال في الخارج لأن الريال مربوط بالدولار فإذا انخفض الدولار بمقدار 10 % تنخفض قيمة الريال بمقدار 10 % بالنسبة للعملات الأخرى (أي ان عملتنا في التعامل مع الخارج هي الدولار وليس الريال) اذن الذي يحدد قيمة الريال في الخارج هو الفدرالي الأمريكي وليس ساما. أما المحافظة على قيمة الريال في الداخل فهل يحق لساما أن تقول إنها حافظت على قوة الريال في الوقت الذي بلغ فيه متوسط نسبة التضخم في السنوات الأخيرة وفقا للإحصائيات الرسمية 10 % (ساما تعرف أن قوة الريال تتدهوّر من سنة لسنة بمعدل التضخم). السؤال الثالث اذا لم يكن من مهام ساما تبني برامج عدالة اجتماعية هل من مهامها تبني برامج (سياسات) تؤدي الى سوء توزيع الدّخل والإخلال بالعدالة الاجتماعية؟ المهام الموكلة للبنوك المركزية هي - بالتحديد - تحقيق: العمالة الكاملة والقضاء على التضخم ومعدل النمو العالي والتوزيع العادل للدخل. أليست هذه المهام بطبيعتها تسمى: برامج (أو سياسات) عدالة اجتماعية ؟ هل يوجد لديك يا مؤسسة النقد تسمية أكثر مناسبة لهذه المهام من تسميتها: برامج عدالة اجتماعية؟ الخلاصة يجب أن لانخدع أنفسنا وندّعي بأن قوّة اقتصادنا ترجع لسياساتنا الاقتصادية فالحقيقة التي لامراء فيها أنه لايوجد لدى مؤسسة النقد في الوقت الحالي أدوات (كما سنوضّح فيما بعد) تمكنها من مزاولة السياسة النقدية والفضل الأول والأخير لقوة اقتصادنا هو البترول. * رئيس مركز اقتصاديات البترول "مركز غير هادف للربح"