مشكلة خليج عدن قبالة سواحل الصومال تشكل تهديدا للأسرة الدولية..يجب التحرك بسرعة" قالها وزير الدفاع الياباني ياسوكازو حين طالبت اليابان بحريتها لتتأهب لانطلاق محتمل إلى قبالة السواحل الصومالية لحماية السفن والرعايا اليابانيين من القراصنة. لقد وسع القراصنة الصوماليون دائرة السطو على السفن التجارية في ممر يبدأ من خليج عدن وحتى المحيط الهندي حتى أصبح العالم يعيش تحت وطأة مشكلة عالمية، حيث هاجموا أكثر من 130 سفينة تجارية العام الماضي أي بزيادة 200% مقارنة بالعام 2007م حسب أرقام المكتب البحري الدولي ، في حين يرى مراقبون أن الحروب الداخلية والجوع والتهجير والفوضى السائدة التي تعيش تحت وطئتها الصومال؛ كانت أسبابا تقف خلف نمو القرصنة للحصول على الأموال التي لم يكن يتوقع الصوماليون الحصول عليها. وفي هذا التقرير نسلط الضوء على بداية القراصنة في الصومال، وعلى حادثة اختطاف ناقلة النفط العملاقة (سايروس ستار) وغيرها من الحوادث المشابهة، ومرورا بالمواقف الدولية تجاه هذا الخطر، وانتهاء بمبررات القراصنة التي دعتهم إلى الشروع للقيام بتلك الأفعال. عند الانهيار كانت البداية ذكر الباحث الصومالي محمد الأمين محمد الهادي أن ظاهرة القرصنة بدأت منذ انهيار الدولة الصومالية عام 1991م وسيطرة عصابات أمراء الحرب ومليشياتهم على أجزاء الصومال المختلفة، إلا أن هؤلاء لم يتمكنوا من السيطرة على أمن الدولة، حيث بدأت الحرب الأهلية المدمرة التي أتاحت لسفن الصيد الأجنبية لغزو شواطئها لنهب الخيرات في البحر. وكان الصيادون المحليون يشكون من أن شباكهم تتعرض للتدمير من قبل السفن العملاقة مما أثار المواجهة بين السفن الأجنبية والصيادين في المناطق القريبة فنشأت لديهم الرغبة بالانتقام فحاولوا مطاردة هذه السفن باستخدام الزوارق السريعة والبنادق. وكانت أول محاولة قرصنة قبالة السواحل الصومالية في عام 1995م حيث أطلقت المليشيات قذائف هاون على يخت بريطاني اسمه (لونجو باردا) بخليج عدن، وفي عام 1998م استولت ميلشيات في شمال شرقي الصومال على سفينة بلغارية مربوطة بأخرى سورية، وتم الإفراج عن الطاقم والسفينة مقابل 110000 دولار، وفي عام 2005م أشارت بعض الدراسات إلى نحو 700 سفينة صيد أجنبية تقوم بالصيد غير المشروع في المياه الصومالية، وقدر مسؤول في الأممالمتحدة أن عمليات الصيد غير المشروع فيها تدر قرابة 300 مليون دولار سنويا، حيث انه منذ ذلك العام ارتفع معدل القرصنة بشكل ملحوظ. حوادث القرصنة في نهاية العام الماضي استيقظ العالم على حادثة خطف ناقلة النفط العملاقة (سايروس ستار) التابعة لشركة أرامكو السعودية، والتي كانت تصل حمولتها إلى مليوني برميل من النفط الخام، إلا أن الضغوط الدولية وضعت حدا لتلك الأزمة، فبعد قرابة الشهرين من اختطافها أطلق القراصنة سراحها بعد أن تنازلوا عن الفدية التي كانوا يطالبون بها في بداية الاختطاف وهي 25 مليون دولار إلى 3 ملايين دولار. ومؤخرا في الشهر الحالي نشطت عمليات القرصنة قبالة السواحل الصومالية حيث ان سفينة بلجيكية وقعت في قبضة القراصنة هناك، وكان طاقم السفينة يتألف من عشرة أشخاص هم قبطان هولندي وبحاران بلجيكيان وثلاثة فيلبينيين وأربعة كروات، وفي حادثة أخرى أعلن حلف شمال الأطلسي أن قراصنة صوماليون قد اختطفوا سفينة شحن جديدة في خليج عدن لتكون رابع سفينة يتم اختطافها في يومين، فالسفينة اللبنانية (أم في سي هورس) والتي كانت ترفع علم توغو تم اختطافها من قبل القراصنة بعد هجومهم عليها، كما احتجزوا 22 بحارا فلبينيا كانوا على متن سفينة الشحن اليونانية (إيريني) والتي كانت ترفع علم سانت فينسنت وجزر غرينادين وكانت تاسع سفينة يتم اختطافها منذ مطلع الشهر الحالي. وأما (مايرسك ألاباما) السفينة الدنمركية فقد تعرضت للخطف مؤخرا