انقلبت "أم علي" فور وصولها إلى الرياض وتحولت إلى "أبو علي" في حالةٍ طريفة تكشف عن تباين مستوى الحياة الاجتماعية بيننا وبين الأشقاء الكويتيين ، ففي المسرحية الكويتية التي ابتدأت عروضها مساء أمس السبت في مركز الملك فهد وتستمر حتى الأربعاء؛ تغيّر العنوان من مسرحية "أشباح أم علي" إلى "أشباح أبو علي" وتغيرت تبعاً لذلك الشخصيات وتم الاستغناء عن الممثلات وكل ذلك من أجل أن تصبح المسرحية موائمة لعادات وتقاليد المجتمع السعودي. ورغم أن من قامت بدور "أم علي" في النسخة الكويتية، هي الممثلة القديرة انتصار الشراح، المشهود لها بالمحافظة والرصانة والاحترام ، إلا أن وجودها على خشبات المسرح في الرياض يعتبر من المحرمات التي يستحيل تجاوزها بالنسبة لمجتمع لا يزال يتلمس طريقه في مجال المسرح الجماهيري. فالسعوديون –وهكذا يعتقد المنظمون للعرض- ليسوا مستعدين لرؤية ممثلة في مسرحية مفتوحة لكل الجمهور. هذا بالنسبة لانتصار الشراح ، فماذا يقال إذن عن الممثلة هند البلوشي التي كانت أيضاً إحدى بطلات النسخة الكويتية من المسرحية؟. الأسماء الرجالية التي أضيفت للنسخة السعودية من مسرحية "أشباح أم علي" لم تتجاوز الاسمين ، هما الممثل خالد البريكي والممثل عبدالإمام عبدالله ، ولا ندري هل هما بديلان فعلاً للممثلتين السابقتين وذلك لأن إحداهما كانت تؤدي في المسرحية الأصلية دور عشيقة؟. وبأي حال ، ليست هذه المرة الأولى التي يعالج فيها الفنانون الكويتيون مثل هذا الإشكال ، فقد سبق أن عرضت في الرياض مسرحيتين كويتيتين وكلاهما عاشت نفس الظروف واضطر صنّاعها للاستغناء عن الممثلات من أجل عيون الجمهور السعودي. وقد حصل هذا أولاً مع مسرحية "حاميها حراميها" للنجم الكوميدي طارق العلي حيث تم الاستغناء عن دور الفنانة هيا الشعيبي ودور الفنانة مي البلوشي. ثم تكرر ذلك مع مسرحية "الحاسة السادسة" وهي مسرحية كويتية أكملت عامها الثالث وقدمت على مسرح مركز الملك فهد الثقافي بالرياض ولكن بنسخة جديدة استبعد فيها العنصر النسائي تماماً وهو ما اضطر منتج وبطل المسرحية الفنان الكويتي عبد العزيز المسلم إلى تعديل خطوط القصة حيث تم تعديل دور الفنانة "مرام" –وهي إحدى بطلات النسخة الأصلية- وجعله مناسباً للفنان الكويتي عبدالرحمن العقل الذي حل بديلاً عنها. لكن النتيجة لم تكن مقنعة إلى ذلك الحد. وفي هذا يقول الممثل سعود الشويعي –وهو أحد أبطال المسرحية- أن المسرح لا يمكن أن يكون مقنعاً بهذا الشكل ودون مشاركة المرأة حيث قال "من خلال هذه المسرحية نسأل: هل نستطيع العيش في الدنيا بدون نساء، والإجابة لا يمكن ذلك ، وتبقى هذه تجربة". إذن فقد تحولت أم علي إلى أبو علي ، وانقلبت انتصار الشراح إلى عبدالإمام عبدالله ، وتغيرت مرام الجميلة إلى عبدالرحمن العقل ، بمجرد وصولهن إلى الرياض. وحُرم الجمهور السعودي نتيجة لذلك من رؤية المسرحيات الكويتية بنسخها الأصلية وبروحها الأصلية.