الجدل الدائر في المجتمع السعودي حول السماح بوجود دور عرض للسينما داخل المملكة العربية السعودية والذي ما كان ليحصل في السنوات الماضية، بالرغم من أن تلك السنوات كانت قد حوت جدلا آخر مشابها حول القنوات الفضائية ووجود أطباق أو (دشوش) لالتقاط هذه القنوات الفضائية ، والتي اعتبرت بحد ذاتها نقلة نوعية في الإعلام وقدرته على اجتياز وتجاوز العوائق ولوائح الممنوع المحلية ، والتي منها عدم جواز استخدامها حيث كان مجرد وجود (دش) بالمعنى المحلي على سطح أي منزل هو تهمة لأصحاب هذا المنزل وربما كان سببا للقطيعة في عرف من كانوا يحرّمونه! ومع الزمن والتعود أصبح وجوده أمرا مقبولا خصوصا بعد مشاركة وتفاعل كثير من المشايخ السعوديين مع القنوات التي كانت تعتبر محرمة ، ومع ظهور القنوات الفضائية الإسلامية التي تستخدم القمر الصناعي ذاته في بثها وتحتاج إلى (دش أو ستالايت) لالتقاطها! ومع أن الجدل بحد ذاته يعتبر ظاهرة صحية ما لم يصاحبه تعنت في الرأي وعدم إصغاء للطرف الآخر المخالف، إلا أنه في بعض الحالات كما هو في المجتمع السعودي قد ينقلب إلى وسيلة مستهلكة للاستعراض وربما إثبات الوجود حتى ولو لم يبن على حجج مقنعة. فلماذا يعترض البعض على وجود دور للسينما ولا يعترف بها كوسيلة مشروعة للترفيه؟ هل السبب في المحتوى أم في الوسيلة؟ إذا كان الاعتراض على الأفلام السينمائية كفكرة أو كمبدأ فإن هذا الاعتراض غير مقنع إن لم يكن مرفوضا لأن القنوات المحلية تعرض الأفلام العربية والأجنبية على حد سواء . ومن لا يتقبل مشاهدة هذه الأفلام أو لا يرغبها بإمكانه إطفاء التلفزيون أو تغيير القناة عند عرضها. أما إذا كان الاعتراض أو التخوف هو من وجود دور متخصصة في ذلك وما يصاحب ذلك من إشكالية الاختلاط بين الرجل والمرأة والتي تعتبر أحد أهم معضلات المجتمع السعودي التي يسعى لفهمها ووضع أُطر لها بالمفهوم الديني والعرفي ، فإنه يمكن تبسيطه بوضع قواعد وأسس تنظم عمل هذه الدور دون اللجوء للخيار الأسهل والأقل إقناعا وهو المنع درءا للمفاسد! دور السينما هي وسيلة مشروعة للترفيه قد يعرض فيها الغث وقد يعرض فيها السمين والممتع والمفيد أيضا. إن تنظيم عمل دور السينما بشكل يقلل من الشبهات التي تجعل المجتمع متوجسا منها هو الخطوة الإيجابية التي يجب أن نتخذها لا التأجيل حتى يفرضها الواقع المحيط بنا بما يستجد فيه من تقنيات متطورة تجعل من الضمير والوازع الديني الحصن الأضمن والأفضل لاتقاء الشبهات لا المنع بالسلطة! فالسينما هي خيار ترفيه مقبول في جميع المجتمعات لكلفته البسيطة وتنوعه ، وهي وسيلة ترفيه تناسب جميع الأعمار بخياراتها المختلفة التي ترضي معظم الأذواق وفي الأجواء المناخية المختلفة فلماذا نتعنت في موقفنا تجاهها؟ وكأننا شعب من كوكب آخر لا يحسن كبح جماح نفسه إلا بسلطة المنع كما هو الأمر في أفغانستان والصومال!!