واستمر القراصنة في احتجاز قبطانها، وكانت السفينة على متنها 20 أميركيا، إلا أن طاقمها تمكن بعد بضع ساعات من استعادة السيطرة على الوضع. الجهود الدولية تلك الحوادث وغيرها حدثت بداية العام الحالي وزادت وتيرتها خلال الشهر الحالي، ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون إلى مبادرة لمكافحة ظاهرة القرصنة أمام السواحل الصومالية، كما شددت على أهمية دعم الحكومة الصومالية الجديدة لتحقيق الأمن والاستقرار في أراضيها. ومن جانب آخر فقد عقدت مجموعة الاتصال الدولية المعنية بمكافحة ظاهرة القرصنة قبالة السواحل الصومالية اجتماعها الثاني بالقاهرة مؤخرا بمشاركة 28 دولة من بينها المملكة والإمارات ومصر وسلطنة عمان وأميركا وفرنسا والصين والهند وألمانيا واليابان والنرويج وروسيا، وقررت تلك الدول ودول أخرى توحيد جهودها لمواجهة خطورة ظاهرة القرصنة في المحيط الهندي وجنوب البحر الأحمر وقبالة سواحل الصومال وانبثقت عنه أربع مجموعات عمل بدأت عملها وهي: •مجموعة البحث في التنسيق وتبادل المعلومات العسكرية والمدنية والآراء الخاصة بالتحركات في منطقة المحيط الهندي قبالة السواحل الصومالية سواء على الجانب التجاري أو على جانب عمليات السفن العسكرية. •المجموعة الثانية تختص بدراسة الجوانب القانونية لهذه الظاهرة. •المجموعة الثالثة اختصت بالجوانب الفنية لعملية الملاحة التجارية وأفضل التدابير التي ينصح أن تنتهجها الملاحة التجارية الدولية حماية لها. •المجموعة الرابعة تختص بدراسة أوجه الدبلوماسية العامة وزيادة الوعي الدولي والإقليمي والوطني بهذه الظاهرة. وفي يناير من العام الحالي عقدت اجتماعات المنظمة البحرية الدولية في جيبوتي لمناقشة مذكرة تفاهم أعدتها المنظمة حول مكافحة القرصنة أمام السواحل، والمذكرة تنص على التعاون الدولي في مجال مكافحة ظاهرة القرصنة، وهي مبنية على القواعد والأسس القانونية التي تبنى عليها مكافحة القرصنة، وهي اتفاقية (قانون البحار) وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما تنص على مسألة الاختصاص القضائي فيما يتعلق بمحاكمة القراصنة وتعقبهم وإلقاء القبض عليهم. هل أصبحت تقليعة؟ هاجم مسلحون يستقلون زوارق سريعة ناقلة نفط تحمل 4000 طن من وقود الديزل قبالة سواحل نيجيريا وخطفوا رومانيا من أفراد الطاقم وألحقوا أضرارا بالناقلة. والناقلة تعرضت للهجوم في ممر بوني الملاحي قبالة منطقة دلتا النيجر المنتجة للنفط وهو ممر كثيرا ما تستخدمه سفن الخدمات النفطية. ويذكر أن الهجوم هو الأحدث قبالة دلتا النيجر حيث توجد أكبر صناعة للنفط والغاز في أفريقيا، وأدى غياب الأمن في المنطقة إلى انخفاض إنتاج نيجيريا من النفط بمقدار الخمس السنوات الأخيرة. المهاجمون: لسنا قراصنة ويقبع في السجن المركزي بعدن في اليمن 22 صوماليا متهمون بالقرصنة، وقدم 12 منهم للمحاكمة..وقال زعيم المجموعة أحمد عبدالله موسى :" لسنا قراصنة" وأوضح بأنهم يدافعون عن بلدهم وأن هناك سفناً ترمي النفايات السامة في مياههم الإقليمية..وأضاف:"نحن نحاول وقف أعمال تلك السفن" وقال:"البحر أصبح فارغا من الأسماك" وأكد أن من واجبهم الدفاع عن السواحل الصومالية لعدم وجود حكومة محلية. فيما أكد بعض القراصنة في الصومال أن وباء بدأ بالانتشار بين الأهالي في الصومال مؤخرا، وأكدوا بأن الناقلات والسفن الأجنبية المحتجزة كانت السبب في انتشاره بالمواد والنفايات السامة التي تلقيها بالبحر، وهذا الوباء يتمثل في تشوهات جلدية في أجساد المصابين به. يبدو أن ظاهرة القرصنة قبالة السواحل الصومالية قد ألقت بظلالها على الصوماليين والمجتمع العالمي بأسره، ولهذا فهي تحتاج إلى وعي عالمي بمأساة ذلك الشعب، ومساعدته على أن يكون بلدا مستقرا، والبداية تكون بتعاون دولي لمكافحة القرصنة.