(القصيبي:الأدباء "الموظفون" أكثر إنتاجاً من " المتفرغين")، هذا العنوان نشرته صحيفة القاهرة الثقافية في عددها الصادر في 19مايو، حيث أوردت الصحيفة التالي"د.غازي القصيبي الروائي والشاعر والمؤلف السعودي اعتبر أن أي إحصائية دقيقة تم إجراؤها في أي مكان أو زمان ستظهر أن الأدباء "الموظفين" أنتجوا أضعاف ما أنتجه الأدباء "المتفرغون"...) رأي معالي الدكتور القصيبي يرد على من يطالب بتفرغ الأدباء حتى يتمكنوا من إنجاز مشاريعهم الثقافية، ومن يطالب بالتفرغ يطالب أيضاً بمبلغ ثابت يحصل عليه ليؤمن حياته، إضافة إلى ما سيحققه من فعله الثقافي، ولكن هل الثقافة وتحديداً الأدب يؤكل عيشاً، هل وصل أديب عربي إلى أن تكون إيرادات كتبه ومقالاته تكفيه وتؤمن له حياة رغدة، قد يكون هنالك استثناءات، فبعض الكتاب من خلال كتاباتهم الصحفية كمثال والتي تكون غالباً بصفة يومية وبعد زمن طويل من المعاناة يكون دخل تلك الكتابات جيداً ويحقق له الكثير من الأمان الحياتي، ولكن هذه استثناءات ولا يعول عليها، وهنا يكون رأي الدكتور القصيبي مهماً وواقعياً، ولو تتبعنا سير كثير من الأدباء والمبدعين في العالم لرأينا أن لهم مصادر دخل أخرى ربما يدخل بعضها في إطار الثقافة ككتابة سيناريوهات الأفلام والمسرحيات أو الفعل الصحفي أو الأكاديمي أو الثقافي المؤسساتي وربما بعضهم يكون عمله بعيداً عن إطار الثقافة ولكن داخل عمل وظيفي يحقق له الأمان الحياتي، القضية ليست قضية وظيفة بقدر الإحساس بالراحة والطمأنينة ، بمعنى أن تكون بيئة العمل صحية يقدر العاملون فيها ذلك الإنسان " رجلاً أو امرأة" بأنه حالة استثنائية ، يختلف كثيراً عن بقية الموظفين، له آراء خاصة تجاه أمور قد لا تتعلق بمجاله الوظيفي، لا يحب مطلقاً أن يدخل في صراعات الكراسي الوظيفية، بالطبع يرفض كل ممارسة سيئة في تحجيمه أو سلب حقوقه، إن مجرد إحساسه بالظلم أو الغبن يؤثر على عطائه الإبداعي، الأمثلة كثيرة للأسف لبعض الكتاب والأدباء الذين يكون حظهم وجودهم في مجتمع وظيفي لا يحترم الكلمة ولا يقدرها مطلقاً، وحتى لا أصل لمرحلة الفهم السيئ، أنا لا أطالب بالتسيب الوظيفي بحجة الأدب، بمعنى كوني أديباً أو كاتباً، أحضر للعمل متى أشاء وأغيب متى أشاء، بالعكس، مهم أن يكون هذا الكاتب أو الأديب قدوة، و لا يجعل الاستثناء هو الأساس، بل يجب أن يعرف كل من يعيش معه في بيئة العمل حين يكون فعلاً كاتباً وأديباً جاداً،بأنه يحق له أن يستثنى، وأكرر مع الدكتور القصيبي : الأدباء الموظفون أكثر إنتاجاً من المتفرغين، ومعالي الدكتور القصيبي شاهد حي على الحضور القيادي والدبلوماسي إضافة إلى الحضور الثقافي، ويكفي فخراً حرص ولاة الأمر على الثقافة والأدب ورعايتهم لجميع المثقفين والأدباء وتشجيعهم وتكريمهم في الجنادرية ومعارض الكتب وأغلب المناسبات الثقافية.