بل خلد عاشق البوب والرقص والفيديو كليب، وراح كاره الثلاثة؛ والده والنساء والسواد!. إن الفضل في صناعة الشخصية الأسطورية لمايكل جاكسون (1958-2009) لمؤسستين: الأولى اجتماعية والأخرى اقتصادية، فالأولى مؤسسة السلطة الأبوية والثانية مؤسسة سطوة الشهرة.. تلك المؤسستان جعلتا كل من المغنية ديانا روس والمنتج الغنائي كوينسي جونز ليتعاطفا معه في بدايته ويدخلاه مرحلة البطولة الفردية خارج فريق الجاكسون 5 (المكون من إخوته الذكور). فقد قاسى مايكل الويل من والده الذي كان يشتمه (يا زنجي)، ويضربه بالحزام، ويمنعه من اللعب، وحرمته لعنة الشهرة المبكرة من عيش طفولته ومراهقته وشبابه حتى كهولته عندما دخلها بل لم تمكنه تلك الشهرة من عيش حياته الطبيعية برغباته وشهواته، وهذا ما ظهر في حلقات مسلسلة عبر مطبوعات أمريكية عوضاً عن ظهوره في برنامج أوبرا وينفري عام 1992 حيث كشف لها تعرضه للتحرش وهو صغير من والده ثم كشف لمارتن بشير في برنامج عن امرأة اغتصبته في أول مراهقته ادعت بأنها معجبة.. لقد حاول مايكل أن يقاوم الواقع بذهنية طفل ادعى البراءة كثيراً وجعل من الجانب الإيجابي في داخله يثري الحياة عطاء ولكنه لم يستطع فهم نفسه ولم يتصالح معها مثل آخرين كمتصالحين مع هويتهم الجنسية كألتون جون وبوي جورج وجورج مايكل، ولا كسود مثل ليونيل ريتشي وتينا ترنر ووتني هيوستن!. ظل مايكل مفجوعاً من حقيقته فلم يقبلها، ولا ننسى جهل المجتمع في مساندته، فهذا الطفل الذي قمع لئلا يعرف نفسه ويفخر بل ليشعر بالذنب وثقله المضني والخطيئة والبحث عن غفرانها منذ صغره أعانه المجتمع في عالم الفن والمال، وتطورات صناعة الغناء والموسيقى، وتكوين النجم العالمي حين تلقى مايكل منذ أصر أن يكون مغنياً منفرداً بعد حقق بين عام 1964-1970 بروزاً ضمن فريق (جاكسون فايف) الذي دعمته المغنية السوداء غلادي نايتس عند شركة موتاون المتخصصة في موسيقى وغناء السود (الجاز والبلوز) ثم نال دعماً من المغنية الرائعة ديانا روس ومثل معها فيلم THE WIZ 1978، وعن طريقها تعرف إلى المنتج الكبير كوينسي جونز فأنتج له أول مجموعة غنائية 1979 OF THE WALL حيث سدد مايكل آخر طعنة في تاريخ الديسكو مازجاً بين ملامح من البلوز والروك والديسكو ، ومزيجاً من غناء البيض وبقايا غناء الطفولة المؤسس على غناء البلوز في حلة جديدة ثم انطلق عبر مجموعة غنائية أخرى 1982 THRILLER حيث قدم أول كليب غنائي مدته 13 دقيقة (أخرجه جون لانديس) غير مسبوق لا في أفكاره ولا موسيقاه، وعلى هذا العمل بنى ملامح مسيرته الغنائية لاحقاً. أغنية بسيطة المليلودي (لا تتجاوز حروفها أصابع اليد) وإيقاع راقص وخليط بين الغناء والزمجرة والصرخات إلا أنه لا يمنع عندما يبحث عن أغنيات عالية المستوى في غنائيتها وإتقانها فيلجأ إلى بول مكارتني وستيفي ووندر في هذه المرحلة. كسب عبر مجموعته الثانية 1982 أكثر من أمر هو ترسخ اسمه وشخصيته الفنية ومن معالمها الرقصة الشهيرة المشي على القمر والقفاز والجاكيت الأحمر ذي السحابات و8 جوائز من غرامي واختراق شاشة MTV ووصلت مبيعاته 104 ملايين. أنتج له كوينسي جونز عام 1984 أغنية WE ARE THE WORLD التي شارك بها مجموعة كبيرة من الفنانين لصالح المجاعة في أفريقيا من أمثال تينا تيرنر وكيني روجرز وديانا روس وليونيل ريتشي وآخرون. أصدر مجموعته الثالثة BAD عام 1987 ، وعبر عن كثير من قضايا خاصة وعامة إخفاقه في قبول حبه من الفتيات ،وأغنية رائعة وضعتها له سيدا جاريت عن المشردين MAN IN THE MIRROR، وانشغاله صراعه في اعتبار نفسه أفضل راقص ومغن بوب. فالبوب هو فن يعد وليداً انقلابياً على فن الروك سهلت مروره موجة الديسكو لاحقاً، فهما ينتميان-أي: الروك والبوب- إلى شكل الأغنية الشعبية إلا أن الروك ارتكز على الجيتار الكهربائي والإيقاع العنيف والتعبير الواقعي والرومانسي إلا أن البوب استمد مضمونه من التجارب العاطفية والجنسية معاً معتمداً على إيقاع راقص والتناسق الموسيقي البسيط متخلياً عن الأوركسترا لصالح مفاتيح الكيبورد وسيتولد عنه موجة الفيوجن والموجة الجديدة. أنجز فيلماً لأغاني المجموعة بعنوان MOONWALKER عام 1988 واحتوى تصويراً لأغانيه البارزة ومنها أغنية LEAVE ME ALONE وقد استعان بصور ومشاهد لإليزا بيث تايلور ، والأخرى التي أبدع فيها رقصة جديدة ومبتكرة SMOOTH CRIMINAL،وختم هذا الفيلم بأغنية من أرشيف البيتلز COME TOGETHER. وتوج عام 1989 بجائزة كبرى سلمتها إياه صديقته أليزا بيث تايلور أطلقت عليه لقب(ملك البوب)، فصار ملكاً للبوب الأسود- الأبيض أو البوب الهجين والخلاسي!. أطلق عام 1991 مجموعته الغنائية الرابعة DANGREOUS، ولم مجموعة بسيطة بل استطاع أن يدعم فيها أسلوبه الغنائي والراقص وصور أغنية BLACK OR WHITE الذي جمع فيه ما لا يجمع من أفكار متنافرة ووضعها في قالب فني تجاوز 10 دقائق وهاجمه نقاد حول آخر مشاهده حين احتوى على تمثيل العادة السرية وتكسير زجاج ما جعل العنف غير مبرر ، فأعاد تخليصه من تلك المشاهد وعرض ثم أنجز كليباً ملفتاً لأغنية REMEMBER THE TIME شارك فيه إيدي ميرفي مستوحياً عالمه من عصر الفراعنة.