بعد أحداث 11 سبتمبر، قامت بعض الدول بتشديد إجراءات السفر إليها وإجرءات سفر مواطنيها إلى بعض الدول الإسلامية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. وقد شهد هذا الصيف تغييراً نوعياً باتجاهين متناقضين، فبعض الدول قامت بتخفيف إجراءاتها، في حين قام بعضها الآخر بالتشديد. فبعد سنوات من تحديد فترة إقامة الدبلوماسيين الأمريكيين في المملكة العربية السعودية ومنعهم من اصطحاب أسرهم، قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية، حسبما هو مدرج في موقع وزارة الخارجية الأمريكية على الإنترنت، بتخفيف تلك القيود، تقديراً منها على مايبدو للتحسن الملموس في الحالة الأمنية. وكانت الولاياتالمتحدة أيضاً قد بسّطت إجراءات الحصول على تأشيرات الزيارة، مما أدى إلى ارتفاع نسبة السياح والطلبة المسافرين إلى الولاياتالمتحدة. وفي أوروبا أيضاَ، قامت بعض الدول بتبسيط إجراءات دخول السعوديين إليها، حيث تقبل بعض الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي – مثل سويسرا والنرويج – تأشيرات "شنجن" ولا تشترط تأشيرات إضافية من السعوديين، مع أنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، كما يمكن للسعودي الحصول على تأشيرات خاصة بتلك الدول في وقت قياسي. وبالمقابل تبنّت بريطانيا هذا الصيف إجراءات مشددة، ربما الأولى من نوعها، حيال طالبي تأشيرات الزيارة. حيث أصبح طالب تأشيرة الزيارة يخضع لعدة اختبارات أمنية ومالية واقتصادية مفصلة قد تعطي الانطباع بأن المواطن السعودي أصبح مشتبهاً به أمنياً، ومالياً. فهو ملزم بالحضور شخصياً لأخذ بصماته البيولوجية biometrics، في مركز مخصص لذلك في أحد أحياء الرياض المزدحمة، مما يستغرق ساعات عديدة لمجرد استكمال هذا الإجراء نظراً إلى الازدحام الشديد. ومن الناحية المالية، أصبح عليه إثبات ملاءته المالية عن طريق تقديم كشف حسابات باللغة الإنجليزية لمدة 6 أشهر على الاقل، ولا يُكتفى بتقديم إثبات قدرته على تمويل سفرته عن طريق بطاقات الائتمان والشيكات السياحية مثلاً. وذلك بالإضافة إلى تقديم خطاب تعريف من جهة العمل باللغة الإنجليزية توضح الراتب الشهري، وتذكرة طيران، وحجز فندق ....إلخ. ويأتي تطبيق هذه الإجراءات على المواطنين فجأة دون تقديم مبررات، فلم نسمع بأن نسبة مخالفة القوانين بين السعوديين في بريطانيا قد أصبحت ظاهرة تتطلب إجراءات جديدة، أو أن نسبة من يزاحم المواطن البريطاني في رزقه أصبحت عالية، أو أن نسبة من يعجزون عن تسديد التزاماتهم المالية قد ازدادت بشكل كبير، أو أن نسبة من يعيشون عالية على الضمان الاجتماعي قد ارتفعت. وقد أكون مخطئاً في هذا، وفي تلك الحالة فقد يكون من المناسب توضيح أسباب تبني الإجراءات الجديدة. فكثير من السعوديين يعتبر بريطانيا بلده الثاني، أو على الأقل المقصد السياحي الأول، وفي حالة كانت هناك إشكالات سببها 1% من السياح مثلاً، فإن حلها لا يأتي بالتضييق على 99% منهم. فمن الزوار من هو كبير في السن، أو قادم للعلاج أو غير ذلك. ولما كانت هذه أول سنة تُطبق فيها الإجراءات المشددة، فلعل تجربة هذا الصيف تدفع إلى تقييم جدواها مستقبلاً وتعديلها وفقاً لذلك التقييم.