جماهير الهلال والنصر يا أسود يا أبيض. لا يمنحوك فرصة التعبير عن رأيك. يضعونك دائما في منطقة الجزاء الحساسة. لا يهمهم حيادك حتى لو كنت خبيراً جوتيمليا لا صلة لك بصراع شارع الظهيرة مع شارع الخزان. يصادرون معرفتك ثم يضغطونك حتى تتحول إلى مشجع مدرجات لحظة تسديد بنالتي. هذا ما حدث لي عندما تحدثت عن مصير النصر في مقالي يوم الاثنين الماضي. سمعت من يقول إني نصراوي تقوده أحلام اليقظة وآخر رأي في شخصي واحدا من بقايا مشجعي الظهيرة الحاقدين على النصر أيام بطش محمد سعد بالهلال. مازلت أتذكر هذا اللاعب العملاق وهو يسحب مدافعي الهلال. ولكن هذا لم يدم إلى الأبد . أخذ لاعبوا الهلال ينتقمون من النصر. لا ينسى أحد تسحيبات الثنيان وأهداف ريفوا (المدرعات) وتقليبات منصور بشير. الصراع بين الهلال والنصر حياة وموت. أعرف أسبابه.دعونا منها. عندما أتأمل في هذا الصراع يطوف بي هاجس ثقافي. أشعر أن الكورة أفضل وأسهل مكان تقاس فيه التعصبات والعقائد المتنوعة. كيف ينمو الإنسان على التعصب لفريق ويبقى على ولائه حتى آخر يوم من حياته. لماذا لا يغير المرء فريقه إذا تلقى هزائم. لماذا يصر ويكابر ويبكي ويتمنى ويكره ويبرر ويتهم . لماذا لا يضع نفسه مع المنتصرين. المسألة كورة في كورة. لا شيء حقيقياً اسمه هلال أو نصر أو اتحاد , إذا قارنا بين الهلال اليوم والهلال أيام ابن عمر والطعيمي فلن نجد أي شيء مشترك سوى الاسم والشعار واللون الأزرق. كل هذا الهيلمان على مسائل رمزية يمكن أن تمحى في لحظة بقرار من اتحاد كرة القدم. الهلال الذي كان في الفترات السابقة اختفى من الوجود. لماذا نتمسك برموز ونمحضها كل هذا الولاء. استغرب كثيرا. اجلس وتأمل في ميولك الرياضي. فريقك يحدد أصدقاءك ويحدد علاقاتك في العمل ويحدد نظرتك حتى للألوان. الإنسان المتعصب لا ينظر إلى نفسه سواء كان متعصباً رياضياً أو متعصباً دينياً أو قومياً. تأمل في الأقليات. خذ السيخ كمثال. خمسة عشر مليوناً انتزعوا أنفسهم من الأكثريات الهندية وشكلوا ديناً جديدا هو خليط من الإسلام والهندوسية وربما من أديان أخرى. تاريخ الجماعة الديني لا يشوبه غيبيات تحفر في مخاوف الإنسان الأساسية.لا يوجد تهديد مصيري يفرض عليه التزام كلام الطائفة حتى لا يلقى به في نار. يعرف أن تعصبه تاريخي لا غيبي. كيف يضع روحه فداءا لمجموعة أفكار اخترعها غيره. دعك من الامعات الذين يلقى بهم كالخوص لتأجيج الفتن. هناك مثقفون يكاد ثقل التعصب يمزق قلوبهم. دفء الانتماء إلى مجموعة يسهم بشكل كبير في إشعال التعصب ولكنه لا يكفي وحده لتفسير الظاهرة. لا أود أن أخوض كثيرا في موضوع شائك كهذا وأنا أتحدث عن الهلال والنصر لكني أنصح الذي ينصب نفسه حكيما ويدعو الشباب الكف عن التعصب في الكورة أن يراجع تعصباته أولاً فالمثل يقول: سعيد أخو مبارك.