التسمم الغذائي تتأثر المواد الغذائية بالظروف البيئية المختلفة المحيطة بها، مما قد يُعرضها للتلف والفساد والتلوث. ونعني بسلامة الغذاء أي خلوه من جميع عوامل التلوث الميكروبي أو الكيميائي أو الفيزيائي، والذي يحول الغذاء إلى أغذية ضارة بصحة المستهلك. فسلامة وجودة الغذاء هما صفتان متلازمتان ومرتبطتان ببعضهما البعض، وتعبران عن مدى صلاحية الغذاء للاستهلاك وخلوه من عوامل الضرر لصحة المستهلك، وكذلك عن مدى صفاته التركيبية وقيمته التغذوية وتقبل المستهلك له. الأمراض التي ينقلها الغذاء يصاب الإنسان بالتسمم نتيجة تناوله الأغذية الملوثة بالبكتريا الضارة والفيروسات والطفيليات والسموم والملوثات الكيميائية والطبيعية، وقد يصاب ببعض الأعراض المشابهة لأعراض الإصابة بالأنفلونزا، ولكن السبب الحقيقي يكمن في أمراض العدوى الغذائية والتي تسببها البكتيريا في معظم الحالات، كما قد يصاب بكل أو بعض الأعراض المرضية مثل الإسهال وارتفاع درجة الحرارة والتقيؤ واضطرابات في الجهاز الهضمي، وقد يصل إلى الإصابة بالتشنج والشلل والتهاب السحايا. ورغم أن أمريكا تُعد من الدول المتقدمة في الرقابة وتطبيق الأنظمة الصحية، إلا أنه يقدر بأن حوالي 76مليون أمريكي يصابون سنويا بالأمراض بسبب الغذاء الملوث، ويتوفى 5 آلاف أمريكي سنويا، بينما يقدر إصابة أكثر من 9ملايين شخص في انجلترا بالتسمم الغذائي، بينما سجلت (9312) حالة تسمم غذائي بالمملكة العربية السعودية خلال الأعوام 1417ه - 1420ه، وكانت نسبة الإصابة بالتسمم ببكتريا السالمونيلا (57%) وذلك حسب النتائج المخبرية (المصدر/ وزارة الصحة) وقد نتج عن حوادث التسمم عشر وفيات، ومن الجدير بالذكر أنه كلما تطور نظام الترصد الوبائي كان التبليغ عن الحالات أفضل. عندما تتوفر الظروف المناسبة تُضاعف البكتيريا أعدادها كل 10 إلى 30 دقيقة. فعلى سبيل المثال الخلية الواحدة تنقسم إلى خليتين، كل خلية تنقسم إلى قسمين لينتج أربع خلايا والتي تنقسم إلى ثماني خلايا... وهكذا، وبذلك تتكاثر البكتريا بسرعة فائقة، فتصل إلى الملايين خلال فترة زمنية وجيزة، ويمكن أن تتكاثر الخلية البكتيرية الواحدة فتصل إلى أكثر من 1,7مليار خلية بكتيرية خلال 12 ساعة. بعض أنواع البكتيريا غير ممرضة بحد ذاتها، ولكن عندما تكون في الأغذية تتكاثر بصورة كبيرة، وتقوم بإنتاج السموم التي تؤدي إلى تسمم الأشخاص الذين يتناولون الطعام. وسنتطرق باختصار إلى بعض أنواع التسمم الغذائية، على أن نتحدث عنها بالتفصيل مستقبلا إن شاء الله. التسمم الغذائي ببكتريا السالمونيلا: تعتبر السالمونيلا من أكثر مسببات التسمم الغذائي انتشارا، وتأتي في مقدمة حالات التسمم الغذائي، يُعتقد بوجود 2500-3000 سلالة معظمها يُسبب العدوى السالمونيلية، ونسبة الوفاة في بعض أنواعها تصل إلى 10%، ويبقى 10-15% ممن يشفون حاملين للمرض لفترة من الزمن قد تصل إلى أشهر عديدة. ويعني ذلك أنه عند شفاء المريض، فإنه يجب عدم تعامله مع الغذاء إلا بعد التثبت من عدم حمله للمرض. التسمم الغذائي ببكتريا المكورات العنقودية: تتواجد هذه البكتريا على جسم الإنسان بصورة طبيعية مثل الجلد والأنف، وتتميز بتحملها تراكيز ملحية عالية تصل إلى 15%، ومن أهم أخطارها أن وجودها في الغذاء لايؤدي لظهور رائحة كريهة أو تغيير ملحوظ في شكل الغذاء، ويُعرف بتواجدها في الأغذية الآسيوية، وعند تواجد سم الميكروب في الغذاء فإنه يقاوم الحرارة العالية، حيث يتحمل درجة الغليان لفترة 60دقيقة، كما أن المعاملات الحرارية التي تجرى على الأغذية مثل البسترة والطهي العادي ليست كافية للقضاء على السم، لذا من الأهمية الاهتمام بالتعامل الصحي مع الغذاء من البداية حتى نهاية إعداد الغذاء، ولا يُعتمد على حرارة الطبخ للقضاء على هذا التسمم، يُعتقد أنه المسبب الثاني المسؤول عن أكثر حالات التسمم الغذائي بالمملكة، حيث يتسبب في 20 -30% من حالات التسمم. التسمم الغذائي البوتشيليني: يعتبر من أخطر أنواع التسمم، وللتدليل على خطورة التسمم فإن جراما واحدا من سم هذه البكتريا يكفي للقضاء على 500 مليون من البشر إذا وزع بينهم بالتساوي، لذلك فإن إصابة واحدة تُعد حالة تسمم غذائي (بينما في حالات التسمم الأخرى يُعد تفشي الوباء عند حدوث حالتين فأكثر)، تتطلب هذه البكتريا أغذية منخفضة الحموضة وظروفا لاهوائية لإنتاج السم، لذلك ارتبط اسم هذا السم بالأغذية المعلبة، كاللحوم والأسماك والخضار المعلبة، وقد يحدث الوفاة عند ابتلاع السم مع الغذاء، وإذا لم يُسعف المصاب بسرعة فمعدل الوفاة قد يصل إلى 60-70%، بينما في الرضع يكون التسمم عند ابتلاع البكتريا مع الغذاء، حيث تنتج السم داخل الجهاز الهضمي بواسطة البكتريا التي تستوطن أمعاء الطفل الرضيع، ويعتبر 100 جرثومة كافية للتسبب بالمرض، وقد ارتبط التسمم البوتشيليني للرضع في الولاياتالمتحدة بتغذية الأطفال بالعسل. لذلك توجب عدم إعطاء العسل للرضع الذين تقل أعمارهم عن سنة. لقد دلت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة إلى كيفية التعامل مع الحالات الوبائية، كما أمرنا بالحذر واتخاذ التدابير في حياتنا كلها، ومن ضمنها منع انتشار الأمراض في المجتمع بالأخذ بالأسباب، قال تعالى(ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة) ونود أن نذكر أصحاب المطاعم بالآية الكريمة (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) فأذية المؤمنين عظيمة، وإثمها عظيم، كما أن في ذلك انتهاكا لحرمة الله بعدم اتباع تعاليمه.