يظهر الفنان كيري سكارباكة في صور تتحدى الموت حيث يظهر وهو يقفز فوق الجسور غاطساً في الماء أو يقطع الدرج بخطى رشيقة سريعة أو نحو ذلك من الحركات العجيبة الغريبة. ومن المؤكد أن كل صورة من صوره تثير الرعب في قلب من يراها أو تدفعه على أقل تقدير إلى أن يفغر فاه مشدوهاً مما انطوت عليه تلك الصور من غرابة ما لم يكن على إدراك مسبق بأسرار اللقطات التي يأخذها ذلك الفنان. ولما كان كيري يتمتع بقدر كبير من الدعم أثناء إقدامه على التقاط الصور حيث يظل مثبتاً في مكانه بأسلاك، لا تراها العين، تحفظ له توازنه بحيث يظل في مأمن من السقوط أثناء قيامه بتصوير لقطاته، وقد دأب هذا الفنان الأمريكي المتهور البالغ من العمر 38 عاماً على إنتاج مجموعة الصور الساقطة منذ عام 2002م كما ظل يجوب العالم لعرض ما ينتجه من صور. وكان كيري قد حاول الاستعانة بعارضات وعارضين على غرار عارضات وعارضي الأزياء لعرض أعماله الفنية بيد أنه لم يوفق في العثور على من يتكفل بهذه المهمة وبالتالي لم يجد بداً من اتخاذ زمام المبادرة لعرض أعماله بنفسه. فمن ذا الذي يجرؤ على توجيه اللوم لمن يعتذر عن عرض صور ذات خلفيات تشتمل مثلاً على السقوط من ناطحة سحاب أو من جسر من جسور السكك الحديدية؟ يعزو كيري أعماله إلى الفيلسوف مارتن هيدجار الذي "وصف الوجود الإنساني بأنه عبارة عن عملية سقوط سرمدي". وقد تحدث قائلاً: "إنني أستخدم نفسي عارضا لأعمالي وأستعين بمعدات القفز والسقوط فأقوم بتصوير الجسد وهو يتدلى من المنحدرات الخطيرة نحو درجات السلالم. وإن حركات الجسد الملتقطة في التصوير قد جرى تصميم لقطاتها بحيث تكون الحركات مقبولة وجديرة بالتصديق ظاهرياً مما يؤسس لصورة أرضية راسخة في عالم الواقع. وبكل حال فإن غموض وضع الجسد في الفضاء هو الذي يسمح للمشاهد بل ويتطلب منه حل طلاسم المغزى الكامل للصورة. هل نحن نسقط؟ هل نستطيع الطيران؟ إذا كنا نطير فإن عدم التحكم أو فقدان السيطرة يسهل عندئذ من عملية التحكم على الوجه الأكمل". أما الخلفيات والاعداد المألوفة فهي تشتمل على الخطو السريع من سلم متدرج في الردهة أو السير الرشيق نزولاً بالدرج أو حتى مجرد محاولة الجلوس للقراءة والسقوط سهواً عن المقعد، وهي أوضاع يمكن أن تحدث للعديد منا. بيد أن هذه الأوضاع إن دلت على شيء فإنما تدل على أنها يمكن أن تكون مدعاة للتهلكة شأنها في ذلك شأن الصور الأكثر إثارة وبالتالي فإن كيري لا يغامر بسلامته. وقد تحدث في هذا السياق بقوله: "إن من الضروري التنويه بأنني لا أعتبر نفسي بهلوانياً بارعاً ولا أرغب في أن أصبح ممن يضحون لأجل الفن. وبالتالي فإن السلامة تعد عاملاً مهماً. ومع هذا فإن العمل لا ينطوي على احتمال مخاطرة بالتعرض للإصابة الشخصية لحظة القيام به. وهذا مما لا مندوحة عنه بالقدر الذي تكمن به قوة تلك الصور في حقيقة أنها جميعها مسجلة في الموقع الميداني".