على الرغم من تباين مستوى التداول العقاري خلال (العام الاقتصادي) ورغم تراجعه النسبي خلال فصل الصيف، الذي يشهد ازدهار تجارة التجزئة، والعقارات الصيفية، إلا أن المراقب للسوق يرصد نشاطاً ملحوظاً لمنتجات محددة، على رأسها الشقق وتحديداً تأجير الوحدات السكنية. مسببات عديدة تعزز من التوجه النوعي للسوق العقاري خلال شهر الصيف، أهمها تأهل عدد كبير جداً من الشباب مما يعني بداية حياة جديدة، تعتمد في الغالب على الاستئجار، إضافة إلى تنقلات منسوبي الجهات الحكومية من مدينة إلى أخرى للعمل أو التدريب أو الانتداب. وهناك فئة تفضل دائما بدء رحلة البحث عن السكن بقصد التملك خلال الإجازة الصيفية التي تتميز بهدوء النشاط والزحام المروري عادة، خاصة في الرياض. وأعتقد أن تأثير تداعيات الأزمة العالمية، وانتشار أنفلونزا الخنازير، وتواضع قنوات التسويق، لن تكون مؤثراً على نشاط السوق العقاري، حتى وإن تجاوزت درجات الخمسين درجة مئوية، لأنه ببساطة سوق يعتمد على طلب حقيقي، ومتزايد. ويزداد الطلب على العقارات السياحية في السعودية خلال فترة الصيف، وذلك لقضاء الكثير من الأسر السعودية أجازاتهم السنوية في المناطق السياحية في البلاد، وتتحرك تداولات العقارات المرتبطة بقطاع السياحة خلال فترة الصيف بشكل أكبر مما هي عليه خلال باقي السنة بنسبة تصل إلى 30% وبنسبة إشغال تتجاوز 70% من حجوزات المنشآت السياحة من فنادق ومنتجعات وشاليهات وشقق واستراحات. وتعتبر فترة الصيف فترة سياحة في السعودية إذ ترتفع فيها حركة التداول العقاري لتلك العقارات. في كل عام لأحد يستطيع أن يرغم السوق العقاري على التوقف، أو استمرار التداول في بيع وشراء الأراضي، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب على الكثير من المنتجات كالعقارات السياحية والساحلية، والاستراحات، بالإضافة إلى الحركة الكبيرة على الشقق السكنية، حيث إن الكثير من المستأجرين يحددون موعد تجديد عقودهم في فترة الصيف، وذلك للتزامن مع التغيير، أو السفر، وتجديد تلك الشقق. وكثير من الشركات العقارية تعتبر فترة الصيف فترة إعادة حسابات وترتيب الأوراق للدخول في موسم عقاري جديد بمشاريع حديثة تستطيع من خلاله الشركات الدخول إلى السوق العقاري مجدداً، والذي ينتظر موسماً ساخناً من خلال ما يشهده القطاع من دخول شركات جديدة ومشاريع حديثة ترفع من حركة السوق العقاري في السعودية. وتتجه التوقعات نحو انتعاش السوق من جديد وتوقع دخول المزيد من السيولة على مكونات القطاع العقاري خلال العام الحالي 2009، ومن كل الجهات سواء كانت نتيجة الإنفاق الحكومي على مشروعات البنى التحتية أو إنشاء المدن السكنية والمدن الاقتصادية إلى ما هنالك من مشاريع التنمية الحكومية في إطار التنمية الاقتصادية الشاملة. وشدد عقاريون على واقعية الطلب على مختلف أشكال المنتجات العقارية في السعودية، نتيجة ارتفاع الطلب من المواطنين، إضافة إلى دخول وخروج شرائح عديدة من الشباب السعودي في القطاع الخاص الذي يتميز بمنح مميزات مالية للشباب تعادل أضعاف ما يمنحه القطاع الحكومي. ويقبل الكثير من المستثمرين على بناء الاستراحات أو الشاليهات في مختلف مناطق البلاد، كونها استثمارا مجديا، خاصة في ظل غياب مرافق سياحية تتناسب مع العائلات، وحيث إن ذلك النوع من العقارات يزداد الطلب عليه من قبل المستثمرين والراغبين في الشراء، فإن الإقبال عليه في ازدياد على المستوى الكبير ولكن في نطاق بسيط، خاصة مع تدشين مشاريع كثيرة للسياحة في الوسط والشرق والغرب من السعودية. وتنظر العائلات السعودية خاصة ممن يسكنون العاصمة الرياض إلى إيجاد بديل سياحي كشراء منزل أو شاليه أو استراحة لكسر الروتين السنوي أو لتخصيصها للمناسبات أو لقضاء الإجازة الصيفية.