من سوء حظ الممثل محمد الصيرفي أنه -ومن دون رغبة- أصبح أول من يفضح زيف برامج (الكاميرا الخفية) على المستوى العربي بعد انتشار مقطع برنامجه الجديد "أصانصير 2009" والذي يدعو فيه ضيوفه إلى تمثيل الموقف وادعاء البكاء ومسح الدموع مستنسخين آلية عملهم التمثيلي كما اعتادوا في الدراما الخليجية والتي تتميز مشاهدها بالصراخ والبكاء. وجاء هذا المقطع المنتشر حالياً في مواقع الإنترنت المرئية ورسائل البريد الإلكتروني ليؤكد مدى تفاهة برامج الكاميرا الخفية وعدم احترامها لمتابعيها ومشاهديها ولتؤكد أيضاً صدق من تبنى فكرة ونظرية أن المقالب التي تصنعها برامج الكاميرا الخفية العربية إنما هي باختصار مشاهد تمثيلية تتم بإعداد مسبق مع ضيوف محددين ومعينين. محمد الصيرفي الذي سبق وأن نفى أن يكون برنامج (صادوه) يقوم على مشاهد تمثيلية مع الفنانين المستضافين في الأعوام الماضية, جاء مقطعه الجديد ليفتح ملف جميع برامج الكاميرا الخفية العربية والتي كانت تدور حولها الشكوك في مدى مصداقيتها. تاريخ برامج الكاميرا الخفية يعود إلى عام 1968 ميلادية والتي لم تكن في بدايتها ترفيهية وكوميدية بشكلها المعروف حالياً حيث كانت تقدم كفقرة ضمن البرنامج الشهير الأمريكي ( 60 دقيقة) لكشف الفساد والرشوة والنصب والإجرام في محلات الرهان واليانصيب والقمار، وتحولت الفكرة فيما بعد إلى برامج كوميدية. عربياً.. اشتهر المصري إبراهيم نصر في هذا النوع من البرامج وعرف بشخصية "زكية زكريا", ورغم نجاحه المتأخر إلا أن علامات الاستفهام تدور حول المواقف التي يقدمها, خصوصاً وأن غالبية ضيوفه من ذوي "الطبقة الفقيرة" بمصر, والذين يتم وضعهم في مواقف غريبة لا يمكن أن يحتملها أي شخص عادي, تصل إلى حد الضرب في بعض الأحيان, ومع ذلك يبقى الضيوف هادئين دون انفعال في تناقض مع طبيعة البشر التي تنفعل مع أي مؤثر غريب ومستفز, وهذا يفتح التساؤلات حول طبيعة مشاركة هؤلاء الضيوف في البرنامج: هل تمت بتنسيق مسبق معهم؟. أي أنهم ممثلون استغل البرنامج حاجتهم للمال فجعلهم البرنامج مادة مستهلكة لإضحاك المشاهدين؟. في كل الأحوال.. هذه متاجرة بأحلام البسطاء والمساكين, واستغلال بشع لحاجتهم, ظهرت في برامج إبراهيم نصر وفي غيرها من البرامج مثل "نجم المقالب" الذي حمل كثيراً من المقالب القاسية وبالذات في الجزء المصور في سوريا في حلقتي زهير عبدالكريم وسمير صبري. ومستوى القسوة التي تحملها من جهة, وضعف استجابة الضيف من جهة ثانية, تجعل المشاهد يشك في حقيقة هذه المواقف. ومحمد الصيرفي في مقطعه الأخير لم يشأ أن يطيل حالة الشك فقدم الدليل القاطع على أن أغلب هذه البرامج تمثيل في تمثيل, ولعل هذا سيتسبب في إلغاء القنوات لبرامجها المقررة في رمضان المقبل, لأنها فقدت المصداقية عند المشاهد العربي الذي سيجد العزاء في البرامج الغربية الأكثر صدقاً وعفوية من مثل Just For Laughs. ويمكن القول إن محمد الصيرفي دخل التاريخ بصفته الرجل الذي قضى على الكاميرا الخفية!.