، وهذا العام يستمر مهرجان صيف الرياض، في تعزيز الطلب على العقارات السكنية المعدة للتأجير الموسمي. وتتجه الحكومة لتوطين السياحة الداخلية من خلال برامج مختلفة وفعاليات في مختلف مناطق البلاد كمهرجان الرياض الصيفي، وجدة السياحي ومهرجان القصيم ومهرجانات البلاد الصيفية، لجذب السياح الداخليين من مدن السعودية، والسياح الخارجيين من دول الخليج خاصة من دولة الكويت والذين يزداد عددهم سنوياً في زيارة السعودية في مختلف مناطق البلاد خاصة العاصمة المقدسة مكةالمكرمة والمدينة المنورة. وكانت وزارة التجارة والصناعة قد شرعت في فرض أنظمة على أصحاب الشقق المفروشة، حيث يتم تحديد الأسعار وفقا للفئة التي تحددها لجنة المراقبة، غير ان الكثير من أصحاب الشقق غير ملتزمين بعمليات التصنيف المعمول بها. وأوضح خبراء في العقارات أن القطاع الخاص السعودي استفاد كثيراً من تجاربه في الخارج، من خلال الاستثمار في دول الجوار، مشيرين في هذا الصدد إلى أن بعض الشركات نجحت في توطين مشاريع تعتبر نقلة نوعية في نمط الحياة للسعوديين وتحقيق أعلى مستويات فن العيش والمساكن الأنيقة، من خلال توطين منظومة متكاملة من بيئات السكن والعمل والترفيه والتسوق على كورنيش جدة. وأكدوا أن الطلب المتزايد والإقبال على شاليهات مدينة جدة الساحلية السياحية - التي باتت من أكثر المدن السعودية التي تحتضن مرافق سياحية ومنتجعات مطورة - أشعل منافسة قوية مقارنة بنظيرتها في العالم من حيث التجهيزات والتطور والتصميم والخدمات المتكاملة، مع مراعاتها لخصوصيات المجتمع السعودي وعاداته وتقاليده، الأمر الذي ساعد في أن تصبح أكثر جاذبيه لزوارها. وسعى المطورين العقاريين إلى الاستثمار في قطاع السياحة، والذي يتوقع أن يكون من أكثر المنتجات العقارية انتعاشاً في الوقت المقبل، في ظل ازدياد مختلف أنواع الرحلات السياحية في البلاد، خاصة بعد مجهودات الهيئة العامة للسياحة والآثار، التي تعمل على إرساء قواعد جديدة للسياحة السعودية. فيما أشار عقاريون بمنطقة حائل أخيراً إلى انه مع دخول إجازة الصيف المقبلة وبدء التخطيط والاستعدادات لتنظيم المهرجانات السياحية الصيفية سيزيد الطلب على الشقق المفروشة والأجنحة الفندقية المنتشرة بحائل بغرض الاتجاه السياحي لمنطقة حائل وهذا ما سوف ينتظره سوق العقار والاستثمارات بالمنطقة من زيادة كبيرة في الطلبات على الشقق المفروشة والفنادق. وأوضح تقرير صادر من شركة مزايا القابضة الكويتية أن النمو في القطاع السياحي والانفتاح الذي شهدته المملكة للترويج للسياحة غير الدينية إلى جانب النمو في السياحة الدينية نفسها سيؤدي إلى أن تساهم السياحة بنحو 82 مليار ريال من الناتج المحلي السعودي. ولم يغفل التقرير دور الهيئة العليا للسياحة في المملكة في تعزيز السياحة الداخلية، وتشجيع الجمهور المستهدف، من سعوديين وأجانب، وذلك عبر إطلاق حملات إعلامية لمواسم الصيف والأعياد الدينية، إضافة ليومي الإجازة الأسبوعية الرسمية الخميس والجمعة، حيث تركز الحملات على إبراز مناطق المملكة المؤهلة سياحياً لاستقطاب الشرائح المستهدفة في كل من (الرياضوجدةومكةالمكرمة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية والطائف وعسير والباحة وحائل والقصيم). وتستهدف الحملة زيادة الوعي لدى الشرائح المستهدفة بما يتوفر في المملكة بشكل عام والمناطق السياحية من مقومات الجذب السياحي بما تتوافق ورغبات هذه الشرائح، والتشجيع على ممارسة نشاط أو أكثر من الأنشطة السياحية خلال الإجازات. وشهدت السياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية نمو خلال عام 2008م، حيث بلغ الإنفاق على السياحة الداخلية 74.1 مليار ريال سعودي بنمو بلغ 44.4% عن عام 2007م ، كما ارتفع عدد الرحلات السياحية المحلية داخل السعودية خلال عام 2008 إلى 43.5 مليون رحلة مقابل 40.1 مليون رحلة عام 2007م بنمو بلغ 8.6% بحسب التقارير الصادرة عن مركز المعلومات والأبحاث السياحية في السعودية (ماس).